الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الأزهر ينظم «وقفة تضامنية» داعما للشعب الفلسطيني.. صور

الأزهر
الأزهر

نظم الأزهر الشريف «وقفة تضامنية» داخل مشيخة الأزهر الشريف، لدعم حقوق الشعب الفلسطيني ضد الكيـ.ـان الصهيـ.ـوني المحتل؛ واحتجاجًا وإدانة لجرائم الكيـ.ـان المُحتـ.ـل ضد الشعب الفلسطيني.

 

 

 

 

وأصدر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، بيانا مهما حيث يعاني الشعب الفلسطيني منذ ما يقرب من قرن من الزَّمان إرهـابًا مُمنهجًا واضطهـادًا وتهجيـرًا وقهـرًا وإبادة وحشيَّة على يدِ مُحتـل غاصب، يضرب بالقوانين الدولية والحقوق الإنسانية عرض الحائط، ويحظى بدعم عالميّ استقوائيّ فاشيّ ازدواجيّ المعايير.

القضية الفلسطينية

▪️لا زال شعـب فلسطين بصموده وإبائه وتشبثه بأرضه -رغم مخاطر القصـف الصهيـوني الغاشم- يضرب أروع الأمثلة في البطولة، ويضع العالم الصامت المُتخاذل أو الداعي الداعم لهذه الجرائم في مأزق إنساني وأخلاقي كبير، ويزيح عن وجهه الكريه وشاحَ الإنسانية المزعوم المكذوب.

وقال:«مستوطنـو الأرض المُحتلـة من الصهاينـة لا ينطبق عليهم وصف «المدنييـن»، بل هم محتلـون للأرض، مغتصبون للحق، مُتنَكِّبُون لطريق الأنبياء، معتدون على مقدسـات مدينة القـدس التّاريخية بما فيها من تراث إسلاميّ ومسيحيّ.

وبين أن ما ينفذه الكيـان الصهيـ.ـوني الآن من مجـ.ـازر وحشيّـ.ـة في حقّ الشعـب الفلسطينـي جريمة حـ.ـرب مكتملة الأركان، سيحاسَب عليها عاجلًا أو آجلًا، وسيكتب التاريخ أسماء من ارتكبوا هذه الجرائم وحرضوا عليها ودعموها بمزيد من الخِزي والعار.

وأضاف: ما ينفذه الاحتــلال في غـ.ـزة من استهداف المشافي وفرق الإنقاذ والنازحين، ومنع وصول المرافق والمساعدات الإغاثية إليها -تحت سمع وبصر العالم- جرائــم إنسانية تفضح بشاعة هذا الإرهــاب الصهيونـي الخسيس، وبشاعة وأطماع من يدعمه ويؤيده من دول العالم.

▪️ترويج الآلة الإعلامية الأمريكيــة والغربيـ.ـة أكاذيب الاحتـ.ـلال يُعدَّ شرعنة لمذابحـ.ـه الدمويـ.ـة ضد أطفال الشعـ.ـب الفلسطينـ.ـي، وتحريضًا على جرائم الكراهيـ.ـة ضد الفلسطينيـ.ـن والمسلمين في العالم.

▪️يتناسى العالم عمدًا أن الكيـ.ـان الصهيونـ.ـي المُحتَل جمرة خبيثة في قلب الأمة الإسلامية والعربية، والقوى المحتلـ.ـة -بحسب المواثيق والقوانين الدولية- لا حق لها في أرض ولا مقدرات ولا مقدسـات، وردُّ عدوانها مقاومـ.ـةٌ مفروضةٌ ضد الظلم والقهر والطُّغيان.

▪️عمليـ.ـات المقاومـ.ـة الحالية حلقةٌ جديدة من سلسلة نضــال شعــب فلسطيـ.ـن ضد إرهــاب الكيــان الصهيــوني المحتـل الغاصب، وجزءٌ صغير من رد عدوانه التاريخي البشع على المقدســات والأرض والشعب الفلسطينــي، بلغة القوة التي لا يفهم الصهاينــة غيرها.

▪️على الداخــل الفلسطينــي أن يحتشد صفًّا واحدًا في وجه هذا الاحتـ.ـلال البغيض، وأن يستمسك بقضيته العادلة دون أن تُرهِّبَه آليات الاحتـ.ـلال أو سياساته الهشَّة الدَّنيَّة، والتي سيئول مصيرها حتمًا إلى زوال.

