باسم يوسف: "الجزيرة" أساءت لمرسى بتقريرها بأن "البرنامج" أحد أسباب سقوطه..والحظر سبب فى تأخر عودتى..والكل يبحث عن فرعون

باسم يوسف فى مقاله بـ"الشروق":
برنامجى المفضل لأعداء الإخوان ولكنهم لم يحتملوا فقرات السخرية من شفيق
لا تسامح من ناحية الإخوان والليبراليين فكل يبحث عن "فرعون على مقاسه"
الجزيرة أساءت لمرسى بتقريرها بأن "البرنامج" أحد أسباب سقوطه
توقفنا في رمضان وعيد الأضحى لأنها إجازة معلن عنها سلفا وتأخرت بسبب فرض الحظر
أنصار"السيسي" يبادروني بـ"ضربة استباقية" لعدم التعرض لـ"الفريق"
"هنتكلم على مين" دلوقت سؤال سمعته كثيرا بعد عزل مرسى
البعض تقبل طريقى والآخر اعترض بدعوى أنها حرام ولكن الواقع أن اتجاه البرنامج "مش على مزاجهم"
الإخوان أعجبوا بالبرنامج فى الموسم الأول ولكنهم انقلبوا على الثانى
الأمور أصبحت أصعب الآن "كيف نخرج ببرنامج ساخر وكوميدي وحديث الدم هو حديث الصباح والمساء"
قال الإعلامى باسم يوسف، مقدم برنامج "البرنامج"، إن "البعض يربط بين السخرية وبين تحطيم الأشخاص"، مشيرا إلى أن "هناك من تقبل هذه الطريقة الجديدة واعترض عليها آخرون بدعوى أنها حرام وغير لائقة"، لافتا إلى أن "هؤلاء كانوا يعترضون فقط لأن اتجاه البرنامج وآراءه "ليست على مزاجهم".
وأشار يوسف، في مقالة له نشرت اليوم بجريدة "الشروق"، إلى أن برنامجه "كان المفضل لأعداء الإخوان، ولكنهم لم يتحملوا فقرات سخرنا فيها من أحمد شفيق، أو عندما انتقدنا موقفهم حين خرجوا لحصار مقر الإخوان في المقطم".
وأوضح أن أنصار الفريق السيسي يبادرون بضربة استباقية ويقولون له "اوعى تتكلم على السيسي"، مع أنهم طنفس الناس الذين كانوا ينتظرون البرنامج ليتكلم عن مرسي، بل كانوا يقابلونني بعد الحلقات، ويقولون: "بس أنت كنت حنين عليه"، وكأن السخرية تعني أن أسب المرء بأهله و"أعلم عليه "حتى يرضوا".
وأكد باسم يوسف أنه "لا يوجد تسامح لا من ناحية الإخوان ولا من ناحية من يطلقون على أنفسهم ليبراليين، فالكل يبحث عن فرعون على مقاسه".
وأشار إلى أنه "عادة لا يحب الحديث عن البرنامج في مقالاته، ولكنه تكلم اليوم لتوضيح بعض الأمور"، لافتا إلى أنه التزم الصمت في الأسابيع الماضية، مشيرا إلى أنه قرأ وشاهد وسمع شائعات أحاطت بالبرنامج وتوقفه وعودته، لذلك اختار أن يوضح هذه الأمور لأن الموضوع له أبعاد أعمق من مجرد الحديث عن برنامج تليفزيوني.
وإليكم نص المقال:
أهلا بكم فى برنامج البرنامج
هاه!!! حنتكلم على مين دلوقتى؟
كم مرة سمعت هذا السؤال منذ عزل محمد مرسى؟
يربط الكثير من الناس بين السخرية وبين تحطيم الأشخاص، أو باللغة الدارجة "إنك تعلم عليه"، وهى عبارة مستوحاة من خناقات الشوارع و"التعليم على الوش" بالمطواة.
حين بدأنا البرنامج على الإنترنت ثم انتقلنا إلى التليفزيون، كنا نعتبر أن هذه فرصتنا لتقديم طريقة جديدة للتعبير عن الرأي، وذلك عن طريق السخرية والكوميديا على قدر ما نستطيع.
