EN 
تسعى الدولة المصرية لزيادة حصيلتها من النقد الأجنبي وعلى رأسها الدولار، في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، وتداعياتها على الاقتصادات الناشئة، وطرحت الدولة في إطار ذلك العديد من المبادرات لجذب المزيد من الدولارات، بعد أعقاب جائحة فيروس كورونا وأزمة الحرب الروسية الأوكرانية، حيث أوضحت البيانات الرسمية المعلن من قبل البنك المركزي المصري ان تحويلات المغتربين تعد أكبر مصدر للعملة الأجنبية في مصر.
التجنيد للمصريين بالخارج
وقال طارق فايد، نائب رئيس اتحاد بنوك مصر ورئيس بنك القاهرة، إن مصر استقبلت قرابة 13 مليار دولار من التحويلات المالية للمصريين في الخارج في أول 6 أشهر من العام الجاري 2023، مشددًا على أهمية تلك التدفقات في توفير النقد الأجنبي للدولة المصرية.
وأعلنت وزارة الخارجية عن تلقى طلبات المواطنين الراغبين في الاشتراك مبادرة تسوية المواقف التجنيدية بشكل نهائي للمواطنين المصريين المقيمين بالخارج ممن حل عليهم الدور في سن التجنيد عبر الموقع الالكتروني الجديد المخصص لذات الغرض والذي تم تدشينه مؤخرا، لتلقى طلبات المواطنين الراغبين في الاشتراك بالمبادرة، وذلك اعتبارا من ٢٠٢٣/٨/١٤ ولمدة ثلاثين يوماً:
وأكدت وزيرة الهجرة، أن الوزارة لم تضع المبلغ الدولاري الخاص بالتسوية التجنيدية لمبادرة تسوية الموقف التجنيدي للمصريين بالخارج، بل الجهات المعنية هي التي وضعته، مؤكدة أن الوزارة نقلت كل التعليقات الخاصة بارتفاع بالمبلغ الدولاري على الفئة الطلابية من المصريين بالخارج للجهات المختصة.
منح الجنسية للأجانب
كان قد أصدر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قرارا بتعديل الشروط والإجراءات المالية لمنح الجنسية المصرية للمستثمرين الأجانب مقابل شراء المنشآت أو الاستثمار في الشركات أو إيداع مبالغ مالية بالدولار، متضمنة تسهيل تلك الشروط بشكل ملحوظ، سعيا لجذب المزيد من العملة الصعبة.
ونشرت الجريدة الرسمية القرار برقم 876 لسنة 2023 بتعديل قرار رئيس الوزراء رقم 3099 لسنة 2019 بشأن تنظيم حالات الجنسية المصرية للأجانب والذي صدر في ديسمبر 2019 وبناء عليه تم منح الجنسية المصرية لعدد من المستثمرين ورجال الأعمال، وينص القرار على تخفيض المبلغ المطلوب من 500 ألف دولار إلى 300 ألف دولار، ولم يعد يُشترط تحويل المبلغ من الخارج، فأصبح من الجائز أيضا أن يسدد المبلغ من داخل مصر بشرط سابقة دخوله من منفذ جمركي وأن يكون قد تم إثباته.
كما يتيح القرار تقسيط هذا المبلغ خلال سنة، مع منح المشتري وثيقة إقامة للسياحة خلال تلك الفترة، ومن ثم منحه الجنسية بعد سداد المبلغ بالكامل.
وبالنسبة للحالة الثانية والتي تتمثل في إنشاء أو المشاركة في مشروع استثماري، فينص القرار على أن يكون ذلك بمبلغ 350 ألف دولار مع إيداع مبلغ 100 ألف دولار كإيرادات مباشرة لا ترد، وسواء كان المبلغ محولا من الخارج أو أن يكون قد دخل عبر منفذ جمركي.