▪️لن تستطيع الأنظمة الأمريكيـ.ـة والغربيـ.ـة خداع الشعوب الإسلامية والعربية بعد أن سقط قناع إنسانيتها الكاذب وتسامحها المزعوم، وبعد أن فُضِحت حقيقة كراهيتها لهم، ورغبتها في إفشالهم وتفريقهم من خلال مواقفها الأخيرة ضد القضيـ.ـة الفلسطينيــة العادلة.

▪️تبين من خلال أحداث فلسطيــن الجارية حجم الزّيف والتّزوير والتضليل والقمع الإلكتروني الذي تمارسه مواقع التواصل الاجتماعي ضد مستخدميها المُستنكرين لاعتداءات دولة الاحتلال على شعب فلسطين المكلوم، بما يهيل التراب على مزاعمها الكاذبة حول مهنيتها واستقلاليتها وكفالتها لحق الشعوب في حرية التَّعبير.

ولفت على الشعوب العربية والإسلامية ألا يتركوا إخوتهم من أبناء الشعب الفلسطيني وحدهم، وأن يدعموهم وينصروهم بما استطاعوا، كلٌ على حسب استطاعته وموقعه وتأثيرة.

وتابع: إلى فلسطين الأبية وقُدسنا المبارك، {وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 104]
مع العسر يأتي من الله اليسر، وكيان الاحتلال إلى زوال، وعُمر الشهداء أطول من أعمار قاتليهم، ووعد الله حق، ونصره آتٍ،{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ ۝ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ ۝ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ}. [الصافات: 171: 173]. 

