استقبل الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة، اليوم الأحد، الدكتورة هالة رمضان، مدير المركز القومي للبحوث الاجتماعيَّة والجنائيَّة، وذلك في إطار التعاون المشترك بين الجهتين، ودعمًا للحملة التوعويَّة الشاملة التي أطلقها المجمع تحت عنوان: (ومَن أحياها) التي تهدف إلى التصدِّي للخصومات الثأريَّة، ومعالجتها من منظور دِيني وإنساني.
وأكَّد الدكتور الجندي -خلال اللقاء- أنَّ الأزهر الشريف يضطلع بدور ريادي في معالجة قضايا المجتمع، بما يمتلكه من مرجعية دِينية وعِلمية راسخة، وأنَّ مجمع البحوث الإسلاميَّة يعمل على تعزيز حضوره المجتمعي من خلال حملات توعوية ميدانية وخطاب دِيني متجدِّد يهدف إلى ترسيخ ثقافة التسامح ونبذ العنف، مشيرًا إلى أنَّ مواجهة ظاهرة الثأر تتطلَّب تكاملًا مؤسَّسيًّا يستند إلى العِلم والوعي والتوعية.
من جانبها، أعربت الدكتورة هالة رمضان عن تقديرها لدَور مجمع البحوث الإسلاميَّة بالأزهر الشريف في التصدِّي للقضايا المجتمعيَّة الحسَّاسة، مؤكدةً أنَّ التعاون بين الجهتين يُعدُّ نموذجًا رائدًا في توظيف البحث العِلمي لخدمة قضايا التنمية والاستقرار، مشيدةً بالحملات التوعوية الميدانية التي ينفِّذها المجمع، والتي تستند إلى منهجية عِلمية ورؤية مجتمعية واقعية.
دارسة ميدانيَّة
واستعرضت رمضان نتائج الدراسة الميدانيَّة التي أجراها باحثو المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية تحت عنوان: (جرائم الثأر في صعيد مصر.. آليَّات التدخُّل وسُبُل المواجهة)، مسلِّطةً الضوء على عمق المشكلة، وتنوُّع أبعادها النفسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والإعلامية.
ورصدتِ الدراسة خريطة انتشار ظاهرة الثأر والعوامل المغذِّية لها في محافظات الصعيد وقراها، كاشفةً عن أنَّ 29.5% من المشاركين يرون أنَّ (الأخذ بالثأر) واجب لا بُدَّ منه، بينما يَعُدُّ أكثر من 18% (عدم الأخذ بالثأر) عارًا؛ ما يعكس مدى تغلغُل هذا الموروث في الوعي الجمعي.
كما أظهرتِ الدراسة تأثير العُرف وسوء المعالجة الإعلامية كعوامل تعزِّز من استمرار الظاهرة، إلى جانب اعتماد ما يقرب من 55% من الحالات على المجالس العرفيَّة كوسيلة للحل.

وتبرز أهميَّة توظيف نتائج هذه الدراسة في الخطاب الدعوي لمجمع البحوث الإسلاميَّة، وفي برامجه التوعويَّة الموجَّهة إلى فئات المجتمع المختلفة؛ إذْ إنَّ مواجهة هذه الظاهرة المعقَّدة تتطلَّب شراكة عِلمية وتوعوية وتنموية شاملة، وتضافُر جهود جميع المؤسَّسات، كما يستند المجمع إلى المؤشرات والتحليلات الواردة في هذه الدراسة لتوجيه قوافله التوعوية إلى المناطق الأكثر تضرُّرًا، من خلال محتوًى عِلمي متخصِّص يعالج الأسباب، ويخاطب البنية الثقافية والنفسية والاجتماعية التي تدفع نحو العنف والثأر.
توصيات
وفي ختام اللقاء، اتفق الجانبان على عدد من التوصيات العِلميَّة التي من شأنها أن تُسهِم في الحدِّ من ظاهرة الثأر؛ أبرزها: تعزيز التكامل المؤسسي بين الجانبين في بناء محتوًى توعوي مستند إلى بيانات ميدانية دقيقة، وتنظيم برامجَ تدريبيةٍ متخصِّصة لوعَّاظ الأزهر في التعامل مع القضايا المجتمعية الحسَّاسة، وتكثيف الحملات الميدانيَّة التي تستهدف تفكيك الموروثات الثقافية المغذِّية للعنف، خاصَّة في المناطق الأكثر تأثُّرًا، إلى جانب إعداد برامج نوعيَّة تستهدف فئة الشباب؛ بوصفها عنصرًا محوريًّا في التغيير الثقافي والاجتماعي، مع تطوير خطاب مرن يستوعب الواقع، ويخاطب العقول والقلوب بلغة بسيطة.
حضر اللقاءَ كلٌّ من: الدكتور محمود الهواري، الأمين المساعد للدعوة والإعلام الدِّيني، والدكتورة إلهام شاهين، الأمين العام المساعد لشئون الواعظات، والدكتور حسن خليل، الأمين المساعد للثقافة الإسلاميَّة، والدكتور حسن يحيى، الأمين المساعد للجنة العُليا للدعوة، والدكتور محمد ورداني، مدير المركز الإعلامي لمجمع البحوث الإسلاميَّة، والدكتور سامح المحمدي، الباحث بالمركز القومي للبحوث الاجتماعيَّة والجنائيَّة.