أما الحالة الثالثة والخاصة بمنح الجنسية مقابل الوديعة المباشرة، فينص بشأنها القرار على إيداع مبلغ 500 ألف دولار سواء بتحويل بنكي أو من الداخل مع إثبات دخول المبلغ من منفذ جمركي، على أن تكون الوديعة لمدة 3 سنوات فقط تسترد بعدها بسعر الصرف المعلن وقتها بدون فوائد.
وكانت هذه الحالة في السابق تشترط إيداع مبلغ 750 ألف دولار من الخارج كوديعة لمدة 5 سنوات، أو إيداع مليون دولار كوديعة لمدة 3 سنوات.
أما بالنسبة للحالة الرابعة والخاصة بمنح الجنسية مقابل إيداع إيرادات مباشرة لصالح الخزانة العامة ولا ترد، فبقي المبلغ كما هو 250 ألف دولار، مع إمكانية سداده من الخارج أو من الداخل مع إثبات دخوله من منفذ جمركي.
معاش بالدولار
أطلقت شركة مصر لتأمينات الحياة، بالتعاون مع البنك الأهلي المصري، أول وثيقة معاش بالدولار، تحت اسم "معاش بكرة بالدولار"، وهي أحدث وثيقة تأمين تصدرها شركة مصر لتأمينات الحياة، للمواطنين المصريين في الخارج الذين يرغبون في الحصول على معاش شهري بالدولار، بحيث توفر الوثيقة حماية تأمينية بالإضافة إلى مميزات استثمار ادخارية لتحقيق مستقبل آمن بعد التقدم في العمر والوصول إلى سن المعاش.
والحد الأدنى لقسط التأمين الوحيد هو 500 دولار أميركي، والحد الأقصى 10 آلاف دولار لكل وثيقة خلال العام، ويمكن إضافة أقساط بحد أدنى 50 دولارا لكل قسط بغرض زيادة المعاش المستحق على ألا تتعدى إجمالي الأقساط المدفوعة 10 آلاف دولار خلال العام الواحد.
كما تتميز الوثيقة بفرصة للزيادة من خلال إجراء سحب نصف سنوي؛ والجائزة هي زيادة قدرها 75 بالمئة من مبلغ الدفعة الواحدة أو الدفعات الشهرية المضمونة؛ ويتم دفع مبلغ الجائزة عند تاريخ الاستحقاق طبقاً للشروط الأساسية المتفق عليها.
شركة للمصرين بالخارج
أكدت وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، حرص الدولة على جذب استثمارات المصريين بالخارج، لذا عكفت على إنشاء شركة المصريين بالخارج للاستثمار، والتي تأتي ضمن أحد طلباتهم، ويديرها بالكامل المصريون بالخارج من المستثمرين أصحاب الخبرات المتميزة في مجالات المال والأعمال، والذين يديرون شركات عالمية حققت نجاحًا في السوق المصري، ويتلخص دور الوزارة في تقديم الدعم والمساندة والتنسيق مع جهات الدولة لتقديم الدعم للشركة، مضيفة أن عدد المؤسسين يبلغ 10 مستثمرين، وقامت الوزارة بإبلاغهم بالشركات التي قامت الدولة بالتخارج منها ومجالات الاستثمار الواعدة على أرضها.
تذاكر القطار بالعملة الصعبة
كان المهندس كامل الوزير، وزير النقل، أكد في تصريحات له في ديسمير 2022، أنه من المقرر تطبيق تحصيل تذاكر القطارات بالدولار واليورو من الأجانب، موضحا أن هناك حوالي 1023 مواطنا قاموا بسداد تذاكر القطارات بالعملة الصعبة خلال الأيام الماضية، في إطار جهود وزارة النقل للتعامل بالدولار في حجز تذاكر القطارات للأجانب للمساهمة في توفير النقد الأجنبي من الدولار واليورو لمصر.