وفي حين تقبل الكثير من الناس هذه الطريقة الجديدة، اعترض عليها آخرون مرة بدعوى أنها حرام ومرة بدعوى أنها غير لائقة، لكن في الواقع الكثير من هؤلاء كانوا يعترضون فقط لأن اتجاه البرنامج وآراءه "مش على مزاجهم".
فالكثير من الإخوان المعجبين بالبرنامج في موسمه الأول انقلبوا عليه لمجرد أدائنا أغنية "راب" ضدهم، وازدادت العداوة بالطبع في الموسم الثاني حين قدم لنا مرسي ومقدمو البرامج الدينية مادة متجددة دائمة.
وعلى الناحية الأخرى، كان البرنامج هو المفضل لأعداء الإخوان، ولكنهم لم يتحملوا فقرات سخرنا فيها من أحمد شفيق أو عندما انتقدنا موقفهم حين خرجوا لحصار مقر الإخوان في المقطم.
وفي بلادنا يربط الكثير منا موقفه من برنامج أو من مذيع ليس على أساس جودة ما يقدمه، ولكن يقيمه على أساس اتفاق هذا المذيع مع آرائه. يقولون لك: "قول اللي إنت عايزه بس خليك موضوعي.. خليك محايد" وتختار أ، ت في تفسير "محايد موضوعي" لأنها في الحقيقة تعني "قول اللي علي مزاجي"، يقابلني أنصار السيسي ويبادرون بضربة استباقية فيحذرون: "إوعى تتكلم على السيسي"، مع أنهم نفس الناس الذين كانوا ينتظرون البرنامج ليتكلم عن مرسي بل كانوا يقابلونني بعد الحلقات ويقولون: "بس إنت كنت حنين عليه"، وكأن السخرية تعني أن أسب المرء بأهله و"أعلم عليه "حتى يرضوا.
حين أواجههم بذلك يكررون نفس الكلام "الإخوان من قبل ما يصحش" أو أن "مرسي يستاهل" أو أن "مش وقته" أو "منظرنا قدام العالم".
الحقيقة أنه لا يوجد تسامح لا من ناحية الإخوان ولا من ناحية من يطلقون على أنفسهم ليبراليين، فالكل يبحث عن فرعون على مقاسه.
على قناة الجزيرة عرضوا تقريرا وثائقيا مفاده أن البرنامج كان سببا مهما لسقوط مرسي، يعني هم يسيئون لحكم مرسي أكثر مما أساء هو له بأن يقولوا إن برنامجا ساخرا يأتي مرة في الأسبوع ومدته أقل من ساعة قادر على أن يسقط نظام حكم وتنظيم عمره أكثر من ثمانين عاما، وإن كانت حقيقة فهو دليل على هشاشة الحكم وليس قوة البرنامج.
عادة لا أتكلم عن البرنامج في مقالاتي، ولكنني أتكلم اليوم عنه لأوضح بعض الأمور. لقد التزمت الصمت في الأسابيع الماضية حين كنت أقرأ وأشاهد وأسمع الشائعات التي أحاطت بالبرنامج وتوقفه وعودته، ولذلك اخترت أن أوضح هذه الأمور لأن الموضوع له أبعاد أعمق من مجرد الحديث عن برنامج تليفزيوني.
توقفنا في رمضان وعيد الأضحى لأنها إجازة معلن عنها سلفا، وتأخرت عودتنا بسبب فرض الحظر، خاصة أننا لا نصور البرنامج من داخل مدينة الإنتاج الإعلامي ولكن من وسط المدينة على بعد أمتار قليلة من ميدان التحرير، فكان من غير المقبول أن نعرض فريق العمل والجمهور للخطر.
وحين أعلن عن تخفيف الحظر اتخذنا قرارا بالرجوع وتم التأجيل مرة أخرى بعد وفاة والدتي، فاتخذنا قررا بالرجوع بعد ذكرى الأربعين.
