في مشهد إقليمي محتقن ومفتوح على كل السيناريوهات، عاد الأمل في تهدئة مؤقتة لقطاع غزة إلى الواجهة، بعد شهور من التصعيد العسكري والضغوط الدولية المتصاعدة.
وبينما تتزايد مؤشرات الانفراج، كشفت مصادر إسرائيلية عن شروط ومواقف تُحدد مستقبل الجولة القادمة من التفاوض، وسط تزامن مع تصريحات مثيرة للجدل بشأن ملف إيران النووي.

شرط إسرائيلي للهدنة.. وقف إطلاق نار "مؤقت" مشروط
كشف مصدر إسرائيلي رفيع المستوى، في تصريحات خاصة لوكالة "رويترز"، أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة "قد يكون ممكنًا خلال أسبوع أو أسبوعين، لكن ليس خلال يوم واحد"، على حد قوله.
وأكد المصدر أن إسرائيل ستعرض وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار، موضحًا أن العمليات العسكرية ستستمر إذا لم تُلقِ حركة حماس سلاحها، وهو ما يعكس تمسك تل أبيب بخطاب الحسم العسكري.
وبالتوازي، أعلنت حركة حماس موافقتها على إطلاق سراح عشرة رهائن محتجزين في غزة، ضمن جهود وساطة تقودها قطر ومصر والولايات المتحدة.
وفي بيان رسمي، أكدت الحركة أنها "تتعامل بإيجابية" مع المبادرات المطروحة، رغم ما وصفته بـ"تعنت الاحتلال"، مشيرة إلى قضايا لا تزال عالقة، أهمها:
- تدفق المساعدات الإنسانية.
- انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع.
- وجود ضمانات لتهدئة دائمة.
مسودة اتفاق بـ60 يومًا.. وعقبات في التفاصيل
تشير المسودة الجاري التفاوض بشأنها إلى هدنة مدتها 60 يومًا، تتضمن ما يلي:
- الإفراج عن عشرة رهائن أحياء.
- تسليم جثث تسعة آخرين.
- استئناف دخول المساعدات الإنسانية.
- بدء مفاوضات حول الترتيبات الأمنية اللاحقة.
وبحسب المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، فإن هناك أملًا حقيقيًا في التوصل إلى اتفاق قبل نهاية الأسبوع، بينما أعربت قطر عن حذرها، مشيرة إلى أن "النقاشات لا تزال معقدة وتحتاج إلى وقت".
وفي مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز"، أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تفاؤله بقرب الاتفاق، معتبرًا أن "هناك فرصة جيدة للوصول إلى تفاهم".
من جهته، صرح رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير بأن "الظروف متوافرة للمضي في اتفاق يضمن الإفراج عن الرهائن"، مشيرًا إلى ما وصفه بـ"الإنجازات العملياتية التي أضعفت بنية حماس"، حسب تعبيره.
وتأتي هذه التصريحات بينما يزداد الضغط الإقليمي والدولي للتوصل إلى تهدئة، بعد أشهر من الحرب التي اندلعت عقب الهجوم الكبير الذي شنّته حماس في 7 أكتوبر 2023، وما أعقبه من عمليات عسكرية إسرائيلية واسعة في القطاع أودت بحياة آلاف المدنيين وتسببت في دمار هائل.
اليورانيوم الإيراني في مرمى الاستخبارات الإسرائيلية
وفي ملف آخر لا يقل أهمية، كشف المصدر الإسرائيلي ذاته عن معلومات استخباراتية تؤكد بقاء اليورانيوم المخصب في المواقع النووية داخل إيران، رغم الغارات التي شنها الجيش الإسرائيلي مؤخرًا على الأراضي الإيرانية.
وأوضح أن "قبل الهجمات على إيران، كان اليورانيوم المخصب موجودًا في فوردو ونطنز وأصفهان، ولم يتم نقله"، في إشارة إلى المواقع النووية التي طالها القصف الإسرائيلي خلال جولة التصعيد الأخيرة بين البلدين.
ورغم عدم صدور رد رسمي من طهران حتى الآن، كانت تقارير سابقة قد تحدثت عن تعزيز إجراءات الأمن في تلك المنشآت عقب الضربات، وسط تحذيرات من أن أي تصعيد إضافي قد يُشعل مواجهة إقليمية لا تحمد عقباها.
وفي ظل هذه المستجدات المتسارعة، تبدو المنطقة أمام لحظة حرجة، حيث تُمثل غزة نقطة اختبار حاسمة للوساطات الدولية، فيما يُلقي ملف إيران النووي بظلاله على توازن الردع الإقليمي.
هدنة مشروطة في غزة ويورانيوم لم يغادر مكانه في إيران… معطيات تشي بأن لعبة التوازنات لم تنتهِ بعد، وأن الشرق الأوسط يكتب فصله التالي بمداد من النار والدبلوماسية.