الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مصر تتجاوز أزمتها الاقتصادية.. موديز تغير نظرتها وعودة الأموال الساخنة| أخبار مبهجة

الدولار الأمريكي
الدولار الأمريكي

بدأ الاقتصاد المصري يجني ثمار إصلاح التشوهات في سعر الصرف التي قام بها البنك المركزي المصري خلال اجتماع استثنائي للجنة السياسات النقدية الأربعاء الماضي، عبر تحرير سعر الصرف وفقا لأليات للعرض والطلب.

كان أول ثمار ومكاسب إصلاح تشوهات سعر الصرف ما أعلنت عنه الحكومة من التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة تمويل بثمانية مليارات دولار.

البنك المركزي المصري 

أما ثاني هذه المكاسب فتمثل في إعلان وكالة موديز للتصنيف الائتماني، الخميس، من تعديل نظرتها المستقبلية لتصنيف مصر إلى "إيجابية".

وقالت الوكالة في بيان إنها أبقت على التصنيف الائتماني لمصر عند (Caa1)، وفق وكالة أنباء "العالم العربي".

وأرجعت "موديز" هذا إلى "الدعم الرسمي والثنائي الكبير" و"الخطوات التي تم اتخاذها بشأن السياسة" خلال الأيام الماضية.

فيما قال وزير المالية، محمد معيط، اليوم الجمعة، إن إعلان مؤسسة "موديز" للتصنيف الائتماني، تغيير نظرتها لمستقبل الاقتصاد المصري من سلبية إلى إيجابية، يمهد الطريق لتحسين تصنيف مصر الائتماني من جانب هذه المؤسسة، وفق وكالة أنباء "العالم العربي".

كانت الحكومة قد اتخذت حزمة قرارات اقتصادية سعيا للخروج من أزمة نقص السيولة الدولارية التي عانت منها البلاد على مدى سنوات،

وعقدت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، اجتماعا استثنائيا يوم الأربعاء رفعت فيه أسعار الفائدة الرئيسية بواقع 600 نقطة أساس؛ ليصل سعر الإيداع لليلة واحدة إلى 27.25 %.

وقال البنك المركزي في بيان، إن توحيد أسعار الصرف في البلاد أمر "حاسم" مشيرا إلى أنه سيسمح لسعر الصرف بأن يتحرك وفقا لآليات السوق.

وسجل سعر صرف الجنيه مقابل الدولار استقرارا نسبيا في بعض البنوك في تعاملات الخميس عند 49.35 جنيها للدولار، بعد انخفاض قياسي في تعاملات يوم الأربعاء عقب إعلان البنك المركزي تحرير سعر الصرف.

وأضاف "معيط" في بيان أن تغيير النظرة المستقبلية لمستقبل الاقتصاد إلى إيجابية وأيضًا إشادة مؤسسة "موديز" بالإصلاحات التي تتم بمصر حاليًا، يعد شهادة ثقة في إدارة الاقتصاد الكلي في مصر خلال هذه المرحلة الصعبة والمليئة بالتحديات.

وأكد أن مسؤولي الوزارة يكثفون اتصالاتهم مع مؤسسات التصنيف الأخرى ودوائر الاستثمار العالمية لشرح ما تم من إصلاحات وإجراءات في السياستين المالية والنقدية.

وعبر وزير المالية عن أمله في أن يكون لتقرير موديز "الصدى الإيجابي لدى تلك الجهات مما ينعكس على تدفقات الاستثمار على الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة ورفع التصنيف الائتماني لمصر لدى مؤسسات التصنيف الائتماني الثلاث في الأشهر القليلة المقبلة".

وأكد معيط أن الحكومة لديها خطة لبدء تخفيض نسبة الدين للناتج المحلي لأقل من 80 % خلال الثلاث سنوات المقبلة، مشيرا إلى بدء خفض تكلفة خدمة الدين مع بدء انحسار الموجة التضخمية وانخفاض أسعار الفائدة المرتفعة حاليًا.

تحرير سعر الصرف 

ويقول الخبير الاقتصادي، كريم عادل، إن تغيير "وكالة موديز" للتصنيف الائتماني نظرتها للاقتصاد المصري (CAA 1)، أمر متوقع بعد أن قامت الدولة المصرية بتحرير سعر الصرف وفقاً لآليات العرض والطلب، وهو ما جاء بعد مطالبات العديد من مؤسسات التمويل والتصنيف الائتماني الدولية،  وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، وآخرها وكالة "فيتش" التي أوضحت في تقريرها منذ أيام، أن " المزيد من مرونة سعر صرف الجنيه المصري يُعزز من قدرات الاقتصاد المصري، ويجعله أكثر قدرة على جذب الاستثمارات ".

وأشار عادل  - في تصريحات لـ"صدى البلد": يضاف إلى ذلك أن قرار صندوق النقد الدولي برفع قيمة التمويل لمصر من 3 إلى 8 مليارات دولار، يضع المزيد من الثقة في قدرة الاقتصاد المصري على التعافي في المدى المتوسط والبعيد من وجهة نظر صندوق النقد الدولي الذي يعتبر أساس قرارات ونظرة المؤسسات الدولية في تعاملاتها وتقييمها للاقتصاد المصري.

ولفت إلى أن حصول الدولة المصرية على قرض صندوق النقد الدولي، بعد الحصيلة الدولارية من صفقة رأس الحكمة، يأتي التزاماً منها باتفاقاتها الدولية نظراً لوجود اتفاق مسبق بذلك، خاصةً وأن تحرير سعر الصرف بهذه الآلية كان أحد شروط الصندوق للحصول على زيادة قيمة القرض وصرف الدفعات المتأخرة.