صادق الدعوات للفلسطينيين 

كما قال الدكتور محمد الضويني: إن الدِّفاع عن الأرضِ والعرضِ حقٌّ وأمانةٌ، والاستشهاد في سبيلِ الله حقٌّ وأمانةٌ، وإقامةُ كِيانٍ على زورٍ من التَّاريخِ باطلٌ وخيانةٌ، وقصف المدنيِّين الآمنين باطلٌ وخيانةٌ، وسكوت المؤسَّساتِ المعنيَّةِ باطلٌ وخيانةٌ.
جاء ذلك في كلمته بالجلسة الافتتاحية للمؤتمر، نيابةً عن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر أ.د أحمد الطيب ناقلًا صادقَ دعواتِ الأزهرِ الشَّريفِ وإمامِه الأكبر إلى الشَّعبِ الفلسطينيِّ الصَّامدِ الَّذي يتمسَّكُ بأرضِه، ويقفُ بكلِّ بسالةٍ وبطولةٍ في وجهِ الآلةِ الصُّهيونيَّةِ المتغطرسةِ، وتأكيدَ فضيلتِه أنَّ استهدافَ المدنيِّين وقصفَ المؤسَّساتِ جريمةُ حربٍ مكتملةُ الأركانِ، ووصمةُ عارٍ يسجِّلها التَّاريخُ بأحرفٍ من خزيٍ على جبين الصَّهاينةِ.
وأهدى فضيلتُه الحاضرين جميعًا تحيَّاتِ فضيلةِ الإمامِ الأكبرِ شيخِ الأزهرِ الأستاذِ الدُّكتورِ/ أحمد الطَّيِّب -حفظَه اللهُ- ورجاءَه الصَّادقَ لهذا المؤتمرِ الَّذي يحظى برعايةٍ كريمةٍ من سيادةِ الرَّئيسِ/ عبدِ الفتَّاحِ السِّيسي، رئيسِ الجمهوريَّةِ -حفظه اللهُ- في إطارِ دعمِه الدَّائمِ للفكرِ المستنيرِ؛ أن يطرحَ بحوثًا جادَّةً ورصينةً، تكونُ دليلًا على مرونةِ الموروثِ الفقهيِّ والفكرِ الإسلاميِّ، وتجاوزِه لزمانِه، وتفاعلِه مع العصرِ الحاضرِ، وقدرتِه على الإسهامِ بنصيبٍ وافرٍ في حلِّ مشكلاتِ الواقعِ، والإفادةِ من معطياتِه بما يخدُمُ البشريَّةَ ويحقِّقُ تطلُّعاتِها المستقبليَّةَ.
وتقدَّم معالي وكيل الأزهر بالشكر للأمانة العامَّة لدُورِ وهيئات الإفتاء على اختيارِها لموضوعِ المؤتمرِ، الَّذي يُشيرُ ابتداءً إلى ضرورةِ وجودِ تناغمٍ بين الأصولِ والثَّوابتِ وبين المتغيِّراتِ والمستجدَّاتِ، أو بحَسَبِ عنوانِ المؤتمرِ بين «الفتوى وتحدِّياتِ الألفيةِ الثَّالثةِ»، فيجمعُ بين الفتوى، وهي ركنٌ ركينٌ في الحياةِ، يبصرُ الإنسانُ بها طريقَه إلى اللهِ، ويلتمسُ الصَّوابَ في حركتِه مع النَّاسِ، ويدركُ إدراكًا واعيًا موقفَه من نفسِه، وبين النَّظرِ إلى المستقبلِ، ومحاولةِ تعرُّفِ ملامحِه، وما فيه من تحدِّيَاتٍ تعمُّ جنباتِ الحياةِ.
ولفت النظر إلى أن هذا المؤتمر يأتي حَلْقةً في سلسلةِ الوعيِ الَّذي تعملُ عليه المؤسَّسةُ الدِّينيَّةُ في مصرَ؛ لمناقشةِ القضايا المعاصرةِ في إطارٍ شرعيٍّ يستجيب للواقعِ وفي الوقتِ نفسِه لا يخرجُ عن الثَّوابتِ، ويحفظُ على النَّاسِ الضَّروريَّاتِ الخمسَ، الَّتي تدورُ حولها أحكامُ الشَّريعةِ، والَّتي عدَّها الإمامُ الشَّاطبيُّ -رحمه الله- أُسسَ العمرانِ؛ بحيثُ لا يُتصوَّرُ عمرانُ مجتمعٍ ولا صلاحُ أمورِ أفرادِه إلَّا من خلالِ حفظِها.