وطبقت هيئة السكك الحديدية، التابعة لوزارة النقل، منذ بداية أغسطس الجاري، تعريفة منفصلة لركاب القطارات المكيفة، من العرب والأجانب بالدولار لأول مرة في تاريخ الهيئة، حيث أوضح المسئول الحكومي، أن اتجاه الدولة لبيع التذاكر بالدولار، يهدف لتوفير العملة الصعبة التي تمكن الحكومة من شراء التزاماتها من قطع الغيار، وسداد جزء من القروض الممولة لصفقات العربات والجرارات الجديدة التي تم الحصول عليها خلال السنوات الماضية.
شهادات دولارية
تم طرح مؤخراً شهادات دولارية في السوق المصرية من قبل البنك الأهلي المصري وبنك مصر، والتي تعد من أفضل الأوعية الادخارية الدولارية عالميًا من حيث معدل العائد، حيث تُقدم فوائد متنوعة وفقًا لمدة الشهادة.
ويقدم البنك الأهلي شهادة "الأهلى فورًا" الدولارية، وهي شهادة مدتها 3 سنوات ذات عائد سنوي 9%، بفئة 1000 دولار أمريكي ومضاعفاته، يصرف مقدمًا بالمعادل بالجنيه المصري عن الفترة كلها بواقع 27% من قيمة الشهادة وتسترد قيمة الشهادة في تاريخ الاستحقاق بالدولار الأمريكي.
كما يقدم الشهادة الدولارية «الأهلى بلس»، وهي شهادة مدتها 3 سنوات ذات عائد سنوي 7%، بفئة 1000 دولار أمريكي ومضاعفاته، يصرف العائد ربع سنويًا بالدولار الأمريكي، ويمكن بموجبها الحصول على قرض حتى 50% من قيمتها بالجنيه المصري بحد أقصى 10 مليون جنيه بفائدة 2.25% أقل من سعر إقراض البنك المركزي.
وتقدم شهادة القمة الدولارية في بنك مصر، عائد 9% سنويًا، وهي شهادة تصدر للمصريين والأجانب، بفئة 1000 دولار أمريكي ومضاعفاتها، ويصرف العائد مقدمًا للثلاث سنوات (27%) تراكمي بالجنيه المصري، ويبدأ تاريخ إصدار الشهادة بداية من يوم العمل التالي للإيداع ويعتبر أساس العائد والاسترداد، ويتم استرداد الشهادات بالدولار الأمريكي طبقًا للشروط والأحكام المنظمة لذلك.
أما الشهادة الثانية، هي شهادة إيليت الدولارية بعائد 7% سنويًا، وهي شهادة للمصريين والأجانب بفئة 1000 دولار أمريكي ومضاعفاتها، ويبدأ تاريخ شهادة إيليت الدولارية بداية من يوم العمل التالي للإيداع ويعتبر أساس العائد والاسترداد، ويتم صرف العائد ربع سنوي بالدولار الأمريكي، طبقاً للشروط والأحكام المنظمة لذلك، وأعلن بنك مصر أنه يمكن لحاملي شهادة إيليت الدولارية، الإقتراض بالجنيه المصري وحتى 50% من القيمة الاستردادية للشهادة وبحد أقصي 10 مليون جنيه، ويتم استرداد الشهادات بالدولار الأمريكي طبقًا للشروط والأحكام المنظمة لذلك.
مبادرة السيارات
أطلقت وزارة المالية في وقت سابق ، مبادرة "تيسير استيراد سيارات المصريين في الخارج"، والتي تقوم على إعفاء السيارات المستوردة من الضرائب والرسوم مقابل وديعة في البنك المركزي بالعملة الأجنبية لمدّة 5 سنوات، تسترد بعدها بالجنيه المصري بسعر صرف وقت الاسترداد، وكانت تستهدف منها جمع ما يصل إلى 2.5 مليار دولار.
