الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

منى أحمد تكتب: صوت الوطن

صدى البلد

أم كلثوم ظاهرة قد تأتي قرون  وأجيال ولا تفزر مثل  هذا الجمال والكمال الإبداعي ، و رغم مرور أكثر من أربعة عقود على رحيلها , إلا أن بريق صوتها ما زال يزداد لمعانه ، و 49  عاما على رحيل كوكب الشرق أم كلثوم ، وهي متربعة علي عرش الغناء ومكانة إبداعية  لم يستطع أحد الاقتراب منها. 

فشيئان ثابتان لا يتزحزحان في الشرق الأوسط  الأهرامات وأم كلثوم رغم الرحيل ، وصوت إعجازي كان يستطيع أن يغرد لساعات متواصلة في حالة فريدة تعكس حضارة موسيقية عريقة ، وجاء اتساع مساحة جماليات الأداء الصوتي  ليفسر القدرة التأثيرية علي كل من يسمعها ، فسكنت بإبداعها الروح والعقل والوجدان.

وتحت راية صوتها  توحد الجميع ، فسحر صوتها الرؤساء والأمراء ، العمال والفلاحين الأثرياء والفقراء.

وعندما كان يحين موعد حفلتها الشهرية الخميس الأول من كل شهر منتصف القرن الماضي ، تتوقف الحياة  وتخلو الشوارع من المحيط الي الخليج ، في القاهرة كما في الدار البيضاء وتونس وبيروت ودمشق والخرطوم والرياض وبغداد .

الجميع  ملتفا حول الأذاعة المصرية أو داخل مسرح الغناء ، انتظارا  لإطلالة كوكب الشرق , يفتح الستار وتطل من ورائه الساحرة بحنجرتها الذهبية ، فينتفض الجميع مستمعين وحضور تحية لها ، ثم يأتي الصمت في حرم الجمال  جمال .

فعندما تشدو تأسر بأدائها  كل فرد على حدة , وتصبح هناك  حالة توحد كاملة بين صوتها  ومستمعيها ، ويصبح الجميع تحت سيطرة سحرها  فى حالة من السبات والتأثر ، بين التنهدات والنشوة تارة  والدموع والآهات تارة أخرى .

أنه وهج امرأة فاقت في هيمنتها على الشعوب حدود السيطرة ، وعندما نتذكر حفلتها الشهيرة علي مسرح الأولمبيا بعاصمة النور الفرنسية ، والتي ذهب إيرادها لصالح المجهود الحربي بعد حرب67، و حرص علي حضورها عدد كبيرمن كل الطبقات الأحتماعية والجنسيات والأطياف ، وكان حضور اليهود الشرقيين بأعداد كبيرة لافتا للنظر ،  و مثيرا لدهشة مدير مسرح الأوليمبيا ، فبادر بسؤال أحدهم عن سبب وجوده في حفل عائده موجه لدعم الجيش المصري فأجابه إنها أم كلثوم .

صنعت المستحيل بموهبتها الفذة ، وعبقريتها التي كسرت الحواجز الجغرافية والسياسية ، وأصبحت الفنانة الوحيدة التي تستقبل أستقبال الملوك والرؤساء. 

ومثلما كان صوتها أستثنائي كان جمهورها علي اختلاف مكانته أستثنائي ، يشبهها بهيئته المميزة وكان يستعد لحضور حفلاتها بالملابس الرسمية ، وكأنها مراسم ملكية  فهم في حضرة سيدة الغناء العربي ، صاحبة جزء أصيل من ضمير الأمة.

ويستمر صوت أم كلثوم حالة خاصة جدا ، لم يستطع أحد أن يكتشف سر خلوده ،مثلها مثل الفراعنة نفس الأنبهار نفس الغموض نفس الخلود ،تجلي في صوتها الذي يحمل أبعادا كثيرة تعكس تفرده وتميزه الأسطوري عظمة مصر , وتبقى كوكب الشرق أسطوره وظاهرة لن تتكرر.