قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الصندوق السيادي النرويجي.. كيف تتحرك أضخم ثروة عالمية ضد إسرائيل؟

الصندوق السيادي النرويجي.. كيف تتحرك أضخم ثروة عالمية ضد إسرائيل؟
الصندوق السيادي النرويجي.. كيف تتحرك أضخم ثروة عالمية ضد إسرائيل؟

في وقت تكافح فيه اقتصادات كبرى للحفاظ على استقرارها المالي وسط أزمات عالمية متلاحقة، يبرز صندوق الثروة النرويجي كأكبر صندوق سيادي في العالم بقيمة تتجاوز تريليوني دولار. 

هذا الكيان الذي نشأ من عائدات النفط والغاز لم يكتفِ بإدارة ثروات النرويج فحسب، بل تحول إلى لاعب مؤثر في الأسواق العالمية، وصاحب قرارات استثمارية ذات أبعاد سياسية وأخلاقية، خصوصاً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

متى تأسس الصندوق وما هدفه؟

أُنشئ الصندوق عام 1998 تحت اسم (Norges Bank Investment Management) لإدارة أصول "صندوق التقاعد الحكومي العالمي" نيابة عن وزارة المالية.

والهدف الأساسي كان الاستثمار طويل المدى لعائدات النفط والغاز بطريقة مسؤولة وشفافة، بما يضمن تنمية أموال الدولة للأجيال المقبلة.

رحلة نمو الصندوق

بدأ الصندوق برأسمال قدره 172 مليار كرونة (23 مليار دولار)، ثم تدفقت إليه إيرادات النفط والغاز بشكل مستمر، مثل 158.3 مليار كرونة خلال النصف الأول من العام الحالي.

ومع مرور الوقت، تحولت محفظته من الاعتماد على السندات فقط إلى الاستثمار في الأسهم بنسبة 40% عام 1998، ثم 60% في 2007، ما أدى إلى تضاعف قيمته حتى بلغ اليوم نحو 1.9 تريليون دولار.

أكبر 10 صناديق سيادية في العالم (مليار دولار)

  1. النرويج — 1945
  2. SAFE الصيني — 1582
  3. مؤسسة الاستثمار الصينية — 1332
  4. جهاز أبوظبي للاستثمار — 1110
  5. الهيئة العامة للاستثمار الكويتية — 1002
  6. GIC (الصين) — 936
  7. صندوق الاستثمارات العامة السعودي — 930
  8. جهاز قطر للاستثمار — 524
  9. مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية — 400
  10. صندوق الثروة التركي — 360

استثمارات الصندوق حول العالم

يمتلك الصندوق نحو 1.5% من الأسهم العالمية في أكثر من 9000 شركة. وتتنوع استثماراته كالتالي:

  • الأسهم: 70.6%
  • أدوات الدخل الثابت: 27.1%
  • العقارات: 1.9%
  • البنية التحتية للطاقة المتجددة: 0.4%

ومن أبرز استثماراته العالمية حصص في شركات كبرى مثل TSMC (1.85%) وAMD (1.33%).

النتائج المالية الأخيرة

خلال النصف الأول من 2025، حقق الصندوق عائداً نسبته 5.7%، رغم تراجع قيمته 156 مليار كرونة إلى 19.59 تريليون كرونة.
أعلى القطاعات أداءً في الأسهم كانت:

  • القطاع المالي: 16.5%
  • الاتصالات: 13.3%
  • المرافق: 12.4%

استثماراته في الدول العربية

بلغت استثمارات الصندوق في أسواق الأسهم العربية 5.3 مليار دولار بنهاية النصف الأول من 2025:

  • الإمارات: 3.3 مليار دولار (41 شركة)
  • قطر: مليار دولار (15 شركة)
  • الكويت: 900 مليون دولار (12 شركة)
  • مصر: 97 مليون دولار (9 شركات)
  • المغرب: 27 مليون دولار (5 شركات)