وأكد على أنه مِن المُسَلَّمِ به عند العقلاءِ أنَّ العالمَ المعاصرَ يواجهُ تحدِّيَاتٍ في كثيرٍ من مجالاتِ الحياةِ: اقتصادًا، وسياسةً، واجتماعًا، وغيرَ ذلك، وأنَّ هذه التَّحدياتِ ككرةِ الثَّلجِ كلَّما تحرَّكت زادَ حجمُها وتضاعفَ أثرُها، دون أن تتوقَّفَ عند مكانٍ بعينِه، وكأنَّما انتقلتْ نظريَّةُ «الأواني المستطرَقةِ» من مجالِ الفيزياءِ إلى مجالاتِ الحياةِ كافَّةً، فما تكادُ تسمعُ بأزْمةٍ في ناحيةٍ من نواحي الأرضِ إلَّا وتظهرُ آثارُها في نواحٍ أخرى؛ حيث تأتي هذه التَّحدِّيَات الاقتصاديَّةُ شديدةَ الوطأةِ؛ ينطقُ بآثارِها فقرٌ وجوعٌ وحرمانٌ وبِطالةٌ وفجوةٌ متزايدةٌ بين المُعدَمينَ والمُترَفينَ، وتحرِمُ آثارُها القاسيةُ بيئاتٍ كثيرةً من أقلِّ مقوِّماتِ الحياةِ، بسببِ نظريَّاتٍ وممارساتٍ اقتصاديَّةٍ منفلتةٍ من الضَّوابطِ الأخلاقيَّةِ، لا يجدُ المنظِّرون لها أيَّ حرجٍ في أن تَسعدَ قلَّةٌ من البشرِ على حسابِ الكثرةِ الكاثرةِ منهم، وأن تزدادَ بيئاتٌ غنًى وثراءً وتقدُّمًا ورخاءً، وأن تزدادَ بيئاتٌ أُخرُ فقرًا وجهلًا ومرضًا!
وأوضح فضيلته أنَّ التَّحدِّيَات الاجتماعيَّةَ لا تقلُّ خطرًا ولا أثرًا عن التَّحدِّيَاتِ الاقتصاديَّةِ؛ فإنَّ المجتمعَ الدَّوْليَّ يعاني من تفكُّكٍ واضطرابٍ في نَواتِه الصُّلبةِ، ألَا وهي الأسرةُ؛ فباسمِ الحقوقِ والحرِّيَّاتِ خرجتْ علينا أصواتٌ مُنكرَةٌ شرعًا وعقلًا، وراحت تنادي مرَّةً بِعَلَاقاتٍ تأباها الفطرةُ السَّويَّةُ، وتتناقضُ مع ناموسِ الكونِ الَّذي خلقَ اللهُ فيه كلَّ شيءٍ ذكرًا وأنثى، قال تعالى: «ومِن كلِّ شيءٍ خلقْنا زوجين لعلَّكم تذكَّرون»، وراحت تعلنُ مرَّاتٍ أُخرَ ما لا ينبغي إعلانُه فهدَّدت استقرارَ الأسرةِ، وكان ما كان ممَّا تعاني مجتمعاتُنا ويلاتِه من طلاقٍ وفِراقٍ وشِقاقٍ وسوءِ أخلاقٍ.
وتابع قائلًا: وفي الوقتِ الَّذي بُحَّتْ فيه أصواتُ المؤسَّساتِ الرَّشيدةِ -ومنها مؤسَّساتُنا الدِّينيَّةُ- وهي تنادي بضرورةِ هذا الكِيانِ وأهمِّيتِه بالنِّسبةِ للأفرادِ وللمجتمعاتِ على السَّواءِ، نرى مخطَّطاتٍ شيطانيَّةً خبيثةً ترفعُ شعاراتٍ برَّاقةً خادعةً تحاولُ نقضَ عُرَى هذا الميثاقِ الغليظِ. 
وأمَّا التَّحدياتُ السِّياسيَّةُ فيكفي أن نقرأَ بعضَ الإحصائيَّاتِ الدَّوْليَّةِ الَّتي تكشفُ عن إنفاقٍ مرعبٍ في إنتاجِ أدواتِ تدميرِ الشُّعوبِ من أسلحةٍ ومخدِّراتٍ ورعايةِ جماعاتٍ تخريبيَّةٍ، تعملُ على إشعالِ الحروبِ، وتجذيرِ الخلافاتِ، والعبثِ بالهُوِيَّاتِ والخصوصيَّاتِ.
وشدد فضيلته على ضرورة أن نتأمَّلَ خريطةَ العالم لنرى ما يجري فيها من تلاعبٍ وعبثٍ ومقامرةٍ بالمجتمعاتِ وأحلامِ أهلِها، دون شعورٍ بوخزٍ من ضميرٍ حيٍّ يتألَّمُ لمشاهدِ القتلى والجرحى والثَّكلى والمهجَّرين والنَّازحين، وقد يكفينا شرَّ أن تلتزمَ المنظَّماتُ الدَّوليَّةُ بما تعلنُه في مواثيقِها ولوائحِها، ولكنَّ المواثيقَ واللَّوائحَ والمعاهداتِ لا تعرف الطَّريقَ إلى بعضِ المجتمعاتِ! ثمَّ أنَّى تكونُ عدالةُ هذه المواثيقِ والمعاهداتِ والقائمون على حراستِها يمنحون الأمنَ والسَّلامَ والرَّخاءَ من يشاءون، ويمنعونه عمَّن يشاءون؟!
