قال الدكتور إبراهيم عبد السلام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الإنسان في نظر الشريعة الإسلامية مكرم في جميع مراحل حياته، مشيراً إلى قول الله تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً".
بر الوالدين في الإسلام
وأوضح خلال تصريح، أن مرحلة الكِبَر والضعف سنة من سنن الخلق، مستشهداً بقول الله تعالى: "الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة".
وأضاف: "الاهتمام بكبار السن ليس مجرد خلق حسن، بل هو أصل من أصول الاعتقاد وواجب شرعي، وقد نهى النبي ﷺ في الغزوات عن قتل أو محاربة الشيوخ، كما أن التنمر أو الإساءة لهم حرام شرعاً".
وتابع: "الله سبحانه وتعالى قدّم لنا نموذجاً في القرآن، وهو الوالدان في مرحلة الكبر، فأمر أن يكونا في كنف الأبناء، والرعاية ليست مادية فقط بل معنوية أيضاً، حتى لا يعيش الكبير في عزلة. ولذا قال تعالى: (فلا تقل لهما أُفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً)".
وأكد أن النبي ﷺ أوصى بتوقير كبار السن، مبيناً أن الحديث الشريف يقول: "إنما تُنصرون بضعفائكم"، وأن الأمة يرحمها الله بدعاء كبارها وضعفائها. وأضاف: "نجاح الأبناء في الدنيا وتوفيقهم في الآخرة مرهون ببر الوالدين ورعاية كبار السن".
وأشار عبد السلام إلى أن المجتمع المصري يتميز بروح الرحمة والتسامح خاصة مع كبار السن، مستشهداً بموقف النبي ﷺ مع والد سيدنا أبي بكر يوم فتح مكة حين قال له: "هلا تركت الشيخ في بيته فنأتيه؟"، لافتاً إلى أن هذا تكريم عظيم لكبار السن.
وقال: "أوصي الأبناء بالاتصال اليومي بآبائهم وأقاربهم من كبار السن حتى لا يعيشوا في عزلة، فقد رأينا حالات مؤسفة توفي فيها بعض كبار السن دون أن يشعر بهم أحد. وأذكر بحديث النبي ﷺ: إنما ينصر الله هذه الأمة بضعفائها، ودعاؤهم مستجاب".
بر الوالدين لا ينقطع بعد الوفاة
وأجاب الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن سؤال حول منزلة بر الوالدين في الإسلام، قائلاً: «بر الوالدين واجب شرعي جعله الله في المرتبة التالية لعبادته»، مستشهدًا بقوله تعالى: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا».
وأوضح عثمان، خلال تصريح، أن الأم تتحمل المشقة في الحمل والرضاعة والتربية، والأب يبذل جهده في العمل والإنفاق، ورغم ذلك قد يغفل الأبناء عن رد الجميل، فجاءت الآيات القرآنية لتؤكد وجوب البر والإحسان لهما قولًا وفعلاً.
وأشار إلى أن البر لا ينقطع بوفاة الوالدين، بل يستمر بالدعاء لهما وتنفيذ وصاياهما وصلة الرحم، مؤكدًا أن حتى كلمة تضجر مثل «أف» تُعد من صور العقوق التي حرمها الشرع.
وأكد أمين الفتوى بأن بر الوالدين يشمل الكلمة الطيبة والابتسامة والخدمة المباشرة، معتبرًا أن هذا العمل أعظم عند الله من كثير من النوافل.