أدانت نقابة الصحفيين المصريين ببالغ الغضب والأسى جريمة التجويع الممنهجة، التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وتحوّلت إلى أداة إبادة جماعية تفتك بالأطفال، والنساء، والشيوخ تحت سمع وبصر العالم.
وقالت نقابة الصحفيين المصريين في بيان لها اليوم، إنه في مشهد يُدمي الضمير الإنساني، ارتفعت حصيلة شهداء الجوع إلى 900 فلسطيني، بينهم 71 طفلًا يُدفنون أحياءً تحت أنقاض مجاعة يصنعها بطريقة منظمة وممنهجة جيش الاحتلال ومجرمي الحرب الصهاينة، بمشاركة أمريكية وتواطؤ دولي، وصمت عربي مخزٍ، بينما أصيب أكثر من 6000 مدني برصاص القناصة أثناء انتظارهم لقوت يومهم على نقاط المساعدات.
وأشارت إلى أن الجريمة بلغت ذروتها بتسجيل 18 حالة وفاة يوميًا بسبب الجوع في يوليو 2025م، ووصول 650 ألف طفل إلى حافة الموت جوعًا، فيما يحتاج 112 طفلًا يوميًا لدخول المستشفيات لعلاج الهزال الحاد، والأخطر أن 60 ألف امرأة حامل يواجهن الموت، أو فقدان أجنّتهن بسبب انعدام الغذاء، فيما تحوّلت الأسر إلى الاعتماد على كيلو عدسٍ شهريًا كحدٍّ للبقاء، بعد أن ارتفع سعر الدقيق إلى 3 آلاف ضعف.
واكدت النقابة أن ما يحدث جريمة حرب مروعة، وواحدة من أبشع الجرائم الإنسانية التي يقف امامها العالم إما مشاركًا في الجريمة، أو متفرجًا عماده الصمت المخزي، متسائلة: هل ننتظر حتى يُدفن آخر طفل في غزة؟ كل دقيقة تأخير هي سطر يُكتب بدماء الأبرياء.
وأضافت نقابة الصحفيين المصريين أنها معركة إنسانية قبل أن تكون سياسية، ومعركة الإنسانية قبل أن تكون معركة الشعب الفلسطيني.
وأضاف البيان أن نقابة الصحفيين إذ تنعي الضمير الإنساني، الذي يحتضر، تُعلن للعالم أن جريمة الإبادة الجماعية، التي يمارسها الاحتلال منذ أكثر من عشرين شهرًا، والتي حوّلت قطاع غزة إلى أكبر سجن مكشوف يشهد أبشع مجاعة ممنهجة في العصر الحديث، انتقلت من مرحلة القتل بالقنابل والرصاص إلى حرب تجويع شاملة، واستهداف طالبي الغذاء في شكل جديد من الإجرام فاق الجرائم النازية.
وتابع: لقد بلغت المأساة ذروتها: فمنذ مايو 2025م، سقط ألف شهيد برصاص الجيش الإسرائيلي أمام شاحنات المساعدات، أشهرهم شهداء مجزرتَيْ «السودانية» (67 قتيلًا)، و«زيكيم» (63 قتيلًا) في يوليو الجاري.. هذه ليست أخطاء عسكرية، بل سياسة تطهير عرقي وصفها مفوّض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بأنها: «عقاب جماعي يُعد جريمة حرب».
واكدت نقابة الصحفيين المصريين أن صمت المجتمع الدولي على هذه الكارثة، وتواطؤه مع الآلة الصهيونية عبر منع إعلان المجاعة الرسمي رغم تحقّق كل شروطها (20% من السكان بجوع شديد، 30% أطفالًا بهزال حاد)، وصمت العالم العربي المخزي، الذي يغسل يديه من دماء أطفال غزة، كلّها جرائم تُضاف إلى سجل العار الإنساني، متسائلة: هل يُعقل أن يموت الفلسطيني جوعًا في القرن الحادي والعشرين، بينما يُرشّح الجلادون لجوائز نوبل؟.
وقال البيان إن نقابة الصحفيين المصريين إذ تنعي العجز العربي الممتد أمام ما يحدث من جرائم بحق الأشقاء في فلسطين، فإنها تجدّد مطالبها، التي تتمثل في:
1. محاكمة قادة الاحتلال والقادة الأمريكيين الداعمين لهم أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهم الإبادة الجماعية، و«الإبادة بالجوع». كما نطالب المحكمة الجنائية الدولية بتوثيق جرائم الإبادة بالجوع على رأس الجرائم البشعة في حق الإنسانية.
2. مطالبة الشعوب العربية باستمرار مقاطعة السلع الصهيونية، والأمريكية، وسلع الدول الداعمة للكيان الصهيوني.
3. نطالب الدول العربية بقطع العلاقات فورًا مع العدو الصهيوني، ووقف كل أشكال التطبيع والتعاون التجاري فورًا، وبذل كل الجهود لفتح معابر الإغاثة فورًا، وفي مقدمتها معبر رفح باعتباره شريان الحياة الوحيد لأهالي غزة، ودخول كل أشكال الإغاثة دون قيود، خاصة الأدوية ووقود المستشفيات.
وأشارت نقابة الصحفيين المصريين، إلى أن معبر رفح - الشريان الوحيد للحياة - تحوّل بفعل السياسة الإسرائيلية إلى مصيدة موت، بينما تقف القوافل الإغاثية محملةً بعشرات الأطنان من الدواء والغذاء خلف الحواجز، وكأن حياة مليوني إنسان لعبةٌ بأيدي القتلة.
4. نطالب الأمم المتحدة بإعلان مجاعة غزة رسميًا، وكسر احتكار توزيع المساعدات.
5. كسر الصمت قبل كسر الحصار؛ لذا نطالب الصحفيين العرب والدوليين بتوثيق هذه الجريمة ونقل الصورة الكاملة، وتعميم تقارير توّثق جرائم الاحتلال، والتحريض الصهيوني ضد الفلسطينيين، وإيصالها إلى البرلمانات الأوروبية والأمم المتحدة. فسلاحنا سيظل هو الكلمة في مواجهة آلة التعتيم والتزييف المسيطرة. صمتكم اليوم هو مشاركة في الجريمة.
وأضاف البيان أن الضمير الإنساني ليُنْدَى أمام ما يجري على أرض فلسطين، وإن الخزي صار يلاحقنا جميعًا.. ورسالتنا للعالم الصامت:
«إن موت الطفل الفلسطيني جوعًا لا يُحصى بالأرقام.. إنه إعدام للإنسانية فيكم». فإما أن تتحرّكوا اليوم، أو تُسجّلوا في التاريخ كأول حضارة تشهد إبادة شعبٍ بالجوع وتُغمض عينيها.
باسم ما تبقى من الضمير الإنساني، وبسلطة المسئولية التاريخية لمصر، هذه دعوة من نقابة الصحفيين المصريين للتصدي لجريمة الإبادة المستمرة في فلسطين. فلا تزال عيون قادة الاحتلال الصهيوني مصوبة نحو استكمال جريمة التهجير وتصفية القضية الفلسطينية.
«إن ما يحدث في غزة ليس عدوانًا عابرًا، بل فصل دموي في سجل الإبادة الممنهجة.. شعب يُحاصر من البر والبحر والجو، ويُجبر على الاختيار بين الموت أو الهروب من أرضه. لكنهم اختاروا الصمود.. فهل نختار الخذلان؟».