الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خالد العيسوي يكتب: مئوية محمد عبد الجواد.. مهنية وبر الوالدين

خالد العيسوي
خالد العيسوي

الطبيعي أن تكتب المقالات لسرد الأحداث والقصص والتحليلات وتشكيل الآراء والبحث عن قضايا وموضوعات، ولكن هذه المرة سأخرج عن المألوف والمعتاد في كتابة مقالاتي بشأن الأوضاع السياسية والاجتماعية وغيرها، لأذهب إلى ما هو أبعد من ذلك.. وهو كتابة تاريخ ربما - بل الأكيد - لا أستطيع أن أكتب سطرا واحدا فيه في ظل صفحات كثيرة وكبيرة من تاريخ وإنجازات ومواقف وأحداث لا تتوقف ولن تنسى...هذه المرة سأكتب عن جزء بسيط ولكن كبير، في حياة رجل نعيش هذه الأيام الاحتفال بمئوية ميلاده.. شيخ الصحفيين.. الخال والسند..الداعم والمساند..الراعي والموجه...العمدة وعميد الصحفيين الصعايدة في مصر..الكاتب الكبير الأستاذ محمد عبدالجواد منصور مؤسس وكالة أنباء الشرق الأوسط، ووكيل أول نقابة الصحفيين بين عامي 1981 و1985..والمستشار السياسي للرئيس الراحل محمد أنور السادات وكذلك الرئيس الراحل محمد حسني مبارك...ومناصب أخرى وحكايات أكبر في تاريخ هذا الخال.

الكل وخلال السنوات الماضية والفترة الأخيرة يعلم الكثير عن حياة الأستاذ الكبير سواء المهنية أو بعض التفاصيل القليلة عن حياته الشخصية..ولكنني في هذا المقال وبحكم أنني أتشرف بالقرابة العائلية لهذا العملاق الصحفي ..فاسمحوا لي أن أكون متحيزا لسيرته الذاتية أكثر، لأن المثل يقول الخال والد.. ولمَ لا والشرف كل الشرف أن تتحيز لمثل هذا الرجل..وبالتالي ما هو الموقف حينما يكون الخال والوالد هذا الاسم الكبير محمد عبد الجواد ..ليس في عالم الصحافة والسياسة فقط.. وإنما في عالم الإنسانية والجدعنة.

ففي المشوار المهني الكثير لهذا الرجل وقد تحدثت عن جزء منه كثيرا ومازال هناك حكايات ومواقف في هذا الصندوق الأسود..ويكفي أنه من وضع أسس العمل في وكالة أنباء الشرق الأوسط ووكالات الأنباء العربية حتى هذا اليوم..وعليه فالحديث يطول عن مشوار هذا الرجل المهني. في الكثير من الأحيان..وخصوصا حينما نجد شخصا ما ناجحا في حياته المهنية والشخصية الكل يقول ويجمع ويتفق على أن هذا الشخص يرضي والديه..نعم رضاء الوالدين لا مجال للشك فيه أن يحدد مسار الشخص ومستقبله.

والحقيقة أن محمد عبد الجواد..وكما كانت تحكي لي أمي -رحمة الله عليها- وذلك نقلا عن خالتي المرحومة أخت الأستاذ الكبير(أم أشرف) والتي كانت حكاية أخرى في حياة هذا الرجل الكبير، أن محمد عبد الجواد كان بارا ومطيعا بشكل غير طبيعي لوالديه وخصوصا أمه..لدرجة أن المئوية هذه مرتبطة بالأم..حيث دعت له في ليلة القدر في شهر رمضان، بأن ينعم الله على هذا الرجل بأن لا يدخل المرض جسمه وأن يعيش لمدة مائة عام..طبعا بطريقة الأم الصعيدية صاحبة الحسب والنسب والطيبة والفطرة التي كان عليها هذا الجيل في صعيد مصر المحروسة في قرية المدمر مركز طما محافظة سوهاج...وهذه معلومة تؤكد لنا أن بر الوالدين أساس حياة الشخص والدعاء لهما في حياتهما ومماتهما والله يرحم جميع أمواتنا جميعا.

