ما زال اضطراب التوحد يشكّل واحدًا من أكثر الاضطرابات النمائية تعقيدًا وغموضًا، مما يفتح المجال أمام تساؤلات عديدة حول أسبابه، والعوامل التي قد تسهم في ظهوره، خاصة مع تداول بعض المزاعم غير المثبتة علميًا حول أدوية شائعة مثل "الباراسيتامول" وعلاقتها بالتوحد.
وقدمت الدكتورة زهرة الشريف، استشاري الصحة النفسية، توضيحًا شاملًا حول طبيعة اضطراب التوحد وأسبابه المحتملة، وذلك خلال لقائها ببرنامج "حوار الخميس" المذاع على قناة الحدث اليوم.

ما هو التوحد؟
استهلت الدكتورة زهرة الشريف حديثها بتعريف التوحد، موضحة أنه اضطراب في النمو العصبي، يتميز بـ:
ضعف التفاعل الاجتماعي
صعوبات في التواصل اللفظي وغير اللفظي
أنماط سلوكية متكررة
وأشارت إلى أن أعراض التوحد غالبًا ما تظهر خلال السنة الأولى من عمر الطفل، لكن شدّتها وتنوعها تختلف من حالة لأخرى، مما يجعل التشخيص عملية دقيقة ومعقدة.
لا سبب واحد للتوحد… بل تداخل عوامل
أكدت استشاري الصحة النفسية أن اضطراب التوحد ليس له سبب واحد معروف أو محدد، بل هو نتيجة تداخل مجموعة من العوامل، تشمل:
1. العوامل الوراثية
وجود استعداد جيني
مشاركة عدد من الجينات في رفع احتمالية الإصابة
2. العوامل البيئية
التعرض للعدوى الفيروسية أثناء الحمل
استخدام بعض الأدوية الخطرة خلال فترة الحمل
مضاعفات الحمل أو الولادة
التلوث البيئي
التدخين أو تعاطي الكحول أثناء الحمل
3. تشوهات دماغية
تغيّرات في تركيب أو وظائف الدماغ قد تكون مرتبطة بالإصابة

لا علاقة مثبتة بين "الباراسيتامول" والتوحد
في ردّها على الجدل المثار حول علاقة دواء الباراسيتامول بالتوحد، نفت الدكتورة زهرة الشريف وجود أي دليل علمي قاطع يثبت هذه العلاقة.
وأوضحت أن:
الباراسيتامول يُعد من الأدوية الآمنة للاستخدام أثناء الحمل
الجرعة الموصى بها من قبل الطبيب لا تُشكل خطرًا على الجنين
لا توجد أي توصيات علمية تحذر من استخدامه عند الضرورة
توصيات المنظمات الطبية تؤكد الأمان
دعّمت الشريف حديثها بالإشارة إلى المواقف الرسمية من الجهات الطبية الدولية، حيث أكدت أن:
منظمة الصحة العالمية (WHO)
الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP)
كلاهما يوصي باستخدام الباراسيتامول بشكل آمن خلال الحمل، بشرط الالتزام بالجرعات المحددة من قبل الطبيب المختص.
التوحد لا يزال غامضًا… والبحث مستمر
في ختام حديثها، شددت الدكتورة زهرة الشريف على أن التوحد يظل اضطرابًا معقدًا في أسبابه وتشخيصه، وأن:"التوحد ما زال اضطرابًا غير مفهوم بالكامل، وأسبابه تتداخل فيها العوامل الوراثية والبيئية، دون وجود سبب واضح أو منفرد حتى اليوم."
ودعت إلى مواصلة البحث العلمي لفهم هذا الاضطراب بشكل أعمق، محذّرة من الانسياق وراء الشائعات غير المدعومة بالأدلة العلمية، خاصة فيما يتعلق بصحة الأطفال والحوامل.