شهدت العاصمة الصينية بكين عرضًا عسكريًا غير مسبوق، تزامن مع الذكرى الثمانين لانتصار الصين على اليابان في الحرب العالمية الثانية.

الحدث جمع الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيريه الروسي فلاديمير بوتين والكوري الشمالي كيم جونغ أون، في أول ظهور علني مشترك لهم، وسط غياب معظم قادة الغرب وحضور 26 رئيس دولة آخرين.

استعراض القوة العسكرية
تابع أكثر من 50 ألف متفرج في ساحة تيان آن من استعراضًا ضخمًا ضم أحدث ما أنتجته الصناعات العسكرية الصينية، من صواريخ باليستية عابرة للقارات وأسلحة ليزرية متطورة، إلى مسيرات شبحية تعمل بالذكاء الاصطناعي وروبوتات قتالية ميدانية.

وفي خطابه، شدد الرئيس شي على أنّ العالم يقف أمام "خيار واضح بين الحرب والسلام"، مؤكدًا أن "الصين لا تخشى أحدًا".
لقاء بوتين وكيم
على هامش العرض، عقد الرئيسان الروسي والكوري الشمالي اجتماعًا استمر ساعتين ونصف، تبادلا خلاله الدعوات الرسمية للتحالف السياسي والعسكري.
بوتين دعا كيم لزيارة موسكو، فيما ناقشا مساهمة بيونغ يانغ في دعم الجهد العسكري الروسي في أوكرانيا.
دور كوريا الشمالية في أوكرانيا
تشير تقارير استخباراتية إلى أن بيونغ يانغ أرسلت نحو 15 ألف جندي لدعم القوات الروسية، إلى جانب صواريخ وأسلحة بعيدة المدى.
وفي المقابل، حصلت على مساعدات غذائية ومالية وتقنية. إلا أن القوات الكورية الشمالية تكبدت خسائر كبيرة، حيث قُتل ما يزيد عن ألف جندي خلال ثلاثة أشهر فقط.
الأسلحة الجديدة ورسائلها
تضمن العرض كشفًا لأسلحة نوعية:
- صواريخ "دونغ فنغ-5" الباليستية العابرة للقارات القادرة على بلوغ الأراضي الأميركية.
- طائرات "جي-20" الشبحية الجيل الخامس.
- غواصات آلية ضخمة غير مأهولة.
- أنظمة ليزرية لتعطيل الإلكترونيات.
- روبوتات قتالية رباعية الأرجل للاستطلاع والدعم الميداني.
شكوك حول القدرات القتالية
رغم التفوق التكنولوجي الظاهر، يثير محللون تساؤلات حول قدرة الجيش الصيني على خوض نزاعات واسعة النطاق.

جيش التحرير الشعبي لم يخض حربًا كبرى منذ هزيمته في فيتنام عام 1979، بينما لا تزال القوات الأميركية تحتفظ بأفضلية تشغيلية بفضل مرونتها الميدانية واعتمادها على قرارات تكتيكية من القاعدة إلى القمة.
ترامب يتهم بكين بالتآمر
اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي لم يحضر العرض العسكري الضخم في بكين، نظيره الصيني شي جين بينغ بالتآمر مع روسيا وكوريا الشمالية ضد الولايات المتحدة، وذلك في منشور على منصته "تروث سوشال".

ومنذ عودته إلى البيت الأبيض، اتسمت علاقة ترامب بالصين بالتعقيد، إذ جمعت بين التنافس الحاد وإظهار قدر من الاحترام المتبادل. فرغم وصفه الرئيس الصيني بأنه "زعيم ذكي جدًا" و"جيد للغاية"، فإن سياساته تجاه بكين حملت طابعًا صداميًا في ملفات عدة.
حرب الرسوم الجمركية
في صلب التوترات، تبرز الحرب التجارية، حيث وصف ترامب الصين مرارًا بأنها "المستغل الأكبر"، وأعلن فرض رسوم جمركية باهظة وصلت إلى 145% على الواردات الصينية.
ورغم ذلك، شهد أغسطس الماضي جولة تفاوض جديدة انتهت بتمديد هدنة جمركية، في خطوة عكست إدراك الطرفين لخطورة التصعيد المتبادل.
مع ذلك، لم تتوقف التهديدات، إذ لوّح ترامب الأسبوع الماضي بفرض رسوم إضافية بنسبة 200% إذا أقدمت بكين على تقليص صادراتها من المعادن النادرة التي تعد حيوية للتكنولوجيا المتقدمة.
عقوبات ثانوية
وعلى الساحة الدولية، نجحت الصين حتى الآن في تجنّب عقوبات ثانوية مرتبطة بتجارتها مع روسيا، وهي عقوبات طالت دولًا أخرى مثل الهند.
ويشير محللون إلى أن ترامب يحاول موازنة نهجه تجاه بكين، بحيث لا يدفعها إلى تعميق تحالفها مع خصوم واشنطن، في وقت تتزايد فيه الاستقطابات العالمية.