أكدت دار الإفتاء المصرية أن ترديد الأذكار عقب أداء الصلوات المكتوبة من السنن النبوية المستحبة، موضحة أن تركها لا يؤثر على صحة الصلاة.
وقال الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوى الشفوية وأمين الفتوى، إن ما يردده البعض بقولهم «ختام الصلاة من تمام الصلاة» غير صحيح، فالصلاة تنتهي بالتسليم، أما ما بعده من استغفار وتسبيح وتكبير فهو سنة ثابتة عن الرسول ، حيث كان النبي يستغفر ثلاثًا ويقول: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام»، ثم يسبح ثلاثًا وثلاثين، ويحمد ثلاثًا وثلاثين، ويكبر أربعًا وثلاثين.
وأشار إلى أن الحكمة من الاستغفار بعد الصلاة هي جبر النقص الذي قد يقع من المصلّي أثناء أدائه للعبادة، ولهذا شُرع له أن يلازم الأذكار النبوية عقب كل صلاة.
وفيما يخص مصافحة المصلين بعد التسليم، أوضح الشيخ محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن هذا السلوك يعبر عن الدعاء بقبول الصلاة، وأن من يصفون هذه العادة بالبدعة هم المخطئون، إذ لم يرد في الشرع ما يمنعها.
وأكد أن المصافحة بعد الصلاة تدخل ضمن الأعراف الإسلامية الحسنة التي تساهم في توطيد العلاقات بين الناس وتنسجم مع مقاصد الدين في نشر السلام والمودة.
من جانبه قال د. عطية لاشين أستاذ الفقه المقارن أن الأحاديث الصحيحة دلت على مشروعية المصافحة بين المسلمين عند اللقاء، حيث روى البخاري والترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن المصافحة كانت موجودة بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما وردت روايات أخرى عن حذيفة بن اليمان وسلمان الفارسي تؤكد فضل المصافحة وما يترتب عليها من مغفرة للذنوب.
وأوضح لاشين أن المصافحة في ذاتها سنة مشروعة وعمل عظيم، لكن تقييدها بوقت محدد مثل ما يحدث بعد الفراغ من الصلاة لم يرد فيه نص صريح، ولهذا اختلفت آراء العلماء؛ فمنهم من كرهها كالشيخ ابن تيمية، ومنهم من أجازها كالعز بن عبد السلام، بينما رأى الإمام النووي أن أصل المصافحة سنة وأن المواظبة عليها بعد الصلاة لا تخرجها عن كونها مندوبة، في حين ذهب فريق آخر إلى تحريمها.
وأشار إلى أن الخلاف الفقهي في هذه المسألة لا يستوجب التشدد ولا التعصب لرأي دون آخر، مؤكداً أن ترك الناس على ما اعتادوه أولى، خاصة إذا كان ذلك لا يؤدي إلى منكر أو مفسدة، وأن قول المصلين لبعضهم "حرماً" يمكن تأويله على أنه دعاء مختصر يتضمن رجاء الاجتماع في الحرم الشريف كما اجتمعوا في المسجد.
وختم د. عطية لاشين فتواه بالتأكيد أن الحفاظ على صفاء النفوس وسلامة القلوب، أولى من إثارة الجدل والإنكار في مسألة وسَّعها الشرع وأجازها بعض العلماء.