الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نهال علام تكتب: الفكر القطبي ( 1 )

نهال علام
نهال علام

كانت ساعة العصرية وتبدو الأجواء بالرغم من كونها أيام شتوية إلا أن الأخبار المتواترة جعلتها خانقة وساخنة وتفتقد الحيثية، وإذا بصوت أم كلثوم يصدح كسحابة رائقة ونسمة باردة حولت الأجواء وكأنها لحظات الفجرية عندما تبدد الشمس خجل الليل فيتراجع القمر ليترك براحاً لتلك اللحظات الوجودية، وحتى يتذكر البشر أن الليل زائل مهما طال والشمس لها أجل ولو تمدد النهار.

وصفوا لي الصبر لقيته خيال وكلام في الحب يا دوب يتقال… كانت تلك رائعة ثومة التي شقت ثقل الأخبار وتدخلت لتفض الصراع بين البيانات الدولية والهري على مواقع التواصل الاجتماعية فيما يخص القضية الفلسطينية، ولكن هيهات فالعقل ممتلئ بالترهات التي تحاك على المنصات والقلب يأن من تلك العدائية للشعب والأرض والهوية المنفاوية، من بعض العناصر الشيطانية، التي تحمل ظُلماً الجنسية المصرية، ذيول الجماعة الإرهابية أخوان الدم ممن تلوثت قلوبهم بالغل وعقولهم بالتعاطف مع الخيط الغريب عن النسيج الوطني القبطي الإسلامي الحضاري الفريد، فتحولت الكلمات في أذني إلى وصفوا لي الغدر لقيته فاق الخيّال وجانح في أي أزمة وإن كان مجرد كلام فيجب ألا تكون المزايدة للحرب بمجال.

لا يوجد أسرة ولا منزل ولا مجتمع أو دولة بلا مشكلات وبعض تحديات، واسوء تلك المعوقات ما يُطل برأسه ويَدُس أنفه عنوة في استقرار الأوطان مما يحاط بها من أزمات يتعرض لها الجيران وتلقي بظلالها الكئيبة على اقتصادياته وانجازاته وأحلامه، وإن كان للمحنة منحة، فالمنحة هنا لُحمة أبناء الوطن والالتفاف حول حقهم والحفاظ على أرضهم، لكن ماذا تفعل في الابن العاق!

جماعة الإخوان التي عاشت ثمان عقود كالفئران في الجحور، عاصرت كل الأنظمة من الملكية للجمهورية ولكنها لم تحظى بثقة من أي نظام ولا بالقبول الشعبي تحت أي مظلة حُكم، ويوم أن وثق فيهم السادات قتلوه بدم بارد كعادة اللئام، هم ناتج تربية حسن البنا ومن بعده سيد قطب الذي استكمل المسيرة الغير حميدة، حيث أن أول مبادئهم هي رفض الحزبية والتعددية والاحتماء بالعمومية التي تؤدي إلى عدم المواجهة الحتمية حتى يتمكنوا من مفاصل الحكم بصورة فردية.

فعلى سبيل المثال من تعاليم البنا التشدق بأن الإسلام يحمي الأقليات دون إشارة واضحة للديانة، وأن الجزية تسقط إذا اشتركوا مع المسلمين في الحرب، وهذا خطاب مطاط وليس قول فصل، فماذا عن أوقات السلم!
وألم يكن النص القرآني صريح وواضح (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)الممتحنة8 أي ليس فقط فكرة الحماية الجافة ولكن أوصى بالبر بهم، ولكن ظهر الحق عندما طرح الإخوان برنامج سياسياً في عام 2007 أعلنوا فيه صراحة رفض ترشيح الأقباط والنساء لمنصب رئيس الجمهورية، لأن ذلك يقع تحت بند الولاية العامة ولا ولاية للنساء ولا المسيحين فهم أقلية!

ومن تعاليم البنا أيضاً التي التزمها الإخوان دون محاولات للتغيير أو حتى من باب التطوير هو الاعتماد على التربية الدينية بحسب تفسيراتهم الخاصة وعدم الاعتراف بجدوى البرامج السياسية ولا الخطط الاقتصادية خارج نطاق تجارتهم السريعة والغامضة، تلك الرؤية التي رسخها سيد قطب كمنهج ثابت وكأنه نص سماوي لا مساس به ويجب أن يظل جامد، بل وأضاف عليها لمساته القطبية وهي أن الفهم الإسلامي غير قابل للنقاش وما يؤخذ منه ويصدر عنه هو ما أتم الله به السُنة وتوج به الدين، وذلك تفكير إن دل على شيء يدل أن الله كريم وأخرجنا من مصيبة حكمهم على خير.

أما الانضمام في الجماعة فلذلك قواعد رنانة تبدأ بالانضمام العام والأخوي والعملي والجهادي هذا المستوى الذي لم يجاهر به البنا علناً، وإنما أبقاها مكافأة تمنح لذوي الولاء والطاعة المُطلقة سراً.