قال الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر الشريف، إن صياغة الكلمات المجموعَة بالألف والتاء في اللغة العربية لها دلالات دقيقة توقف عندها علماء التفسير واللغة.
بلاغة القرآن الكريم
وأوضح رئيس جامعة الأزهر، خلال تصريح، أن الكلمة إذا جُمعت جمع مؤنث سالم جاز في وصفها وجهان: أن توصف بالجمع مثل "كلمات تامات"، أو أن توصف بالمفرد مثل "كلمات تامة"، كما في قوله تعالى: ﴿وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا﴾ حيث يقال "جبال راسيات" أو "جبال راسية".
وبيّن داود أن القرآن الكريم استخدم الصيغتين في وصف كلمة "الأيام"، فجاءت مرة بالجمع: "أيام معدودات"، ومرة بالمفرد: "أيام معدودة". وشرح أن "معدودة" – رغم كونها مفرداً – تحتمل معنى الجنس، والجنس يدل على الكثرة، ولذلك فإن "أيام معدودة" تفيد عدداً أكثر من "أيام معدودات" التي تدل على القِلّة.
وأضاف أن علماء التفسير قالوا إن قول الله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ﴾ يشير إلى القلة، فهي تعني الأربعين يوماً التي عبد فيها بنو إسرائيل العجل. أما قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَّعْدُودَةً﴾ فالمقصود بها أيام أكثر عدداً باعتبارها جنساً.
وأشار داود إلى أن نفس المعنى يظهر في قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ﴾ حيث فسر العلماء الأيام المعدودات بأنها أيام التشريق (الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة)، وهي قليلة، فجاء الوصف بالجمع للدلالة على قلة العدد.
وأكد رئيس جامعة الأزهر أن هذه الدقائق اللغوية تكشف عن دقة التعبير القرآني وإعجازه البياني، وأن الوقوف على مثل هذه المعاني يزيد من فهم النصوص الشرعية ويعمق التدبر فيها.
معدودات ومعلومات
كشف الشيخ رمضان عبد المعز، الداعية الإسلامي، عن الفرق بين معنى قوله تعالى (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) وقوله (وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ).
وقال عبد المعز، في لقائه على فضائية "دي إم سي"، إن معنى (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) هو المقصود بها العشر الأول من ذي الحجة من الأول حتى العاشر.
وأشار إلى أن معنى قوله (وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ) هى الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة.
لماذا أياما معدودات؟
قال الشيخ محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن العلماء لهم حديث في سبب تعبير القرآن عن شهر الصيام بقوله "أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر".
وأضاف أمين الفتوى في خدمة البث المباشر لصفحة دار الإفتاء، أن العلماء قالوا إن سبب ذكر معدودات بصيغة جمع المؤنث السالم هو لقلة هذه الأيام حتى يعلم الناس أنها أيام قليلة فلا تكاد تبدأ حتى تنتهي بسرعة، وحينئذ يكون الحرص على الصوم إيمانا واحتسابا هو كل ما يهم المسلم.
واستشهد بحديث النبي "الصيام جنة" أى وقاية من المعاصي والشهوات ووقاية من الأمراض والآفات، منبها على أهمية الصوم في شأن الإنسان، منوها بأن بعض الناس يستثقلون عملية الصوم.
وأشار إلى أن التجارب والأبحاث والدراسات أثبتت أن الصوم فيه فائدة للجسم، بل صدرت دراسة مؤخرا أن الصوم هو أفضل ما يقوي الجهاز المناعي للإنسان.