قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

أكتوبر يُعيد رسم المشهد .. حمــاس بين شروط التهدئة ورهانات الدور المصري في إدارة الصراع

وفد حماس
وفد حماس

تزامنًا مع الذكرى السنوية لحرب أكتوبر المجيدة، التي تظل رمزًا للصمود والإرادة المصرية والعربية في مواجهة التحديات، تعود المنطقة لتعيش أجواءً مشحونة بالتوتر، لكن في سياقات مختلفة ومعارك من نوع آخر.

فبينما يحتفي المصريون والعرب بذكرى النصر، تتجه الأنظار مجددًا نحو الملف الفلسطيني – الإسرائيلي الذي يشهد تطورات متلاحقة، بعد إعلان حركة حماس موافقتها المشروطة على الخطة التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن غزة، في خطوة فُسِّرت على نطاق واسع بأنها مؤشر على تحول محتمل في مواقف الحركة.

وتزداد أهمية هذه التطورات مع الزيارة الأخيرة لوفد حماس إلى القاهرة، والتي اعتبرها مراقبون محاولة لإحياء المسار التفاوضي برعاية مصرية، في وقت تتقاطع فيه حسابات السياسة مع ضغوط الميدان، وسط تساؤلات حول مدى واقعية هذه المبادرة وقدرتها على كسر الجمود القائم منذ سنوات طويلة.

سعيد الزغبي: موافقة حماس المشروطة مناورة سياسية معقدة.. ومصر صاحبة الدور البطولي في إدارتها

قال أستاذ السياسة سعيد الزغبي إن شهر أكتوبر دائمًا ما يأتي محمّلًا بالمفاجآت والضربات الاستباقية في التاريخ العربي الحديث، بدءًا من حرب أكتوبر 1973، مرورًا بأحداث 7 أكتوبر 2023، وصولًا إلى 5 أكتوبر 2025، الذي قد يمثل “بداية نهاية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي”، في ضوء التطورات الأخيرة المتعلقة بإعلان حركة حماس موافقتها المشروطة على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن غزة، وما تلاها من زيارة وفد الحركة إلى القاهرة.

وأضاف الزغبي، في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد، أن هذه التطورات لا يمكن قراءتها باعتبارها مجرد استجابة دبلوماسية لمبادرة سياسية، بل تعكس تعقيدات استراتيجية وسياسية عميقة تستدعي تحليلًا معمّقًا لفهم دوافعها وتداعياتها.

وأوضح أن موافقة حماس المشروطة على الخطة، ودخولها في مفاوضات تشمل إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين وتسليم إدارة غزة إلى كيان مستقل تحت مظلة السلطة الفلسطينية، ترتبط بعدة عوامل رئيسية:

أولًا: الضغط العسكري والإنساني الهائل الذي تواجهه الحركة داخل القطاع، ما يجعل من القبول المؤقت بالخطة محاولة لتخفيف حدة المعاناة ووقف العمليات العسكرية الإسرائيلية، ومنح سكان غزة متنفسًا إنسانيًا.

ثانيًا: البحث عن شرعية سياسية جديدة، إذ تسعى حماس إلى إعادة تقديم نفسها كطرف سياسي قادر على التفاوض وإبرام الاتفاقات، بما يعزز حضورها الإقليمي والدولي، خصوصًا مع تزايد الحديث عن مستقبل غزة بعد الحرب.

ثالثًا: اعتبارات تفاوضية بحتة، فقد تكون الموافقة المشروطة محاولة لكسب الوقت، أو لإعادة تشكيل شروط الحوار، أو لاختبار جدية الأطراف الأخرى، مع الاحتفاظ بأوراق تفاوضية مهمة مثل رفض التهجير واشتراط الانسحاب الإسرائيلي الكامل.

رابعًا: الضغوط الإقليمية والدولية، حيث جاء الموقف الحالي في ظل وساطات مكثفة من مصر وقطر والولايات المتحدة، بينما تدرك حماس أن الرفض القاطع للخطة قد يزيد من عزلتها السياسية.

وأكد الزغبي أن زيارة وفد حماس إلى القاهرة تحمل أبعادًا استراتيجية أعمق من كونها جولة تفاوضية عابرة، موضحًا أن القراءة الدقيقة للزيارة تكشف ثلاثة محاور رئيسية:

الدور المصري المحوري: إذ تلعب مصر دور الوسيط الذي لا يمكن تجاوزه، وتسعى من خلال هذه الوساطة إلى تحقيق الاستقرار على حدودها الشرقية، والحفاظ على نفوذها الإقليمي، ومنع تفجّر الأوضاع في غزة بما يهدد أمنها القومي.

اختبار النوايا: فالمفاوضات الجارية في القاهرة تمثل اختبارًا حقيقيًا لجديّة الأطراف كافة؛ فحماس تريد إثبات مصداقيتها، وإسرائيل تختبر حدود التنازل، أما واشنطن فتختبر قدرتها على فرض رؤيتها للحل.

مستقبل السلطة الفلسطينية: إذ يثير الحديث عن تسليم إدارة غزة إلى كيان تحت مرجعية السلطة الفلسطينية تساؤلات عميقة حول قدرتها على تحمل هذا الدور ومدى قبول الفصائل الفلسطينية الأخرى بذلك.

وتوقع الزغبي ثلاثة سيناريوهات رئيسية للمرحلة المقبلة:

الاختراق المحدود (الأكثر ترجيحًا): اتفاق جزئي يركز على تبادل الرهائن مقابل هدنة طويلة نسبيًا وتخفيف الحصار، وهو حل وسط يسمح لكل طرف بتحقيق مكاسب مؤقتة دون تنازلات استراتيجية كبرى.

الانهيار والعودة للتصعيد (محتمل): فشل المفاوضات بسبب تمسك كل طرف بشروطه القصوى، ما يعيد دوامة العنف ويزيد الأزمة الإنسانية تعقيدًا.

الاتفاق الشامل (الأقل ترجيحًا): الوصول إلى حل نهائي يشمل وقفًا دائمًا للنار وانسحابًا كاملًا وترتيبات طويلة الأمد لغزة، لكنه يتطلب تنازلات كبرى وتوافقًا دوليًا يصعب تحقيقه حاليًا.

واختتم الزغبي تصريحاته قائلًا: “موافقة حماس المشروطة وزيارتها إلى القاهرة تمثلان مناورة سياسية معقدة في ظروف استثنائية، قد تفتح نافذة أمل ضيقة لكنها محفوفة بالمخاطر والتحديات. نجاحها سيعتمد على قدرة الوسطاء، وفي مقدمتهم مصر، على إدارة التوقعات المتضاربة والضغوط من جميع الأطراف. مصر تمثل البطولة في هذا المشهد، وإذا أحسنت إدارة هذه المرحلة فقد تكون بالفعل بداية لمرحلة جديدة في معادلة الصراع”.