روى الدكتور أحمد عمر هاشم، الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر وعضو هيئة كبار العلماء، الذي وافته المنية صباح اليوم، تفاصيل دخوله كلية أصول الدين، واستقباله لأول يوم فيها ببيت من الشعر نظمه بنفسه.
وفي مقطع فيديو سابق، تحدث الدكتور أحمد عمر هاشم عن دعم والده له بعد إتمام المرحلة الثانوية، وتوجيهه للالتحاق بكلية أصول الدين، قائلاً: "بعد انتهاء المرحلة الثانوية ودخول الكلية، وجّهني والدي أن أكون في أصول الدين، وقال لي: لقد وهبتك للقرآن والسنة".
الدكتور أحمد عمر هاشم: هذا ما صادفني في أول يوم لي بالكلية
وأضاف الدكتور أحمد عمر هاشم "صادفني في أول يوم لي بالكلية بعض الزملاء، وقالوا إنهم يعدّون مجلة للكلية، ويريدون استطلاع آراء الطلاب الجدد، وبصفتي أول من دخل الكلية في هذا اليوم، سألوني عن شعوري".
ويكمل الدكتور الراحل أحمد عمر هاشم القصة مبتسمًا: "قلت لهم: امهلوني لأكتب شعوري شعرًا، ليكون ذكرى".
ثم أنشد الأبيات التي قالها في ذلك اليوم، ومنها:
لما دخلتك يا أصول الدين
قد زاد حبي واطمأن يقيني
ورأيت فيك مشاهدًا دفّاقة
بالخير من حينٍ هناك لحيني
فعميدنا الورع التقيّ وصاحب القلب النقيّ
رعى أصول الدين لم يألُ جُهدًا
إنه حفّز النهى وبنوره وصلاحه يهديني
وأشار الدكتور أحمد عمر هاشم إلى أن عميد الكلية آنذاك كان الإمام الأكبر الشيخ عبد الحليم محمود، رحمه الله، الذي تولى مشيخة الأزهر لاحقًا، مؤكدًا أن وجوده في الكلية تحت قيادته كان دافعًا روحيًا وعلميًا كبيرًا له.
كما اختتم إنشاده بأبيات تحمل مشاعر الانتماء والفخر، منها:
كلية الإسلام أنتِ منارة
سيمَ الهدى يبدو بكل جبين
ضمّي إليكِ الوافدين فإنهم
قد شاقهم لدُناكِ ألفُ حنين
قرآنُنا يرعاكِ خيرَ رعايةٍ
يا خيرَ حصنٍ للصلاحِ متينِ
مسيرة الدكتور أحمد عمر هاشم العلمية
وبدأ الدكتور أحمد عمر هاشم مسيرته العلمية بحفظ وتجويد القرآن الكريم في العاشرة من عمره، ودرس الابتدائية بالأزهر الشريف، واستمر في دراسته الأزهرية إلى أن تخرج في كلية أصول الدين عام 1961م.
حصل على الإجازة العالمية عام 1967م، وعُيِّن معيدًا بقسم الحديث وعلومه بكلية أصول الدين، ثم حصل منه على الماجستير عام 1969م، ثم على الدكتوراة في التخصص ذاته.
عمل الدكتور أحمد عمر هاشم أستاذًا للحديث وعلومه عام 1983م، إلى أن عُين عميدًا لكلية أصول الدين بالزقازيق عام 1987م، ثم شغل فضيلته منصب رئيس جامعة الأزهر الشريف عام 1995م، ثم عضوية هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.
كما شغل عضوية مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون، ورئاسة لجنة البرامج الدينية بالتليفزيون المصري، وعضوية مجمع البحوث الإسلامية، والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والمجلس الأعلى للطرق الصوفية، واتحاد الكتاب، والمجلس الأعلى للصحافة، والمجلس الأعلى للثقافة، والمجلس الأعلى للجامعات، ورئاسة المركز العام لجمعيات الشبان المسلمين العالمية.
ولفضيلته مشاركات نيابية رصينة وموفقة في البرلمان المصري بغرفتيه، ومشاركات في العديد من المؤتمرات والندوات المحلية والعالمية في دول كثيرة منها: (السودان - المملكة العربية السعودية - الجزائر - المغرب - ماليزيا - باكستان - الإمارات العربية المتحدة - الكويت - الأردن - العراق - ألمانيا - الولايات المتحدة الأمريكية - بلجيكا - إيطاليا - فرنسا .. وغيرها).
أبزر مؤلفات الدكتور أحمد عمر هاشم
وللعلامة الجليل مكانة حديثية مرموقة في أنحاء العالم كافة، ومؤلفات متميزة في علم الحديث وغيره من فروع العلوم الإسلامية، منها: (الإسلام وبناء الشخصية - من هدي السنة النبوية - الشفاعة في ضوء الكتاب والسنة والرد على منكريها - الإسلام والشباب - قصص السنة - القرآن وليلة القدر - التضامن في مواجهة التحديات).
وله موسوعة معاصرة فى علم الحديث، تعد أول موسوعة لشرح الأحاديث الصحيحة، وترتيبها ترتيبًا موضوعيًّا، وتبويبها تبويبًا فقهيًّا.
وكذلك برع فضيلته في فنِّ الخطابة، حيث ظهر نبوغه وطلاقة لسانه منذ صغره؛ فقد خطب أول خطبة جمعة له وهو في الحادية عشرة من عمره في شهر رمضان الكريم، كما برع في نظم القصائد؛ سيما في مدائح سيد الخلق ﷺ وله ديوان شعري تحت عنوان: نسمات إيمانية.
حصل العلامة المحدث د. أحمد عمر هاشم على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 1992م، وتقلد وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى.
كما كرمه الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية عام 2022م تقديرًا لمسيرته العلمية والدعوية الرائدة، ومكانته العلمية في مصر والعالم أجمع.
وفاة أحمد عمر هاشم
وفي يوم 7 أكتوبر 2025م، الموافق 15 ربيع الآخر 1447هـ، انتقل هذا العالم الجليل إلى جوار ربه، وصليت عليه صلاة الجنازة في الجامع الأزهر الشريف.
وشيَّعَ جنازته جماهيرٌ غفيرة على رأسها فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقيادات الأزهر الشريف، وعلماء وقيادات مصرية وعربية وإسلامية، وطلاب ومحبون من شتى البلدان.