أوضح الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، أن ترديد الأذكار عقب الصلوات المكتوبة من السنن المستحبة التي واظب عليها النبي ﷺ، وهي من أبواب الخير التي يُثاب عليها المسلم، لكنها ليست ركنًا من أركان الصلاة، فالصلاة تنتهي بالتسليم يمينًا ويسارًا.
وأكد أن الاعتقاد الخاطئ بأن "ختام الصلاة من تمام الصلاة" لا أصل له، وإنما الأذكار عبادة مستقلة بعدها، فمن تركها فصلاته صحيحة.
وبيَّن أن من السنة بعد التسليم أن يستغفر المصلي ثلاث مرات، ويقول: "أستغفر الله" ثلاثًا، ثم يدعو بقوله: "اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام"، ويُسبّح ثلاثًا وثلاثين، ويحمد ثلاثًا وثلاثين، ويُكبّر أربعًا وثلاثين، كما ورد في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ﷺ.
وأشار إلى أن الحكمة من الاستغفار بعد الصلاة أن العبد قد يقع في تقصير أو غفلة أثناء أدائها، فيكون الذكر جابرًا للنقص وسببًا في رفع الدرجات.
ومن جانبه، أوضح الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، أن الذكر المأثور بعد الصلاة يجب أن يكون مباشرة عقب الانتهاء منها، ولا يُؤجَّل لما بعد ركعتي السنة، لأن النصوص النبوية جاءت بلفظ "دبر كل صلاة" أي بعد الصلاة مباشرة.
وأضاف أن الطهارة ليست شرطًا للذكر، فمن انتقض وضوءه بعد الصلاة جاز له الاستمرار في التسبيح والأذكار.
كما تناول مسألة التسبيح على اليد اليمنى أو اليسرى، مؤكدًا أن الوارد في سنة النبي ﷺ هو عقد التسبيح باليمين، إلا أن التسبيح باليسرى لا حرج فيه ولا إثم، وهو جائز باتفاق جمهور العلماء، فالعبرة بتحقيق الذكر لا باليد التي يُعقد عليها.
أما الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء، فقد أجاب عن سؤال يتعلق بجواز الصلاة على النبي ﷺ أثناء السجود، مبينًا أنها جائزة، لأنها تدخل في باب الدعاء، والدعاء في السجود أقرب للإجابة، لقول النبي ﷺ: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء".
وأوضح أن الإكثار من الصلاة على النبي ﷺ يزيد في الحسنات ويُكفِّر السيئات، وهو دليل على تعظيم مقام الرسول الكريم ﷺ، الذي أمر الله تعالى بالصلاة والسلام عليه في كتابه العزيز.
كما نقل العلماء بعض الأدعية المأثورة عن رسول الله ﷺ في الركوع والسجود، ومنها قوله في الركوع: "اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي"، وفي السجود: "اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوَّره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين". وهذه الأدعية تؤكد على عظمة الخضوع لله تعالى واستحضار العبودية الكاملة له في أعظم أركان الصلاة.
وبهذا يتضح أن الأذكار عقب الصلاة من السنن التي ينبغي الحرص عليها، مع تجنب الأخطاء الشائعة كالتأجيل أو تغيير الصيغة، وأنها باب عظيم لزيادة الأجر والتقرب إلى الله تعالى.