قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

إبراهيم شعبان يكتب: إسرائيل تنفجر من الداخل رفضا لإعادة احتلال غزة

إبراهيم شعبان
إبراهيم شعبان

يتصور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ شعب إسرائيل، وأنه قادر على تحقيق وهم "إسرائيل الكبرى"، متغافلاً عن حقائق أساسية، في مقدمتها أن أوروبا والعالم العربي ومصر والمجتمع الدولي بأسره يرفضون خطط الإبادة في غزة. وفي نهاية المطاف، سيجد نفسه مضطراً للجلوس على طاولة المفاوضات والقبول بصفقة، رغم أنفه.

المثير في المعادلة أن، الاحتجاجات الضخمة ضد نتنياهو ليست من الخارج فحسب، بل من داخل إسرائيل نفسها. فالشعب الإسرائيلي، باستثناء طائفة المتطرفين التي يقودها بن غفير وسموتريتش، يرفض تماماً خطط إعادة احتلال غزة، ويرى أن نتنياهو يقذف بمستقبل إسرائيل واقتصادها في الهاوية. ولم يعد إلى جانبه اليوم سوى دونالد ترامب، الذي سيدير له ظهره في النهاية لأنه لا يتحرك إلا وفق مصالحه الوقتية.

رهان نتنياهو، على إلغاء وجود الشعب الفلسطيني، وإنهاء مقاومة أكثر من خمسة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وغزة، ليس سوى جنون سياسي وتطرف صهيوني أعمى. والإسرائيليون يدركون أنهم سيدفعون ثمناً فادحاً لهذه السياسات، وأن الضغط المتزايد على الشعب الفلسطيني سيحوّله بالكامل إلى قنابل بشرية تنفجر في وجه الاحتلال. فالضفة الغربية، الهادئة نسبياً اليوم مقارنة بغزة، قد تتحول إلى نهر من نار في مواجهة نتنياهو وجوقة المتطرفين الذين يشكلون حكومته.
ولذلك، شهدت مدن إسرائيلية عدة مظاهرات وفعاليات احتجاجية تطالب بوقف الحرب على غزة وإعادة الأسرى. فقد أغلق متظاهرون شوارع مركزية في وسط إسرائيل وشمالها، وشارك مئات الآلاف في احتجاجات عمت أنحاء البلاد. كما اتجهت حشود نحو مقر الحكومة بالقدس حيث ينعقد اجتماع المجلس الأمني والسياسي المصغر، بينما تظاهر آخرون أمام منازل وزراء في الحكومة للمطالبة بإتمام صفقة تبادل الأسرى.

وقالت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين، إن نتنياهو يعرقل عمداً مساعي إتمام الصفقة رغم وجود مقترح مطروح على الطاولة. وأكدت في بيان أن حكومة نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة، لا تملك تفويضاً لجرّ إسرائيل إلى حرب أبدية، أو التضحية بالأسرى لحسابات سياسية ضيقة.
وبالتوازي مع هذه الاحتجاجات، تستمر آلة الحرب الإسرائيلية في ارتكاب جرائم الإبادة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، وسط دعم أمريكي وتجاهل للنداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها. وأسفرت هذه الإبادة عن استشهاد أكثر من 62 ألف فلسطيني، وإصابة ما يزيد على 158 ألفاً، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى آلاف المفقودين والنازحين والمجاعة التي أودت بحياة المئات.

الرسالة التي يبعثها المتظاهرون الإسرائيليون للعالم واضحة: فشل نتنياهو وفشل خططه في غزة. وأن ما يقوم به محكوم عليه بالعار، بينما الشعب الفلسطيني يثبت تمسكه بأرضه ووجوده واستعداده للتضحية جيلاً بعد جيل، رافضاً أوهام التهجير التي لم تجد حتى الآن دولة واحدة تجرؤ على القبول بها.

ما يزيد من مأزق نتنياهو أن الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي لم يعد مجرد خلاف سياسي، بل تحوّل إلى أزمة هوية وشرعية. فكلما تعمقت الحرب وارتفعت كلفتها البشرية والاقتصادية، تصاعدت الأصوات التي تتهمه بتدمير مستقبل إسرائيل داخلياً وخارجياً. لقد أصبح نتنياهو رمزاً للفشل والعزلة، ليس فقط أمام العالم، بل أمام شعبه أيضاً، الذي بدأ يكتشف أن الطريق الذي يسير فيه لا يقود سوى إلى الهاوية.