كشف الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عبر صفحته الرسمية على “فيس بوك”، عن معلومات عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
من هو سيدنا رسول الله ﷺ الذي جهله الناس؟!
وقال جمعة: “سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان قبل البعثة يدعى بمكة “الصادق الأمين”، ولا يستطيع أحدٌ أبدًا في تاريخ حياته أن يجد له كذبة، فسموه بالصادق، وائتمنوه على أماناتهم وأعراضهم وأنفسهم، وإن كانوا مخالفين له؛ فسموه بالأمين، فصار هو الصادق الأمين ﷺ”.
وأضاف: “ومرة وهو يرى أنهم يكذبونه فيما يمس حياتهم، صعد على تبّة أو تلةٍ صغيرة؛ فقال: (أرأيتُم إنْ أخبرتُكم أنَّ خيَلاً تخرجُ منْ سَفْحِ هذا الجبلِ ـ وفي رواية: أنَّ خيلاً تخرجُ بالوادي تريدُ أن تُغيرَ عليكم ـ أكنتُم مُصدِّقيَّ ؟) قالوا: نعم، ما جرَّبنا عليكَ إلا صِدْقًا”.
وتابع: “ولما جاءه الأمر من ربه جل جلاله بأن يهاجر من مكة إلى المدينة -ابتعادًا عن أذيتهم للمؤمنين، وتمهيدًا لبناء الدولة التي ستخرج إلى العالم أجمعين- ردّ الودائع التي كانت عنده للمشركين؛ إذن فالمشركون كانوا يضعون عنده الودائع! قال تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}”.
وأوضح أنه أضاف إلى الصدق والأمانة: "البركة". خرج في التجارة مع عمه فكان ذكيًا فطنًا، يأخذ السلعة من مكة -وهي تأتيها من رحلة الشتاء من اليمن- ليخرج بها إلى الشام. ولم يخرج بمحض نقودٍ يشتري بها ثم يعود، بل إنه يأخذ تلك النقود بتقليب تجارةٍ وإدارةٍ حسنة، فيأخذها إلى الشام، فإذا باعها هناك ربح. وكان من المعتاد أن يشتري ويعود، لكنه كان يقلب المال هناك في دورةٍ أفقيةٍ أخرى؛ يشتري ويبيع وهو في الشام، حتى إذا ما زاد المال وكثر اشترى سلعًا بعينها تكون أكثر نفعًا لذويه، ويكون أهل بلده أكثر انتفاعًا بها، فيعود فيربح بها أضعافًا كثيرة.
وأشار إلى أن المال كان يزداد في يده من حسن ذكائه وفطنته وإدارته - بتوفيق الله له وعلو شأنه عنده - أضعافًا كثيرة لا يراها الناس مع أقرانه والمتدربين على هذا من ذويه وأهله، حتى لفت هذا الأمر انتباه السيدة خديجة عليها السلام، فتزوجها النبي ﷺ، ورزقه الله منها الولد بنين وبنات، إلا أن الله سبحانه وتعالى -وعلى عادته مع أولئك الذين هم من أهله، أهل الله - يريد أن يفرّغ قلوبهم له سبحانه؛ فلم يبق له ولدًا ذكرًا، لأمرٍ يريده الله جل جلاله؛ أن أبناء الأنبياء على هذه الصفة، ومع ذلك العلو، يكونون من الأنبياء، وهو ﷺ خاتم المرسلين، فصبر ولم يجزع، فلم نسمع منه كلمةً فيها اعتراض على قضاء الله وقدره. والله سبحانه وتعالى جعله مثالاً للصابرين المحتسبين؛ فكان يتيمًا، وضُيّق عليه في رزقه في أول الأمر، ولما جاء الرزق بعد ذلك وفُتحت عليه الغنائم لم يبق منها في يده شيء؛ لأنه كان يخرجها كلها لله رب العالمين. صادق أمين مبارك ﷺ.
رحمة النبي
وذكر أنه وفي يوم العقبة ناداه جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ.
قَالَ: فَنَادَانِى مَلَكُ الْجِبَالِ وَسَلَّمَ عَلَىَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ، وَقَدْ بَعَثَنِى رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِى بِأَمْرِكَ، فَمَا شِئْتَ؟ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : «بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا».
واستطرد: “فالحمد لله الذي جعلنا من أتباع ذلك النبي المصطفى الذي يقول لنا: «أنا منكم مثل الوالد للولد»، قد حمل همنا”.
“واختتم منشوره قائلا: اللهم جازه عنا خير ما جازيت نبيًا عن أمته، اللهم أقمنا يا رب العالمين في سنته، وأقمه فينا نعيشه حتى ننال سعادة الدارين. فكم له من منةٍ في أعناقنا نذكرها فنصلي عليه”.