رغم أن الروبوتات البشرية صممت في الأساس لمحاكاة الشكل البشري وتنفيذ مهام عملية مثل مساعدة كبار السن أو التعامل مع المواد الخطرة، وقد أثبتت خلال العقد الأخير قدرتها على رفع الصناديق، وتجميع الأجزاء، بل والمشاركة في تقديم العلاج الفيزيائي، إلا أن حضورها في المجالات الإبداعية، لا سيما الفنون لا يزال محدودا إلى حد كبير.
هذا التحدي كان محور اهتمام فريق من الباحثين من المعهد الفيدرالي السويسري للفنون التطبيقية في ميلانو Politecnico di Milano، وجامعة SUPSI، ومعهد IDSIA، حيث طوروا روبوتا بشريا جديدا يدعى “Robot Drummer” الروبوت عازف الطبول، والذي يظهر قدرة الروبوتات البشرية على العزف بإيقاع معقد وبدرجة من التعبير الزمني تقارب أداء الإنسان.
يقول الباحث الرئيسي، أسد علي شاهيد، في حديث لموقع Tech Xplore: “جاءت فكرة روبوت الطبال من محادثة غير رسمية أثناء شرب القهوة مع زميلي لوريس روفيدا”.
وأضاف أنه لاحظ أن الروبوتات البشرية نادرا ما تستخدم في المجالات الإبداعية، ورأى في العزف على الطبول “حدا مثاليا” لتجربة ذلك، لما يتطلبه من تنسيق سريع وإيقاع بدني دقيق.
من المحاكاة إلى العزف الحقيقي
قام الفريق بتصميم نظام تعلم آلي يمكن الروبوت من عزف مقاطع موسيقية كاملة على طقم طبول، وتم اختبار النظام أولا باستخدام المحاكاة على روبوت G1 من شركة Unitree الصينية، حيث تم تحويل الموسيقى إلى سلسلة إيقاعية من الضربات الدقيقة تعرف بـ"سلسلة الاتصال الإيقاعي"، تحدد متى وأين يضرب الروبوت على الطبول.
ومع الوقت، طور الروبوت تقنيات أقرب ما تكون إلى العازفين البشر، مثل تبديل العصي، والضرب بذراع متقاطعة، وتحسين الحركة بين أجزاء الطقم.
وبحسب شاهيد، حقق الروبوت دقة إيقاعية تجاوزت 90% في عدة مقاطع، كما تعلم التخطيط المسبق للضربات وإعادة توزيع العصي بشكل فوري أثناء العزف.
روبوتات تعزف وتبدع
يرى شاهيد أن هذا الإنجاز قد يكون بوابة لانضمام الروبوتات إلى الفرق الموسيقية على المسارح في المستقبل، فضلا عن إمكانية استخدام النظام لتعليم مهارات توقيت دقيقة في مجالات تتجاوز الموسيقى.
ويخطط الفريق الآن لنقل الروبوت من بيئة المحاكاة إلى التجربة الواقعية على العتاد الفعلي، كما يطمحون لتطوير مهاراته عبر تمكينه من الارتجال الموسيقي، ليستجيب في الوقت الحقيقي كما يفعل العازف البشري.
وفي حال نجاح هذا الانتقال، فقد نرى في المستقبل حفلات موسيقية تضم روبوتات قادرة على العزف بدقة متناهية، دون أن تخطئ أي نبضة إيقاعية.