تصاعدت وتيرة التصريحات المتبادلة بين إيران وإسرائيل خلال الأيام الأخيرة، وسط تقارير دولية تُشير إلى اقتراب "جولة ثانية" من المواجهة العسكرية بين الجانبين، بعد أسابيع من الهدوء النسبي الذي أعقب وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه واشنطن.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طلب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منحه "الضوء الأخضر" لتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران، في حال واصلت طهران تطوير برنامجها النووي، مشيرة إلى أن ترامب "لا يعارض" الخطط الإسرائيلية، لكنه يفضل مواصلة الضغط عبر القنوات الدبلوماسية لتجنب تصعيد عسكري جديد في المنطقة.
وتأتي هذه التطورات في وقت يُعيد فيه الطرفان تقييم مواقفهما بعد جولة سابقة من التصعيد العسكري، أدت إلى ضربات متبادلة طالت منشآت نووية ومواقع عسكرية في إيران، وردود صاروخية استهدفت العمق الإسرائيلي، إلى جانب تدخل محدود للقوات الأمريكية.
الصراع والحرب النفسية
فيما دخلت الصين على خط الصراع والحرب النفسية بين إيران وإسرائيل، حيث أبلغ وزير الخارجية الصيني، وانج يي، نظيره الإيراني اليوم الأربعاء، أن بلاده ستواصل دعم إيران في حماية سيادتها الوطنية وكرامتها، مؤكدًا معارضة الصين لما وصفه بـ"سياسات الهيمنة والاستقواء"، وذلك في وقت تتصاعد فيه التوترات الإقليمية عقب جولة من المواجهات العسكرية بين إيران وإسرائيل.
وفي بيان صادر عن وزارة الخارجية الصينية، شدد وانج على أهمية التزام طهران بعدم تطوير أسلحة نووية، مع احترام حقها في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، مؤكدًا أن بكين مستعدة للعب دور بناء في تسوية الملف النووي الإيراني والحفاظ على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
يأتي ذلك بعد أيام من وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، حيث زار وزير الدفاع الإيراني عزيز نصر زاده الصين، للمشاركة في اجتماع وزراء دفاع الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون، وعقد لقاءات جانبية مع مسؤولين عسكريين صينيين، وسط اهتمام إيراني بشراء المقاتلة J-10C.
وكشفت مصادر إعلامية أن إيران تلقت شحنة بطاريات صواريخ أرض جو من الصين لإعادة بناء أنظمة دفاعية عقب الصراع الذي استمر لمدة 12 يومًا مع إسرائيل، وفقًا لتصريحات أوردتها وكالة أنباء "مهر" الإيرانية.
وفي ظل الحديث عن تعاون عسكري متنامٍ بين بكين وطهران، سارعت الحكومة الصينية إلى نفي التقارير التي أشارت إلى تسليمها أنظمة دفاع جوي لإيران، أو إرسالها معدات تُستخدم في تصنيع الصواريخ، مؤكدة التزامها بوقف تصدير الأسلحة إلى الدول التي تعيش حالة حرب، وفرضها رقابة صارمة على المواد ذات الاستخدام المزدوج.
إلا أن التقارير الغربية أشارت إلى وجود مؤشرات دعم عسكري صيني خلال المواجهات الأخيرة بين طهران وتل أبيب، حيث رُصدت طائرتا شحن صينيتان ضخمتان توجهتا إلى إيران، وأغلقتا إشارات التتبع الجوي لدى دخول المجال الجوي الإيراني.
وكانت إسرائيل شنت في 13 يونيو حملة قصف استهدفت مواقع عسكرية ونووية داخل إيران، وأدت إلى مقتل قادة عسكريين وعلماء نوويين، في حين ردت طهران بإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة على أهداف إسرائيلية، وشهد النزاع تدخلًا أمريكيًا مباشرًا، حيث استهدفت غارات أمريكية موقع تخصيب اليورانيوم في فوردو، ومنشآت في أصفهان ونطنز، لترد إيران بقصف قواعد أمريكية في قطر والعراق دون تسجيل إصابات.
وفي 24 يونيو، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الطرفين، بعد تصعيد كاد يشعل حربًا شاملة في المنطقة.
الملف النووي الإيراني يعود للواجهة
وقد أدى هذا التصعيد إلى تجميد المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن، التي بدأت في أبريل بهدف إعادة إحياء اتفاق 2015، وتظل مسألة تخصيب اليورانيوم العائق الأكبر في تلك المحادثات، إذ تصر إيران على حقها في التخصيب، بينما تعتبر واشنطن هذا الأمر "خطاً أحمر".
وتُعد إيران الدولة الوحيدة غير النووية التي تخصب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رغم أن سقف التخصيب المحدد في اتفاق 2015 كان 3.67% فقط، ويُشار إلى أن تصنيع سلاح نووي يتطلب تخصيب اليورانيوم بنسبة 90%، ما يثير مخاوف أوروبية وأمريكية متجددة