أبرز الاستثمارات

  • الإمارات: إعمار العقارية (513 مليون)، بنك أبوظبي التجاري (264 مليون)، ديوا (222 مليون).
  • قطر: بنك قطر الوطني (448 مليون)، أريدو (142 مليون)، صناعات قطر (125 مليون).
  • الكويت: بنك الكويت الوطني (534 مليون)، بيت التمويل الكويتي (111 مليون)، بنك الخليج (101 مليون).
  • مصر: أكبر حصة في "فوري" (34.9 مليون دولار)، تليها مجموعة طلعت مصطفى (23.2 مليون)، والبنك التجاري الدولي (19 مليون).
  • المغرب: هايتك بايمنت سيستمز (9.85 مليون)، التجاري وفا بنك (9.24 مليون)، وأولماس (4.04 مليون).

البعد السياسي.. القضية الفلسطينية

اتخذ الصندوق مواقف حاسمة مؤخراً:

  • تصفية استثماراته في 23 شركة إسرائيلية.
  • الانسحاب من "كاتربيلر" الأميركية بسبب استخدام معداتها في هدم منازل الفلسطينيين.
  • استبعاد 5 بنوك إسرائيلية لتمويلها المستوطنات (منها بنك لئومي، بنك هابوعليم، ومزراحي طفحوت).

وقد أثارت هذه القرارات ردود فعل غاضبة في واشنطن، حيث هدد السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام بفرض عقوبات اقتصادية على النرويج.

مؤسسات أخرى متضامنة

  • صندوق التقاعد النرويجي (KLP) استبعد "أوشكوش" و"تيسن كروب".
  • اتحاد العمال النرويجي (LO) طالب بحظر اقتصادي شامل على إسرائيل.
  • أكسا الفرنسية باعت حصصها في 3 بنوك إسرائيلية كبرى.
  • 1832 Asset Management الكندية قلصت استثماراتها في "إلبيت سيستمز" الإسرائيلية.

يمثل صندوق الثروة النرويجي مثالاً فريداً على كيف يمكن للمال أن يكون أداة للسياسة والقيم الأخلاقية. فهو لا يكتفي بتحقيق الأرباح، بل يسعى للتأثير في قضايا دولية حساسة، من المناخ إلى فلسطين. وبينما يظل أكبر صندوق سيادي في العالم، يبقى أيضاً أحد أبرز الأمثلة على التقاء الاقتصاد مع المبادئ الإنسانية.

تداخل بين الاقتصاد والسياسة

ومن جانبه، يؤكد المحلل الاقتصادي أسلام الأمين أن التجربة النرويجية في إدارة صندوقها السيادي تمثل نموذجاً فريداً في كيفية تحويل عائدات النفط والغاز إلى ثروة مستدامة تتجاوز الأجيال. 

وأضاف الأمين في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن القرارات الأخيرة للصندوق بشأن إسرائيل والشركات العالمية المتورطة في دعم الاحتلال، تعكس تداخلاً متزايداً بين الاقتصاد والسياسة، حيث لم يعد الاستثمار مجرد أداة مالية بل أصبح أيضاً وسيلة للتعبير عن مواقف أخلاقية وإنسانية. 

ويرى أن هذه الخطوة قد تعزز الضغوط الدولية على الشركات المتورطة في الانتهاكات بحق الفلسطينيين، وفي الوقت نفسه تضع الصندوق أمام تحديات جيوسياسية معقدة، خاصة مع تهديدات أمريكية بفرض قيود اقتصادية على النرويج.

ويشير الأمين إلى أن مثل هذه القرارات تفتح نقاشاً أوسع حول دور الصناديق السيادية في رسم ملامح الاقتصاد العالمي، ليس فقط من زاوية العوائد، وإنما أيضاً من زاوية القيم والمبادئ، الأمر الذي قد يلهم صناديق أخرى في المنطقة العربية لاتخاذ مواقف أكثر جرأة تجاه قضايا إنسانية وسياسية مؤثرة.