وأوضح فضيلته أن ما يحملُه الرُّبْعُ الأوَّلُ من المائةِ الأولى من الألفيَّةِ الثَّالثةِ من تحدياتٍ ضاغطةٍ ينذرُ بتحدِّياتٍ أكبرَ منها في بقيَّةِ الألفيَّةِ، وبالرَّغم من هذه التَّوقُّعاتِ الصَّعبةِ فإنَّ فتاوى الأملِ والتَّفاؤلِ لا تتركُنا نتوقَّفُ عند جَلْدِ ذواتِنا، وإنَّ فتاوى الإيجابيَّةِ لا تدعُنا نستغرقُ في الشَّكوى والأنينِ دونَ طلبِ العلاجِ؛ ولذا؛ فإنَّ من المهمِّ أن نحاولَ وضعَ حلٍّ لهذه التَّحدِّيَاتِ والأَزَمَاتِ، وأن يؤسِّسَ العلماءُ والمفتونَ لعهدٍ جديدٍ من «الإفتاءِ الواعي» تُرتَّبُ فيه الأولويَّاتُ، وتُراعَى فيه المقاصدُ والأعرافُ حتَّى نتمكَّنَ من مواجهةِ الواقعِ والمستقبلِ وتحدِّياتِه ومستجدَّاتِه بفتاوى تقودُ المجتمعاتِ إلى الأمنِ والسَّلامِ.
ووجَّه فضيلتُه حديثَه إلى العلماء والفقهاء قائلًا: إنَّ مِن حقِّ النَّاسِ عليكم أنْ تُوحِّدوا المناهجَ، بحيث ينحسمُ داءُ الفتوى بغير علمٍ، ويستغني النَّاسُ أوَّلًا عن فتاوى المولَعينَ بالتَّكفيرِ والتَّفسيقِ والتَّبديعِ، الَّتي أدَّت بنا إلى إزهاقِ الأنفسِ المعصومةِ واستحلالِ الأموالِ المصونةِ، إضافةً إلى ما تركتْه فينا من كراهيةٍ وشقاقٍ، وإشغالٍ للمجتمعاتِ والأوطانِ عن أهدافِها.
وثانيًا عن حاملي لواءِ التَّيسيرِ الَّذين ميَّعوا باسم التَّيسيرِ الثَّوابتَ والأصولَ.
وثالثًا عن متصيِّدي الغرائبِ الَّذين يُجرِّدون الفتاوى من ملابساتِها وسياقاتِها الزَّمانيَّةِ والمكانيَّةِ.
ورابعًا عمَّن يبيحون لكلِّ إنسانٍ أن يفتيَ نفسَه بما شاء، فيعطون بذلك صكَّ الشَّرعيَّةِ لكلِّ عملٍ وإن كان مخالفًا لما استقرَّ عليه العلماءُ.
وشارك فضيلته الحضور ما يدورُ في رأسه من تساؤلاتٍ قائلًا: 
كيف يتجرَّأُ آحادُ النَّاسِ فيفتون في مسائلِ الشَّأنِ العامِ ممَّا لو عُرِضَت إحداها على عمرَ رضي الله عنه لجمعَ لها أهلَ بدرٍ؟
وكيف يتبنَّى إنسانٌ الاحتياطَ في الفتوى مطلقًا، وينسى أن يُزاوِجَ بين الاحتياطِ وقواعدِ التَّيسيرِ الكلِّيَّةِ: «إذا ضاق الأمرُ اتَّسع»، و«المشقَّةُ تجلبُ التَّيسيرَ»؟
وإذا كان من حقِّ كلِّ إنسانٍ أن يفتيَ نفسَه بما يشاءُ وأن يختارَ من الفتوى ما يهوى فما الحاجةُ عندئذٍ لهذه المجامعِ الفقهيَّةِ وكلِّيَّاتِ الشَّريعةِ ودورِ الإفتاءِ؟ بل ما الحاجةُ لمن يحاولُ إقناعَ النَّاسِ بهذا الرَّأيِ الأعرجِ؟
إنَّ مثلَ هذه المعالجاتِ هي في الحقيقةِ مجازفاتٌ ومغالطاتٌ ومَوْجةٌ مِن التَّمسُّحِ العلميِّ مستغرَبةٌ عن فقهِنا وعن مناهجِنا وعن تاريخِ أمَّتِنا العلميِّ.
وأشارَ إلى أنَّ الجُرأةَ على الفتوى في شأنِ النَّاسِ والمجتمعاتِ والأممِ ممَّن لا علمَ له آفةٌ خطيرةٌ، وكثيرًا ما تكلَّمَ عنها العلماءُ، ولكنَّ من الآفاتِ أيضًا أن يسكتَ الأمناءُ عن بيانِ الحقِّ، فلا تسمعُ لهم همسًا.
واختتمَ فضيلتُه كلمتَه بالتأكيد على أنه لا بُدَّ من الاعترافِ بأنَّ التَّحدِّياتِ الَّتي حملتْها بواكيرُ الألفيَّةِ الثَّالثةِ توجبُ النَّظرَ والتَّأمَّلَ والبحثَ الدَّقيقَ الرَّصينَ، وتفرضُ على العلماءِ والمفتينَ أن يجمعوا إلى الكتبِ والمقرَّراتِ والتَّدريبِ والتَّأهيلِ المعتادِ قلوبًا مؤمنةً وبصيرةً نَافذةً وعقولًا مسدَّدةً.