قال ديمتري دلياني، رئيس التجمع الوطني المسيحي في الأراضي المقدسة، «خطاب نتنياهو في الجمعية العامة للأمم المتحدة كان امتداداً لخطابات الطغاة ومجرمي الحرب في القرن العشرين، مليئاً بالبروباغندا التي سقطت فور أن غادر أكثر من مئة ممثل من دول العالم القاعة الأممية، تاركينه يواجه عزلة سياسية وأخلاقية بسبب جرائم الابادة التي يرتكبها مجرم الحرب هذا».
وأكد ديمتري دلياني، رئيس التجمع الوطني المسيحي في الأراضي المقدسة، خلال تصريحات خاصة لـ "صدى البلد، أنّ محاولة نتنياهو تسويق دولة الابادة الاسرائيلية كحامية للمسيحيين هي افتراء سافر، لأنّ الواقع يبرهن أنّ السياسات الإسرائيلية هي أخطر ما واجهه الوجود المسيحي الفلسطيني الأصيل عبر التاريخ الحديث، فقد هاجر منذ احتلال القدس عام 1967 أكثر من 60% من مسيحيي المدينة نتيجة سياسات التمييز والمضايقات والاضطهاد الاسرائيلي الرسمي وغير الرسمي، وتعرّضت كنائس كبرى في القدس المحتلة مثل كنيسة القيامة وكنيسة جميع الأمم لمضايقات وحصار وفرض ضرائب تهدف إلى سلب على أملاكها وتحويلها إلى رموز تاريخية لا إلى اماكن عبادة حيّة شاهدة على تجذر المسيحية في هذه الارض المقدسة.

وأشار دلياني إلى أنّ الاعتداءات اليومية على رجال الدين المسيحيين والراهبات في القدس موثّقة بالآلاف، من البصق والضرب إلى منع المسيرات الدينية. وقد تعرّض موكب "سبت النور" أكثر من مرة لتقييد عنيف من شرطة الاحتلال، ومنع آلاف المسيحيين من الوصول إلى كنيسة القيامة، وهو انتهاك صارخ لحرية العبادة. وفي غزة، قُصفت كنيسة القديس بروفيريوس الأرثوذكسية في أكتوبر 2023، ما أدى إلى استشهاد 18 مدنياً مسيحياً بينهم أطفال ونساء احتموا بجدران الكنيسة. كما تكرر استهداف كنائس ومدارس مسيحية في القطاع مثل كنيسة العائلة المقدسة الكاثوليكية.
المقابر المسيحية لم تسلم
ولفت دلياني إلى أنّ المقابر المسيحية لم تسلم من الانتهاكات، فقد اعتدى مستوطنون، تحت حماية دولة الاحتلال، على المقابر الأرثوذكسية والبروتستانتية واللاتينية مراراً بتكسير الصلبان والقبور. كما هوجمت قرى مسيحية أصيلة تحت الاحتلال الاسرائيلي مثل قرية الطيبة العريقة، حيث أُحرقت ممتلكات واعتُدي على سكانها وكنائسها. هذه الاعتداءات تجري دائماً وسط إفلات كامل من العقاب وحماية من أجهزة الدولة.
وأضاف أنّ سياسات دولة الابادة الإسرائيلية ضد المسيحيين ليست محصورة بفلسطين، فقد قصف الجيش الإسرائيلي كنائس في جنوب لبنان عام 2006 وألحق أضراراً بدير مار جرجس، كما استهدف أديرة وكنائس في ريف دمشق خلال غاراته على سوريا. هذه الاعتداءات العابرة للحدود تؤكد أنّ دولة الابادة الاسرائيلية لا تتورع عن استهداف الرموز المسيحية في المشرق كله.
المسجد الأقصى يتعرض لاقتحامات متطرفة
كما بيّن دلياني أنّ السياسات الإسرائيلية تقوّض حرية العبادة لجميع الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين؛ فالمسجد الأقصى يتعرض يومياً لاقتحامات متطرفة بحماية الشرطة، والقيود الأمنية تمنع ابناء شعبنا من المسلمين والمسيحيين في بقية الضفة الغربية المحتلة من الوصول إلى أماكنهم المقدسة في القدس. الحواجز العسكرية وإجراءات "التصاريح" جعلت ممارسة الحرية الدينية امتيازاً ممنوحاً من سلطات الاحتلال، لا حقاً أصيلاً.
وختم دلياني بالقول: «المحصلة أنّ الاحتلال الإسرائيلي أضرّ بالوجود المسيحي الفلسطيني أكثر مما فعل تنظيم داعش بالمسيحيين في سوريا والعراق مجتمعَين، سواء من حيث النزوح الديموغرافي أو استهداف الكنائس والأديرة والمقابر. هذه الحقيقة تفضح زيف بروباغندا نتنياهو وتضع العالم أمام مسؤوليته في حماية الطابع المتعدد والمتجذر لفلسطين التي شكلت عبر قرون طويلة ملتقى إيمان مسلمين ومسيحيين».