تعد حرب أكتوبر المجيدة، علامة مضيئة في تاريخ العسكرية المصرية العريقة، فقد تبارت فيها جميع التشكيلات والقيادات في أن تكون مفتاحا لنصر مبين، دفع فيه المصريين أثمانا غالية من دمائهم الطاهرة، ليستردوا جزءًا غاليًا وعزيزًا من أرض الوطن وهي سيناء.
لم تكن حرب أكتوبر المجيدة مجرد معركة عسكرية خاضتها مصر وحققت فيها أعظم انتصاراتها، وإنما كانت اختبارا حقيقيا لقدرة الشعب المصري على تحويل الحلم إلى حقيقة، فلقد تحدى الجيش المصري المستحيل ذاته، وقهرهُ، وانتصر عليه، وأثبت تفوقه في أصعب اللحظات التي قد تمر على أي أمة.
فقد كان جوهر حرب أكتوبر هو الكفاح من أجل تغيير الواقع من الهزيمة إلى النصر ومن الظلام إلى النور ومن الانكسار إلى الكبرياء، فقد غيرت الحرب خريطة التوازنات الإقليمية والدولية.
حرب أكتوبر
في السادس من أكتوبر عام 1973، كانت صيحات الله أكبر تزلزل قناة السويس، حينما عبر عشرات الآلاف من أبطال القوات المسلحة إلى الضفة الشرقية للقناة، لاستعادة أرض الفيروز من العدو الإسرائيلي، في حربا تكبدت فيها إسرائيل خسائر لا يمكن أن ينساها أبدا، واستعاد المصريين معها كرامتهم واحترامهم أمام العالم.
حرب السادس من أكتوبر
فلقد علّمنا نصر أكتوبر العظيم أن الأمة المصرية قادرةٌ دومًا على الانتفاض من أجل حقوقها وفرض احترامها على الآخرين، تعلمنا في حرب أكتوبر أن الحق الذي يستند إلى القوة تعلو كلمته وينتصر في النهاية، وأن الشعب المصري لا يفرط في أرضه وقادرٌ على حمايتها.
المشير أحمد بدوي
وكان أحد أبطال حرب أكتوبر هو المشير أحمد بدوي، حيث ولد في 3 أبريل 1927 بمحافظة الإسكندرية، وتخرج من الكلية الحربية عام 1948، واشترك في حرب 1948، وقاتل في مدن "المجدل ورفح وغزة والعسلوج"، وعين بعد الحرب مدرساً في الكلية الحربية، ثم أصبح مساعداً لكبير معلمي الكلية عام 1958.
سافر المشير أحمد بدوي في بعثة دراسية إلى الاتحاد السوفيتي لمدة ثلاث سنوات، حيث التحق بأكاديمية فرونز العسكرية العليا، تخرج بعدها حاملاً درجة "أركان حرب" عام 1961.
بعد عدوان 5 يونيو 1967، صدر قرار بإحالة المشير أحمد بدوي إلى المعاش، وفي مايو 1971 أصدر الرئيس محمد أنور السادات قراراً، بعودة المشير إلى صفوف القوات المسلحةرمرة أخرى، والتحق بأكاديمية ناصر العسكرية العليا في عام 1972، حيث حصل على درجة الزمالة عام 1972، ثم تولى منصب قيادة فرقة مشاة ميكانيكية.
حرب أكتوبر
استطاع مع فرقته عبور قناة السويس، إلى أرض سيناء، في حرب أكتوبر 1973، من موقع جنوب السويس، ضمن فرق الجيش الثالث الميداني، وتمكن من صد هجوم إسرائيلي، استهدف مدينة السويس.
دوره في الثغرة
عندما قامت القوات الإسرائيلية بعملية الثغرة، على المحور الأوسط، اندفع بقواته إلى عمق سيناء، لخلخلة جيش العدو واكتسب أرضاً جديدة، من بينها مواقع قيادة العدو في منطقة عيون موسى جنوب سيناء، ولما حاصرته قوات العدو، استطاع الصمود مع رجاله شرق القناة، في مواجهة السويس.
وفي 13 ديسمبر 1973، رقي إلى رتبة اللواء، وعين قائد الجيش الثالث الميداني، وسط ساحة القتال نفسها، وفي 20 فبراير 1974، وبعد عودته بقواته، كرمه الرئيس الراحل محمد أنور السادات في مجلس الشعب ومنحه نجمة الشرف العسكرية.
وزيرًا للدفاع
في 25 يونيو 1978، عُين اللواء أحمد بدوي رئيساً لهيئة تدريب القوات المسلحة ثم عُين رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة في 4 أكتوبر 1978، وصار أميناً عاماً مساعداً للشؤون العسكرية في جامعة الدول العربية ورقي لرتبة الفريق في 26 مايو 1979، عُين وزيراً للدفاع وقائداً عاماً للقوات المسلحة في 14 مايو 1980.
الوفاة
توفي المشير أحمد بدوي في 2 مارس 1981، حيث لقي الفريق أحمد بدوي، هو وثلاثة عشر من كبار قادة القوات المسلحة، مصرعهم، عندما سقطت بهم طائرة عمودية، في منطقة سيوة، بالمنطقة الغربية العسكرية بمطروح، وقد أصدر الرئيس أنور السادات قراراً بترقية الفريق أحمد بدوي إلى رتبة المشير وترقية رفاقه الذين قضوا معه إلى الرتب الأعلى في نفس يوم موته، واعتبارهم شهداء الوطن.