إخراج أموال الزكاة من بين أكثر الأمور التي يتساءل عنها عدد كبير من الناس، حيث يشغل بال كثيرين كيفية إنفاق أموال الزكاة، ومن بين أكثر الأسئلة الرائجة هو هل يجوز إخراج مال الزكاة في بناء مسجد جديد؟ وفي السطور التالية من هذا التقرير إجابة دار الإفتاء حول تلك المسألة الفقهية.
هل يجوز إخراج مال الزكاة في بناء مسجد جديد؟
وفي هذا السياق، أكد علماء الفقه، أنه لا يجوز صرف أموال الزكاة لبناء المساجد عند الأئمة الأربعة، نظرًا لافتقاد مشروع بناء المساجد لشرط التمليك الذي يعد ركنًا أساسيًا لصرف الزكاة.
وأضافت دار الإفتاء، في فتوى عبر موقعها الرسمي، مع ذلك، أن بعض الفقهاء يرون إجازة استخدام الزكاة في بناء المساجد مستشهدين بقول الله تعالى: "وَفِي سَبِيلِ اللهِ"، معتبرين بناء المسجد مما يدخل ضمن "سبيل الله" الذي يشمل جميع القُرَب.
حكم إخراج أموال الزكاة في بناء مسجد
وتابعت دار الإفتاء أنه بناءً على هذا الرأي، إذا صرف المزكي زكاته لبناء مسجد في بلد لا يوجد فيه مساجد لتلبية حاجة الناس، يعتبر الفرض قد سقط عنه ويتم الثواب مضاعفًا، شرط ألا تتجاوز المصروفات الضرورية للبناء.
وأفتت الدار "نرى الأخذ بالرأي القائل بدخول القُرَب ومنها بناء المساجد في صنف سبيل الله في آية الصدقات، وخاصة إذا كان أهل البلدة في حاجة إلى مسجد يُقيمون فيه الصلوات المكتوبة والجُمَع والأعياد؛ لعدم وجود مسجد ببلدهم".
الزكاة ركن من أركان الإسلام
الزكاة ركنٌ مِن أركان الإسلام، نظَّم الشرعُ الشريفُ كيفية أدائها بتحديد مصارفها في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60].
هل تجب الزكاة بمجرد حولان الحول؟
الأصل في الزكاة أنها تجب على الفور متى تحققت شروط وجوبها، وقدر صاحب المال على إخراجها، ولا يجوز تأخيرها إلا إذا كان ذلك لمصلحة الفقير، أو لترشيد استهلاكه، لا مطلًا من الغني أو تكاسلًا عن أداء حق الله في المال؛ قال العلامة الرملي في "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (3/ 135، ط. دار الفكر): [(تجب) (الزكاة) أي أداؤها (على الفور) لأنه حق لزمه وقدر على أدائه ودلت القرينة على طلبه وهي حاجة الأصناف (إذا تمكن) من الأداء؛ لأن التكليف بدونه تكليف بما لا يطاق أو بما يشق.. وله تأخيرها لانتظار أحوج أو أصلح أو قريب أو جار؛ لأنه تأخير لغرض ظاهر].
وقال العلامة الرحيباني الحنبلي في "مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى" (2/ 116، ط. المكتب الإسلامي): [(وله تأخيرها)، أي: الزكاة (لأشد حاجة) أي: ليدفعها لِمَن حاجَتُه أشدُّ مِمَّن هو حاضرٌ نصًّا، وقيّده جماعةٌ بزمنٍ يسير، (و) له تأخيرها لـ(قريب ولحاجَتِه) أي: المالك إليها (إلى يساره) نصًّا، واحتج بحديث عمر رضي الله عنه "أنهم احتاجوا عامًا، فلم يأخذ منهم الصدقة فيه، وأخذها منهم في السنة الأخرى" (و) له تأخيرها (لتَعذُّر إخراجها من مال لنحو غيبته) كغصبِه وسرقتِه وكونِه دينًا (إلى قدرته) عليه، لأنها مُواساة، فلا يُكَلِّفها مِن غيره. (ولو قدر أن يخرجها مِن غيره) لم يَلزَمْه؛ لأن الإخراج مِن عين المُخرَج عنه هو الأصل، والإخراج مِن غيره رخصة، فلا تنقلب تضييقًا (ولإمامٍ وساعٍ تأخيرها عند ربها لمصلحة؛ كقحط) نصًّا؛ لفعل عمر رضي الله عنه، واحتج بعضهم بقوله صلى الله عليه وآله وسلم عن العباس رضي الله عنه: «فهي عليه ومثلها معها» رواه البخاري، وكذا أوَّلَه أبو عبيد، قاله في "الفروع"].