قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

عامان على حرب غزة .. مظاهرات عالمية ورفض متصاعد لإسرائيل

عامين على حرب غزة
عامين على حرب غزة

بدأت إسرائيل حربها على قطاع غزة مدعومة بغطاء سياسي غربي واسع، وبتعاطف دولي غير مسبوق عقب الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة "حماس" على مواقع عسكرية وبلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر، وهو الهجوم الذي وصفته تل أبيب بأنه "الأسوأ في تاريخها". 

غير أن هذا التعاطف الذي أضاءت لأجله معالم عالمية بألوان العلم الإسرائيلي، تراجع تدريجيًا مع اتساع رقعة الدمار والمآسي الإنسانية في القطاع، حتى وجدت إسرائيل نفسها بعد عامين في عزلة غير مسبوقة، تواجه انتقادات ومقاطعة دولية شاملة.

ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 66 ألفا و148 شهيدا

من التعاطف إلى العزلة

في الأسابيع الأولى للحرب، اعتُبرت العمليات العسكرية الإسرائيلية "دفاعًا عن النفس"، لكن مع تصاعد مشاهد القصف العشوائي وتدمير الأحياء السكنية ومقتل عشرات آلاف المدنيين، معظمهم من الأطفال والنساء، تغيّر المزاج العالمي. غمرت منصات التواصل الاجتماعي مقاطع الفيديو التي تُظهر الجوع والموت والدمار، ما دفع الرأي العام الدولي للتحول من الدعم إلى الإدانة.

وسعت إسرائيل لتبرير ممارساتها بالادعاء أنها تحذر المدنيين قبل القصف وتنفي وجود مجاعة في غزة، رغم التقارير الأممية التي أكدت العكس. كما ساهمت مقاطع مصوّرة نشرها جنود إسرائيليون من داخل القطاع، تُظهر عمليات تدمير واسعة لأحياء كاملة "انتقامًا لمقتل جنود"، في صدمة الرأي العام الدولي، خاصة حين نُشرت لقطات لجنود يحتفلون بتدمير منازل فلسطينية في مناسبات شخصية.

تصريحات قادة اليمين تلهب الرأي العام العالمي

تصاعدت موجة الغضب الدولي إثر تصريحات وزراء في الحكومة الإسرائيلية اليمينية، مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، الذين دعوا صراحة إلى احتلال غزة وإعادة الاستيطان فيها وتهجير سكانها. عبارات من قبيل "لا أبرياء في غزة" و"لنلقِ عليهم القنبلة النووية" أثارت صدمة دولية، واعتُبرت دليلاً على أن الحرب فقدت مبرراتها الدفاعية وتحولت إلى حرب إبادة.

كذلك، لعبت تصريحات المعارضة الإسرائيلية دورًا في كشف البعد السياسي الداخلي للحرب، إذ اتهم قادتها حكومة بنيامين نتنياهو بإدامة القتال لإطالة عمرها السياسي، ما عزز القناعة الدولية بأن استمرار الحرب يخدم أهدافًا سياسية لا أمنية.

مظاهرات عالمية ورفض متصاعد

تدفقت المظاهرات في القارات الخمس، من الجامعات الأمريكية إلى شوارع باريس ولندن وروما، مرورًا بأمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا وأستراليا، حيث خرج الملايين مطالبين بوقف الحرب. كما خرجت مظاهرات داخل إسرائيل نفسها، تقودها عائلات الرهائن، تطالب بإنهاء القتال والتوصل إلى اتفاق يعيد أبناءهم أحياء.

هذه الموجة العالمية من التضامن مع غزة مثّلت أحد أقوى التحولات في الرأي العام منذ عقود، وأظهرت أن إسرائيل لم تعد قادرة على تبرير أفعالها أمام العالم.

الداخل الإسرائيلي يعترف بتراجع المكانة الدولية

أظهر استطلاع لمعهد الديمقراطية في جامعة تل أبيب أن 73% من الإسرائيليين يعتقدون أن مكانة دولتهم على الساحة الدولية اليوم أسوأ مما كانت عليه قبل الحرب، فيما يرى 66% أن الوقت قد حان لإنهاء الحرب في غزة.

صحيفة "هآرتس" لخصت الوضع بقولها إن إسرائيل "تفقد شرعيتها تدريجيًا وتوضع ضمن مجموعة الدول المنبوذة"، مشيرة إلى أن المقاطعة تأخذ أشكالاً متعددة، من العقوبات على المستوطنين إلى حظر دخول الوزراء، ورفض العمال في الموانئ تحميل السفن الإسرائيلية، وحظر المنتجات الزراعية الإسرائيلية في سلاسل المتاجر الكبرى، وانسحاب صناديق الاستثمار من الشركات الإسرائيلية والأمريكية الداعمة للحرب.

حتى قطاع التكنولوجيا الذي طالما كان مصدر فخر لإسرائيل، بدأ يشعر بالضغط، إذ تفكر شركات ناشئة عدة في نقل مقارها إلى دول أخرى لتفادي الضرر المتنامي لصورتها.

انهيار سياسي واستراتيجي

من جانبه، كتب الصحفي بن درور يميني في "يديعوت أحرونوت" أن إسرائيل تواجه "انهيارًا سياسيًا واستراتيجيًا" رغم قوتها العسكرية، مضيفًا أن المقاطعة الاقتصادية بدأت تؤثر على الصادرات والواردات، وأن الافتراض القائل بأن الضغط العسكري سيؤدي إلى تنازلات فلسطينية ثبت فشله.

وأوضح يميني أن الضغط الدولي المتزايد، المدفوع بالصور والمآسي، "دفع إسرائيل من الانهيار إلى حافة الانهيار التام"، معتبرًا أن اتفاق وقف القتال الأخير، حتى لو مؤقتًا، أنقذ إسرائيل من السقوط الكامل.

وأشار إلى أن إسرائيل، رغم تفوقها العسكري، "كسبت المعركة وخسرت الحرب"، إذ تآكلت إنجازاتها الاستراتيجية ضد إيران وحزب الله بسبب الضرر الهائل الذي لحق بمكانتها الدولية، مشددًا على أن "العزلة المتنامية قد تتحول قريبًا إلى أزمة وجودية ما لم تغيّر إسرائيل نهجها جذريًا".

وبعد عامين من الحرب، وجدت إسرائيل نفسها وحيدة في مواجهة غضب شعوب العالم ومقاطعة اقتصادية وسياسية متصاعدة، بعدما فقدت ما تبقى من رصيد التعاطف الدولي. وبينما تحاول الحكومة تبرير استمرار الحرب، يرى محللون إسرائيليون وغربيون أن تل أبيب اليوم تخوض معركتها الأصعب: استعادة شرعيتها المفقودة في عالم لم يعد يصدّق روايتها.