على مدى الأسابيع التي توقف فيها البرنامج، راقبت بتعجب الشائعات التحليلات والتكهنات، التي أصبحت أخبارا وأمرا واقعا، فهذا خبر عن وقف البرنامج وخبر آخر بمنعي من الظهور وإنهاء التعاقد مع المحطة "بعد أن أديت دوري"، كما يقولون "المثير للاهتمام أنه بعد أسابيع من التقريع والشماتة لأن البرنامج "اتمنع خلاص"، وبعد أن أعلنا عن عودة البرنامج وأسباب التوقف تغيرت النغمة لـ"نتحداك أن تنتقد السيسي وعدلي منصور"، وإذا فعلنا ذلك سيقولون إن ذلك ليس كافيا، أو إنها تمثيلية، أو يطالبون بأن "أعمل فيه زى ما عملت في مرسي"، طب يعملوا مرسي وأنا تحت أمركم! لذلك إن كنت إسلاميا أو ليبراليا، محبا للعسكر أو الإخوان، لا تقنع نفسك بأنك موضوعي أو حيادي، أنت متحيز ومتحامل مثلما تصف هذا المذيع أو هذه القناة.
يستخدم محبو السيسي نفس المصطلحات التي كان يستخدمها محبو مرسي، هم لن يطيقوا كلمة على السيسي، ودفاعهم عن الحرية والديمقراطية سيتوقف في اللحظة التي تزعجهم فيها نفس النكتة التي كانوا يصفقون لها من قبل، الإخوان لن يكفيهم أي نوع من الانتقاد أو السخرية إلا ما يريدونه هم، وسيعايرون من لم يقف معهم وينصفهم مع أنهم يطلبون ذلك ممن علقوا له صورا ترسم مشنقة حول عنقه، وأطلقوا عليه سلاح التكفير، وطالب شيوخهم وقياداتهم علنا بإيقاف البرنامج، وذهبت بسببهم إلى النائب العام الذي ربما سأراه قريبا ولكن على يد ناس آخرين يحبون الحرية "زى عيونهم" أو على حسب المزاج.
أعترف بأن الأمور الآن أصعب بكثير ليس لمجرد أن المادة الخام الآتية من القنوات الدينية أو من مرسي تضاءلت، ولكن المزاج العام أصبح مختلفا، كيف نخرج ببرنامج ساخر وكوميدي وحديث الدم هو حديث الصباح والمساء؟ كيف نجعل الناس يضحكون وحياتهم اليومية مليئة بأحاديث عن الإرهاب والخوف والقتل؟
حين يعيش الناس في حالة من الرعب والخوف والغضب والكراهية.. لا أحد يريد أن يستمع لصوت العقل فما بالك بالسخرية؟
حين يسألني أحدهم "هتعمل إيه بعد كده.. هتضحكنا إزاي؟"، أقول له إن برامج السخرية السياسية هى مرآة للمجتمع، إذا كان ما يحدث في البلد "دمه خفيف" فسنكون كذلك، أما حين يكون كل ما يحدث في البلد يدعو للاكتئاب فبدلا من أن نقول "طب ونجبلكم منين؟"، سنبذل قصارى جهدنا لوضع ابتسامة على شفاه من أصابهم الملل من البرامج التقليدية وسنضحك معهم بدلا من أن نبكي.
التحدي كبير، ولذلك أحب أن أجدد شكري وتقديري للفريق الرائع الذي أعتبر نفسي محظوظا لأن أقضي معهم وقتا أطول مما أقضيه مع عائلتي.
سيدي الفاضل لا أعدك أنك ستتفجر أحشاؤك من الضحك مع البرنامج، ولكن نعدك أنك ستستمتع بما نفعله ليخرج لك منتج إعلامي مختلف بذلنا فيه قصارى جهدنا.
أعتذر مقدما لأنك لن تتفق مع كل شيء أقوله وربما ستكرهنا أو "ننزل من نظرك"، ولذلك أختتم المقال بهذه الأقوال المأثورة "رضا الناس غاية لا تبغي"، لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع" "ولهذا خلق الله الريموت".. نراكم 25 أكتوبر بمشيئة الله.. باسم يوسف.