في هذا الصدد قال أبوبكر الديب الباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي ومستشار المركز العربي للدراسات ، إن هذه المبادرات تأتي في اطار مبادرات سابقة للحكومة لزيادة تحويلات المصريين بالخارج، والتي سجلت 13 مليار دولار في أول 6 شهور من العام 2023 ، وأن هذه الخطوة التي تأتي تحت شعار "معاش بكرة" تأتي اضافة لتحفيز العاملين المقيمين بالخارج على زيادة التحويلات الدولارية، لدعم الاحتياطي النقدي الاجنبي بالبنك المركزي، وتأمين احتياجات مصر من الواردات وسداد المستحقات، كما أنها توفر الحماية الاجتماعية من خلال توفير معاش إضافي للمستفيدين منها وصرفه بالدولار.
وأضاف أبو بكر الديب خلال تصريحات لــ"صدى البلد" أن مصر تحتل المركز الخامس كأكبر متلقٍ للتحويلات الخارجية عالميا، وفقا لتقرير البنك الدولي في 2022 حيث وتمثل تحويلات المصريين بالخارج نسبة 7.8 % من الناتج القومي الإجمالي لمصر عام 2021 لذا فهي مهمة للغاية وتدعم الاحتياطي النقدي الاجنبي بشكل كبير، وبالتالي تفكر الحكومة في تنميتها عبر وثيقة هي الاولي من نوعها في الدولة المصرية.
وأردف: وحسبما أعلن رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية بمصر، محمد فريد صالح، يكون بدء الاكتتاب لشراء الوثيقة للمصريين بالخارج بالدولار، بهدف توفير التغطية التأمينية للمعاش، وحالات العجز الكلي والجزئي، وكذلك الادخار، على أن يتم الاكتتاب وصرف التعويضات من خلال عمليات مميكنة رقمية لضمان وصول المستحقات لمشتركي الوثائق.
واستكمل أبو بكر الديب - وتضاف هذه الخطوة لمبادرات أخري سابق لتشجيع المصريين العاملين في الخارج على تحويل أموالهم، من بينها مبادرة "استيراد سيارات المصريين بالخارج"، ومبادرة "الإعفاء الجمركي على واردات الذهب"، وكذلك "تحفيز المصريين في الخارج على فتح حسابات دولارية"، و"إصدار شهادات دولارية بعائد تنافسي كبير"، كما امتدت إلى "تسوية أوضاع من سافر للخارج دون أداء الخدمة العسكرية الإلزامية التجنيدية مقابل مبلغ يتم دفعه بالدولار أو اليورو"، وتخطط الحكومة المصرية لإنشاء الشركة الاستثمارية للمصريين في الخارج، وإطلاق مظلة للحماية الاجتماعية والتأمينية، لتشمل جميع أوجه الرعاية لهم، وهي خطوة مهمة لكنها لاتغني عن دعم الصناعة والزراعة والاستثمار والانتاج لزيادة الصادرات وجذب عملات صعبة لتغطية الفجوة الدولارية
من جانبه قال أحمد معطي الخبير الاقتصادي، إن الدولة المصرية قد اتخذت العديد من الاجراءات لتوفير الدولار، مثل مسألة التجنيد للمصرين بالخارج ، ومنح الجنسية المصرية مقابل الدولار، فضلاً عن طرح الشهادات الدولارية لتوفير العملة الصعبة في وقت قياسي قدر المستطاع.
وأضاف الخبير الأقتصادية لــ"صدى البلد" أن الدولة المصرية تعمل بالتوازي على أمور أخرى، مشيراً إلى متابعة مصر للمشاريع القومية التي تقوم بها بدون توقف، فضلاً عن تشجيع الاستثمار الاجنبي والمحلي، وتيسير الامور في الاجراءات، وكذلك الحوار الوطني الذي تجرى مناقشته حالياً لايجاد حلولاً من قبل الجميع ، وايضاً الاجراءات الاستثنائية التي تقوم بها الدولة مثل المبادرات التي توفر العملة الصعبة للبلاد، مؤكداً أن الدولة المصرية تحاول حل المشكلة ، وجذب الاستثمارات وتوفير العملة الصعبة بكافة الطرق المتاحة.
