تعتبر عين الصحراء في موريتانيا، والمعروفة أيضًا باسم البنية الريشاتية، واحدة من أغرب التكوينات الجيولوجية على وجه الأرض والتي أثارت حيرة العلماء على مدار سنوات طويلة.
تقع العين المثيرة للجدل في قلب الصحراء الموريتانية، وتحديداً في هضبة أدرار بالشمال الغربي للبلاد، حيث تمتد هذه الدائرة العملاقة وكأنها تم رسمها بعناية في قلب الرمال.
أصل عين الصحراء
عندما اكتشفت عين الصحراء لأول مرة، اعتقد العديد من العلماء أنها فوهة نيزك نتيجة شكلها الدائري الدقيق. لكن الأبحاث الحديثة، خاصة تلك التي استندت إلى صور الأقمار الصناعية وتحليل الصخور، أثبتت أن الحقيقة أكثر تعقيدًا.
بحسب هذه الأبحاث، فالعين ليست نتاج انفجار خارجي، بل هي قبة جيولوجية ضخمة تشكلت بسبب قوة من باطن الأرض قبل مئات الملايين من السنين.
تشير الدراسات إلى أن الصهارة (الماغما) صعدت من أعماق الأرض، لكنها لم تخرج إلى السطح، بل توقفت تحت الطبقات الرسوبية، ما أدى إلى انبعاثها للأعلى في شكل قبة ضخمة.
بعد أن بردت الماغما وتصلّبت، بدأت عوامل التعرية، مثل الرياح والمياه، في نحتها ببطء، ما كشف عن الطبقات القديمة.
القبة الجيولوجية المتآكلة
تمتد عين الصحراء لمسافة تتراوح بين 40 إلى 50 كيلومترًا، أي ما يعادل مساحة مدينة كبيرة. وإذا نظرت إلى صور الأقمار الصناعية، سوف تلاحظ أن الدوائر البارزة ليست متناسقة تمامًا، بل تتفاوت في شكلها وتآكلها.
تتكون الحلقات الخارجية من صخور صلبة مثل الحجر الرملي والكوارتزيت، بينما تحتوي الحلقات الداخلية على صخور أكثر ليونة مثل الحجر الجيري والطَّفَل، مما يجعلها تتآكل بشكل أسرع.
تعتبر عين الصحراء مثالاً نادرًا لدراسة ظاهرة "القبة الجيولوجية المتآكلة". يتمكن الجيولوجيون من خلال تحليل الصخور في هذه المنطقة من إعادة بناء تاريخ المناخ القديم والأنشطة البركانية التي مرّت على الصحراء الكبرى.
كما تُستخدم المنطقة كمختبر لدراسة عمليات التعرية الهوائية، إذ تلعب الرياح دورًا أكبر في تشكيل المنظر الحالي من المياه.
الأساطير المرتبطة بعين الصحراء
بجمال شكلها وغموض أصلها، ارتبطت عين الصحراء بالعديد من الأساطير. يعتقد بعض الأشخاص أنها موقع مدينة أتلانتس المفقودة التي تحدث عنها أفلاطون بسبب دوائرها المدهشة.
ومع ذلك، لم تُظهر الدراسات الجيولوجية أي آثار لحضارة بشرية قديمة هناك، حيث يعود عمر الصخور إلى عصور سابقة بكثير.
وبحسب العلماء، تشكل هذه البنية الضخمة فرصة فريدة للعالم لتعميق فهمهم لتاريخ الأرض. وعند المرور بالقرب من هذه الأعجوبة الجيولوجية، يدرك الزائر أن هذا الجمال هو نتاج قوى طبيعية عظيمة، وليس من صنع البشر.