وأكد أن الالتزام بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي يعزز من فرص استمرار التعاون والحصول على تمويل آخر في المستقبل حال الحاجة إلى ذلك، وكذلك فالالتزام مع الصندوق كأحد كبرى مؤسسات التمويل الدولية يعزز من نظرة مؤسسات التمويل والتصنيف الائتماني العالمية للدولة والاقتصاد المصري مثل ما حدث من تعديل وكالة " موديز للتصنيف الائتماني " من نظرتها للاقتصاد المصري خلال ساعات بعد ذلك الإجراء.

وشدد: من ناحية أخرى فإن التزام الدولة المصرية بسداد الديون السيادية المستحقة في مواعيدها يطمئن المؤسسات الدولية والمستثمرين الأجانب في التعامل مع الدولة المصرية والاقتصاد المصري.

وأشار: يشترط لاستمرارية تحسن نظرة المؤسسات الدولية، ضرورة أن تتبنى الدولة المصرية خطة إصلاح اقتصادي استثنائية حقيقية، تتضمن رؤية واضحة المعالم والمستهدفات تأسيساً على منهجية القرار وأدوات التنفيذ وفقاً لفقه الأولويات، بدايةُ من دعم القطاعات الإنتاجية، وخلق موارد دولارية جديدة وتقليل عجز الموازنة وترشيد الإنفاق العام، مؤكدا أن تحقق ذلك سيرسم مستقبل الاقتصاد المصري، ويفتح أفق جديدة للعمل وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تعزز الاقتصاد وتحقق مستهدفاته التنموية.

واختتم الخبير الاقتصادي: تعتبر قرارت البنك المركزي المصري منذ صدور قرار تحرير سعر الصرف، تأتي إيجابية بصورة كبيرة حتى هذه اللحظة وتحقق المستهدف من قرار التحرير ورفع سعر الفائدة، والتي تتضمن فتح الحد الائتماني للبطاقات البنكية وبداية تدبير النقد الأجنبي للمستوردين والأفراد، ومن ثم إذا استمر هذا الوضع نستطيع القول بأن هذا الإجراء نجح في تحقيق المستهدف الأساسي منه وهو  توحيد سعر الصرف والقضاء على السوق الموازية، فالاستدامة في تدبير النقد الأجنبي ستكون أحد أهم عوامل استمرارية نجاح هذا القرار.

عودة الأموال الساخنة 

من جانبه قالت وكالة "بلومبرج"، أن مصر تقدم حاليا ثالث أعلى عائد على السندات بالعملة المحلية بين 23 اقتصادًا ناميا، بمتوسط ​​عوائد يقترب من 30 %.

وفي تغيير لقواعد اللعبة بالنسبة لمعنويات المستثمرين، فتحت مصر الطريق أمام عوائد أعلى من خلال رفع أسعار الفائدة وإزالة الضوابط على العملة، فضلًا عن الإعلان عن التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بعد أيام من إبرام صفقة استثمارية بقيمة 35 مليار دولار مع الإمارات.

وذكرت وكالة بلومبرج، أن مديري إدارة الأصول الذين سحبوا نحو 20 مليار دولار من مصر في غضون أشهر قبل عامين لن يجدوا الآن سوى أماكن قليلة في الأسواق الناشئة أكثر جاذبية.

كان المستثمرون يتجنبون في السابق الدين المحلي لمصر مع مقاومة البنك المركزي تخفيض قيمة الجنيه، التي اعتبر المستثمرون أن قيمتها مبالغ فيها، مما ساهم في نقص العملة الصعبة الذي تسبب في ارتفاع التضخم.

وخسرت السندات المحلية المصرية أكثر من 10 % العام الماضي، وهي الفترة التي عاد فيها الدين المحلي في الأسواق الناشئة بنسبة 6 %، وفقا لمؤشر بلومبرج.

وأدى الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022 إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار واردات القمح والوقود لمصر، ودفع مستثمري السندات إلى الهروب من الديون المحلية للبلاد.

وأشارت "بلومبرج"، إلى أنه بعد يوم من تخفيض قيمة العملة ورفع أسعار الفائدة بشكل قياسي بمقدار 600 نقطة أساس، إضافة إلى دعم قرض صندوق النقد الدولي الموسع بقيمة 8 مليارات دولار، والتزام دولة الإمارات العربية المتحدة بأكثر من أربعة أضعاف هذا المبلغ، كل ذلك أدى إلى قلب السيناريو لبعض أكبر الأسماء في مجال التمويل مثل «Aviva Investors» و«Vangguard Asset Services».

وفي هذا السياق، قال محلل الديون السيادية للأسواق الناشئة في شركة أفيفا إنفستورز في لندن، نافذ ذوق: "ما تحتاجه مصر منذ فترة هو صدمة ثقة إيجابية، وقرارات البنك المركزي المصري لم تكن فقط محاولة لتقديم مثل هذه الصدمة، بل كانت مدعومة بالإعلان عن تمويلات فعلية".

ومن شأن عودة تدفقات المحافظ الاستثمارية أن تنهي الجزء الأخير من أحجية التمويل لمصر بعد أن استبعدها بنك جيه بي مورجان تشيس وشركاه مؤخرًا من مؤشرات السندات بالعملة المحلية التي تتبعها أموال بقيمة مليارات الدولارات.

وقال الرئيس المشارك لقسم الدخل الثابت في الأسواق الناشئة الناشط في شركة فانجارد لخدمات الأصول، نيك إيسينجر: "من المحتمل أن يكون الإقبال خلال الفترة القادمة على السندات المحلية، الآن بعد أن أصبح سعر الصرف الأجنبي أرخص، وارتفعت الأسعار، وأصبحت توقعات التمويل أقوى، ولم يعد كثير من الناس يمتلكون العملة المحلية في مصر، سيكون الإقبال في الشراء على السندات المحلية".