قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، انه عندما شَرَّفَ الله الوجود بحضور حضرة النبي ﷺ، كانت القضية في شأن تأريخ الهجرة؛ هل تُدوَّن من أول ما بُعِثَ ﷺ ، أو من السنة الأولى من مبعثه ﷺ ، أو من السنة الثانية من مبعثه ﷺ ، وكان هذا محل نقاش بين المسلمين.
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، انه بعد انتقاله ﷺ، جعلها سيدنا عمر رضى الله عنه ابتداءً من الهجرة، أي من تأسيس الدولة في المدينة المنورة، فبدأ التأريخ الهجري من الهجرة.
ورأى سيدنا عمر رضى الله عنه أن يجعل بداية العام بعد الرجوع من الحج، فنبدأ السنة بشهر المحرم.
وأشار إلى أن العرب كانوا قبل الإسلام يقومون بِمَا يُسَمَّى "النسيء"، وهو أمرٌ معقد؛ لأنهم كانوا يستكثرون حرمة الأشهر الحرم: ذو القعدة، وذي الحجة، والمحرم، وكانوا يريدون سفك الدماء في هذه الأشهر. وسفك الدم فيها محرَّم، فكانوا يغيّرون أسماء الشهور.
فإذا جاء شهر المحرَّم غيّروه وسمَّوه صفر، ويؤجّلون المحرَّم إلى الشهر القادم، ويذهبون إلى كاهن ليحسبها لهم. فإذا جعل صفر محرَّمًا، وجاء ربيع الأول سموه صفر، وهكذا، فتتزحزح الشهور وتتغيّر مواضعها.
وبسبب هذا التزحزح لا تكتمل الدورة الزمنية، فكانوا كل سنتين يُجرون تعديلاً بالحذف والإضافة، حتى تكتمل الدورة مرة كل 18 سنة... وهكذا .
وسبحان الله، في السنة التي حجّ فيها النبي ﷺ، كانت نهاية هذه الدورة، فعادت الشهور إلى مواضعها الأصلية.
فقال ﷺ: « إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض...». أي أن الزمان عاد إلى صورته الصحيحة. وقال تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ}. والحمد لله كانت حجة سيدنا ﷺ مضبوطة؛ حيث دارت الدورة الزمنية كما أرادها الله عند خلق الخلق.
والتقويم الهجري مبني على القمر، وقال ﷺ: « صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمِّىَ عَلَيْكُمُ الشَّهْرُ فَعُدُّوا ثَلاَثِينَ». فبيّن لنا القاعدة التي نسير عليها.والسنة الهجرية دورتها تتكرر كل 8 سنوات، وتتراوح أيامها بين:353 يومًا: تأتي مرة واحدة فقط.354 يومًا: تأتي مرتين أو ثلاثًا.
355 يومًا: تأتي مرتين أو ثلاثًا.ولا تأتى شهور متتالية كلها 29 يومًا، فلا يُتصوَّر أن تكون أربعة شهور متتالية (29، 29، 29، 29)، لكن قد يأتي شهران متتاليان بـ29 يومًا، ويأتي الثالث بـ30 يومًا، ليُصحِّح الدورة الزمنية.
غير أن هذه الدورة ليست منضبطة انضباطًا تامًّا كالشمس، ولذلك وجب الاعتماد على رؤية الهلال في أوّل كل شهر، فالحساب لا يُعتمد عليه اعتمادًا كليًّا، بل يُستأنَس به فقط.
والفرق بين الاستئناس والاعتماد، أن الاستئناس غالبًا ما يكون صحيحًا، أما الاعتماد فصحيح دائمًا، ولذلك نجمع بين الحساب والرؤية، لأن هناك حالات لا تثبت إِلَّا بالرؤية لا بالحساب، وإن كانت قليلة، لكنها موجودة.
فينبغي أن نفهم إن حركة القمر غير منتظمة انتظامًا تامًّا؛ ولهذا يجب الجمع بين الحساب والرؤية.
والتقويم الهجري قائمٌ على 12 شهرًا، ولا نسيءَ فيه
أما التقويم القبطي فهو شمسي، والتقويم الرومي أيضًا شمسي، ويُسمَّى الجريجوري، نسبةً إلى بابا الفاتيكان الذي أصلح الخطأ الذي كان في التقويم السابق، وهو معمول به إلى الآن.