والحديث هنا من أجل العبرة والاستفادة لنا جميعا من أن رضا الوالدين مسار حياة وكما يقال إن رضا الرب في رضا الوالدين علينا.
محمد عبد الجواد لم يكن برا بأمه فقط ولكن بعائلته كلها..ونظرا لعدم التطويل عليكم سوف أتحدث هنا عن علاقة هذا الرجل بأخته (أم أشرف) التي جاءت من المدمر لتعيش هنا في القاهرة وكان دائم التواصل معها والسؤال عنها لدرجة أنه كان يذهب إليها كل يوم جمعة وإذا لم يذهب يرسل السائق لتأتي هى إلى بيته..بل حينما جاءت إلى القاهرة كان أول قرار أن يقوم هذا الرجل بتركيب تليفون أرضي لها في شقتها حتى يسأل عنها ..ووقتها كان هذا التليفون وخصوصا في المنطقة التي كانت تسكن فيها أخته وعائلتها..ضرب من الخيال ورفاهية تحتاج لعلاقات قوية وكبيرة مع مسئولي الاتصالات حينها.. ولكن هذا الرجل اقتنص هذا التليفون لأخته حتى يكون يوميا على اتصال بها لدرجة أن أمي -الله يرحمها- حينما تتصل بخالتي (أم أشرف) وتجد التليفون مشغولا تعرف أن محمد يكلمها وتعود الاتصال بعدها ليبدأ الحديث عن حبها لأخيها وأنه دائم السؤال عنها لأنه يعتبرها الأخت والأم والصديقة وكل شىء...وظل هذا الرجل بارا بأخته إلى أن وافتها المنية وبعدها مع أولادها.

مواقف محمد عبد الجواد..مع أهله وغير أهله كثيرة ومتعددة..وبيته دائما وحتى اللحظة..قبلة لكل من يريد طلبا أو خدمة رغم أن الرجل بعيد كل البعد عن الأجواء الحالية ، إلا أنه لم يتأخر للحظة عن أحد ودائما البحث عن حلول لمشاكل من يذهب إلى بيته ولا يخرجه إلا مجبور الخاطر ويلبى الطلب..ناهيك عن الخدمات التي قدمها للكثير دون مقابل ولكن حب الناس له هو أكبر مقابل ولا يقدر بثمن... وأنا شخصيا كنت من هؤلاء الذين كانوا على باب محمد عبد الجواد مرحبا بهم في بيته وهنا تجد نفسك - وهذا ما حدث معي- وكأنك أحد أفراد البيت وحالة من الدفء والترحيب رغم كونه قد تكون أول مرة تدخل عند هذا الرجل..لكن حبه لمساعدة الغير ورغبته في مزيد من الحب والبحث عن بر الأهل..تجعلك تشعر بأنك صاحب بيت وخصوصا حينما تكون ابنته المهندسة منى محمد عبد الجواد والسيدة الفاضلة حرمه موجودتين في المنزل فأنت سعيد الحظ لأنك ستأكل وتشرب وتشعر بالحب الذي ربما نفتقده كثيرا في بيوت أقرب من لنا.

وحتى لا أكون قد أطلت عليكم..فالحديث عن محمد عبد الجواد..يحتاج لصفحات وليس لمقالات..فتواضع هذا الرجل وعيونه التي تشع حبا وكرما .. تجعلك تحكي وقلمك يجف..وفي النهاية أقول للخال كل مائة عام وحضرتك بخير وصحة وسلامة والأسرة الكريمة...وكمان أقول (والله يا خال ما قصرت وإحنا اللي مقصرين) ولكن بصوت ولغة وطريقة البدري بدار في مسلسل ذئاب الجبل.