في خطوة وصفت بـ"التاريخية"، أعلنت فرنسا التوصل إلى اتفاق مع قادة كاليدونيا الجديدة، يقضي بإعلان الأرخبيل الواقع في جنوب المحيط الهادئ "دولة ضمن الجمهورية الفرنسية"، مع بقائه تحت السيادة الفرنسية، في محاولة لإنهاء سنوات من التوتر السياسي والمطالبات بالاستقلال.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في منشور على منصة "إكس" (تويتر سابقًا): "دولة كاليدونيا الجديدة ضمن الجمهورية: إنها رهان على الثقة"، مشيدًا باتفاق جديد "يفتح فصلًا جديدًا" في العلاقة بين باريس وجزيرتها البعيدة، بعد عشرة أيام من المحادثات المكثفة بالقرب من العاصمة الفرنسية.
توازن هش بين السيادة والانتماء
الاتفاق الذي جاء بعد أكثر من عام على اندلاع أعمال شغب دامية خلفت 14 قتيلاً وخسائر تقدر بملياري يورو – أي نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي للأرخبيل – يعد تسوية وصفتها الحكومة الفرنسية بـ"الذكية"، إذ يبقي على الروابط السياسية مع فرنسا، لكنه يمنح كاليدونيا الجديدة مستوى أعلى من الحكم الذاتي والسيادة الرمزية.
وقال وزير شؤون ما وراء البحار، مانويل فالس، إن الاتفاق يمثل "تسوية ذكية" تسمح بالحفاظ على وحدة الجمهورية، مع احترام الخصوصيات السياسية والثقافية لأبناء الأرخبيل، لا سيما السكان الأصليين من شعب الكاناك الذين لطالما عبروا عن رفضهم للسيطرة الفرنسية.
أبرز بنود الاتفاق
- إعلان "دولة كاليدونيا الجديدة" ضمن الجمهورية الفرنسية، تكرس في الدستور الفرنسي.
- إنشاء "جنسية كاليدونية" جديدة، يمكن الجمع بينها وبين الجنسية الفرنسية.
- حصر حق التصويت في الاستحقاقات المحلية بسكان الأرخبيل الذين أقاموا فيه لأكثر من عشر سنوات، استجابة لمخاوف الكاناك من فقدان تأثيرهم السياسي.
- إطلاق خطة إنعاش اقتصادي ومالي، تشمل تطوير صناعات معالجة النيكل – المورد الأساسي في الاقتصاد المحلي.
- تقديم الاتفاق إلى البرلمان الفرنسي للتصويت عليه في الربع الأخير من عام 2025، تمهيدًا لاستفتاء شعبي في كاليدونيا الجديدة يجرى في عام 2026.
خلفية الصراع
كاليدونيا الجديدة، التي يبلغ عدد سكانها نحو 270 ألف نسمة، تقع على بعد 17 ألف كيلومتر من باريس، وقد خضعت للسيطرة الفرنسية منذ القرن التاسع عشر. ورغم تنظيم ثلاث استفتاءات على الاستقلال منذ عام 2018، رفض السكان الانفصال في كل مرة، إلا أن نتيجة الاستفتاء الأخير في 2021 كانت محل جدل واسع بعد أن قاطعه مؤيدو الاستقلال احتجاجًا على ظروف التصويت خلال جائحة كورونا.
الاضطرابات الأخيرة التي اندلعت في مايو 2024 جاءت إثر إعلان باريس نيتها توسيع قاعدة الناخبين المحليين، ما أثار غضب شعب الكاناك الذين رأوا في ذلك تهديدًا دائمًا لطموحاتهم السياسية، وجعلهم أقلية سياسية دائمة.