تعثرت المحادثات بين بريطانيا وفرنسا بشأن اتفاق مرتقب للهجرة غير النظامية، وذلك قبل ساعات من انطلاق القمة الثنائية بين رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وسط خلافات مستمرة حول التمويل والمخاوف القانونية داخل فرنسا، فضلاً عن اعتراضات من دول أوروبية أخرى.
وكان ستارمر يأمل في الإعلان عن اتفاق لإعادة بعض طالبي اللجوء الذين يعبرون القناة الإنجليزية، كختام رمزي لزيارة دولة تستمر ثلاثة أيام للرئيس الفرنسي، إلا أن مصادر حكومية من الجانبين أكدت مساء الأربعاء استمرار الخلافات الجوهرية.
وأكد متحدث باسم داونينج ستريت أن رئيس الوزراء يسعى لتحقيق "تقدم ملموس" في ملف الهجرة غير النظامية خلال القمة، في حين اعتبرت مصادر فرنسية أن مطالبة باريس بتمويل إضافي لتأمين سواحلها الشمالية "حساسة سياسياً" لبريطانيا.
ورغم الطابع الرمزي للزيارة – التي شهدت إعلان إعارة لوحة "نقش بايو" التاريخية من فرنسا إلى المتحف البريطاني – فإن ملف الهجرة طغى على مباحثات الزعيمين، خصوصاً في ظل الضغوط الداخلية التي يواجهانها بهذا الشأن.
ويطمح ستارمر إلى توقيع اتفاق "واحد مقابل واحد"، يسمح بقبول طالبي لجوء لديهم روابط أسرية في المملكة المتحدة، مقابل إعادة أولئك الذين لا تتوافر فيهم تلك الشروط. وتشير تقارير صحفية فرنسية إلى أن المرحلة التجريبية قد تشمل إعادة 2600 شخص فقط سنوياً، أي نحو 6% من إجمالي العابرين.
لكن الخلافات ما زالت قائمة، خصوصاً بشأن التمويل. وكانت لندن قد وافقت قبل عامين على تمويل بقيمة 480 مليون جنيه إسترليني لتعزيز مراقبة الحدود، بما في ذلك استخدام طائرات مسيرة ونظارات للرؤية الليلية، إلا أن باريس تطالب بتمويل إضافي لدعم قواتها المختصة بمكافحة تهريب البشر.
كما تعارض دول جنوب أوروبا، وعلى رأسها إيطاليا واليونان وإسبانيا وقبرص ومالطا، الاتفاق المقترح، خوفاً من أن يؤدي إلى عودة طالبي اللجوء إلى أراضيها مجدداً بعد إعادتهم إلى فرنسا.
وعلى الجانب القانوني، أبدى دبلوماسيون فرنسيون قلقهم من احتمال الطعن في سياسة اعتراض القوارب على بعد 300 متر من الساحل الفرنسي أمام المحاكم المحلية.
وفيما وصف مسؤول بريطاني المفاوضات بأنها "معقدة ومتغيرة"، أقر دبلوماسي فرنسي بأن فرص التوصل إلى اتفاق خلال هذه الزيارة "ضئيلة"، قائلاً إن الاقتراح البريطاني لا يتضمن ضمانات كافية ولا يحظى بتوافق أوروبي واسع.
ورغم تمسك الجانبين بالتوصل إلى "حلول مشتركة" لمشكلة الهجرة غير النظامية، يبقى الاتفاق معلقاً في ظل تباين الأولويات وصعوبة التوفيق بين الحسابات السياسية الداخلية والمصالح الأوروبية الأوسع.