الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد النومي يكتب: خنق اسرائيل

أحمد النومي
أحمد النومي

حرب الممرات أحد إفرازات حرب غزة بعد أن هددت جماعة الحوثيين بضرب السفن المتجهة لإسرائيل طالما لم تدخل المساعدات الإنسانية للقطاع بالقدر الكافى ، ولم تقتصر  هجمات الحوثيين على استهداف السفن التي تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية، وانما التهديد يشمل  جميع السفن المارة في البحر الأحمر ومن أي جنسية ومتجهة إلى إسرائيل.

ضرب إسرائيل ملاحيا وخنقها تجاريا  هو الكابوس المخيف الذي يخشاه قادة إسرائيل ،فقد تجرعوا مرارته علقما" ابان حرب اكتوبر، حينما تم اغلاق مضيق باب" المندب ، أحد أكثر الممرات البحرية اهمية في العالم، فنحو 10% من حجم التجارة البحرية الدولية تمر فيه سنوياً من خلال مرور نحو 21 ألف سفينة،كما تمر عبره 6 ملايين برميل من النفط يومياً،ما يوازي خُمس الاستهلاك العالمي من النفط.

التقديرات تشير إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي سيتكبد خسائر فادحة جراء هذا القرار الحوثي ، لاسيما وان اسرائيل تعتمد بنسبة كبيرة فى تجارتها الخارجية على البحر الأحمر وباب المندب وقناة السويس ،خصوصا مع دول آسيوية  مثل الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية بقيمة 50 مليار دولار، وحسب التقديرات فإن خسائر إسرائيل من استهداف السفن حتى الآن تجاوزت 3 مليارات دولار، بينما من المرجح أن يتضاعف الرقم إلى أكثر من 6.5 مليارات دولار نتيجة القرار الجديد للحوثيين .

اسرائيل لا تملك رفاهية اختيار بدائل لهذا الخنق التجارى ،فحركة الشحن الجوية مقيدة في ظل استمرار الحرب في غزه ، وهو ما يعني ارتفاع التكاليف بشكل أكبر، وهو ما سينعكس سلباً على تجارة إسرائيل الخارجية، كما ان إسرائيل تواجه صعوبة بالغة في إقناع شركات الطيران العالمية باستئناف رحلاتها إلى تل ابيب، حيث تتمسك الشركات بالحصول على ضمانات من الحكومة الإسرائيلية للتعويض عن أي أضرار قد تتعرض لها.

الخسائر الإسرائيلية لن تقتصر على التجارة الخارجية بل ستطال المواطن الإسرائيلي، فاسعار السلع ستصعد إلى مستويات قياسية بسبب ارتفاع تكاليف تغيير السفن مساراتها من البحر الأحمر إلى  طريق رأس الرجاء الصالح، فضلا عن ارتفاع تكاليف التأمين على البضائع نتيجة ارتفاع تكاليف نقل السلع لإسرائيل بعد الزيادة الطارئة في تكاليف تأمينها، كما أن هناك خسائر تقدر بملايين الدولارات نتيجة تردد شركات عاملة في مجال الشحن التجاري ورفض البعض الآخر التعامل التجاري مع إسرائيل، خشية استهداف سفنهم في البحر الأحمر.

اسرائيل لا تنزف دما فقط بقتل العديد من جنودها بل تنزف إقتصاديا، وبخلاف خسائر قطاع التجارة الخارجية هناك خسائر اخرى، فقد تجاوزت "فاتورة" الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، سقف التقديرات الأولية لها؛ لتصل إلى 191 مليار شيكل، وذلك بعد أن كانت التقديرات الأولية لها لا تتعدى 163 مليار شيكل ،وطلبت وزارة المالية الاسرائيلية من الكنيست، تعزيز موازنة الحرب على بنحو 26 مليار شيكل بصورة عاجلة ، فى حين بلغ تقديرات حجم عجز الموازنة العامة الاسرائيلية على هذا النحو، نسبة 3.7 % من الناتج المحلى الكلى لإسرائيل بنهاية العام الجاري، بعد أن كانت التقديرات الأولية قبل انطلاق العمليات العسكرية الإسرائيلية فى قطاع غزة؛ لتلك النسبة لا تتعدى 1.1 % بنهاية العام الجارى، وتتوقع وزارة المالية الاسرائيلية عجزا قيمته 12 مليار شيكل فى إيرادات الدولة السيادية من الضرائب بنهاية العام الجاري، بعد أن كان التقدير الأولى لهذا العجز يقف عن حدود 10 مليارات شيكل، فضلا عن  ترك ما لا يقل عن 750 ألف إسرائيلى لوظائفهم نتيجة الانضمام لقوات الجيش وهى خسارة اخرى للاقتصاد الاسرائيلى باعتبارهم ايد عاملة ودافعى ضرائب فى ذات الوقت و يشكلون نسبة 18 % من قوة العمل فى إسرائيل،بخلاف خسائر قطاع السياحة نتيجة لقرارات الحكومة الإسرائيلية تسكين المستوطنين اللذين تم إجلاؤهم من مستوطنات غلاف غزة ومستوطنات شمال اسرائيل و البالغ عددهم 18 الف مستوطن إلى الفنادق مقابل مدفوعات نقديه تدفعها الدولة تصل إلى 410 شيكلات، مقابل إقامة كل بالغ من المستوطنين، يتم اجلاؤه وتسكينه فى الفنادق الآمنة وتدفع الحكومة أيضا 205 شيكلات لغير البالغين، وشغل  الغرف التى كانت تخصص لأفواج السياح الغربيين فى فترة الكريسماس وأعياد الميلاد ومواسم الحج المسيحى إلى المناطق المقدسة فى إسرائيل.

ويتوقع بنك إسرائيل المركزى أنه فى حالة استمرار الحرب على غزة حتى نهاية العام القادم (2024)، فسوف يتراجع معدل نمو الاقتصاد الإسرائيلى إلى نسبة 2 % فقط بنهاية العام الجارى وإلى نسبة 6ر1 % بنهاية العام القادم.

تهديد الحوثيين ينذر بصراع اشمل فى البحر الأحمر ويضع التجارة العالمية امام مخاطر جمة، ولعل تصريحات المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية باتريك رايدر،  بان واشنطن تجري مباحثات من أجل تأسيس "قوة مهام بحرية" دولية تتشكل من 38 دولة ضد هجمات الحوثيين، ترجمة للمخاطر المقبلة ،كما أن احتجاز الحوثيين الشهر الماضي سفينة "جالاكسي ليدر" الإسرائيلية، واستهداف ثلاثة سفن تجارية بعدها، وإجبار العديد من السفن على تغيير مساراتها، تشير إلى تزايد حجم التهديدات، الامر الذي يضع  الولايات المتحدة وحلفائها ودول أخرى في المنطقة  فى مرمى النيران إزاء التهديدات التي تمس الملاحةهناك ،فالصراع في البحر الاحمر ينذر بمواجهة ساخنة بين ايران الداعمة للحوثيين وامريكا حليفة اسرائيل فى حال تدخل الولايات المتحدة بفرض سيطرتها بالقوة فى البحر الأحمر وضرب مواقع للحوثيين.

الحرب المجنونة فى غزة ستحرق اطراف إقليمية ودولية مالم تتوقف، وتهديد الحوثيين يمثل نقلة نوعية في الصراع، والتجارة الدولية مهددة بشكل كبير، وارتفاع تكاليف الشحن والتامين التجارى ستكوى الجميع، الامر الذي سينعكس على الاسواق المحلية،فهل من رشيد يطفئ النيران المشتعلة.