تواصل مصر تأكيد دورها الريادي في دعم الشعب الفلسطيني من خلال قيادتها لجهود إعادة إعمار قطاع غزة، بعد الدمار الهائل الذي خلّفته الحرب الأخيرة، وتمتلك مصر شركات مقاولات ومكاتب إستشارات هندسية على أعلى مستوى من الكفاءة والخبرة، شاركت في تنفيذ مشروعات قومية كبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة، والعلمين الجديدة، والمدن الذكية، وشبكات الطرق والكهرباء والبنية التحتية العملاقة، وكذلك خارج مصر في مختلف البلدان.. هذه الخبرات جعلت من الشركات المصرية قوة إقليمية قادرة على تنفيذ مشروعات إعادة الإعمار بسرعة وجودة عالية، تشمل بناء المنازل والمدارس والمستشفيات وشبكات المياه والكهرباء، بما يضمن عودة الحياة إلى القطاع في أسرع وقت.
وأكد خبراء التشييد والبناء والمكاتب الهندسية الاستشارية - في تقرير أعدته وكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم - أنه مصر تبرز مجددًا بدورها التاريخي والإنساني، لتعلن استعدادها الكامل لقيادة عملية إعادة إعمار غزة بخبراتها الوايعة فى مجال التشييد والبناء التي أثبتت كفاءتها في تنفيذ أكبر المشروعات القومية خلال السنوات الأخيرة.
فبعد نجاحها في بناء مدن جديدة مثل العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة وشبكات الطرق العملاقة، تتأهب الكوادر المصرية اليوم – مهندسين واستشاريين وشركات تطوير – لنقل خبرتهم إلى أرض غزة، في رسالة تؤكد أن مصر لا تكتفي بالتضامن بالكلمات، بل تدعم فلسطين بالفعل والعمل.
وقالوا: إن المصريين يمتلكون خبرة كبيرة في شتى المجالات نظرا لتعدد تجاربهم ومشاركاتهم في كبرى المشروعات القومية داخل وخارج مصر.
كما اكدوا استعداد الشركات على الاكتفاء بتكاليف العمل دون التربح من جراء المشاركة في عمليات إعادة الإعمار نظرا لكونها مهمة إنسانية ووطنية قبل أن يكون مهمة اقتصادية او استثمارية.
من جانبه، أكد المهندس طارق النبراوي نقيب المهندسين المصريين، أن النقابة شكلت لجنة متخصصة لإعادة إعمار غزة، ووضعت بالفعل مخططًا هندسيًا كاملاً للمشروع، موضحًا أن اللجنة ستبدأ أعمالها فور استقرار الأوضاع.
وقال: "نحن نمتلك خبرات هندسية فائقة، وقادرون على إعداد وتنفيذ خطة إعمار شاملة لغزة، تبدأ بمرحلة عاجلة لإيواء نحو مليوني مواطن يعيشون الآن بلا مأوى أو خدمات، تليها مرحلة طويلة المدى تعيد بناء المدن الفلسطينية وفق معايير الأمان والجودة الدولية".
وأشار إلى أن 120 ألف مهندس مصري من مختلف التخصصات مستعدون للمشاركة في عمليات الإعمار، مؤكدًا أن المشروع سينفذ وفق معايير عالمية تضمن الجودة والاستدامة.
من جانبه، أوضح المهندس محمد سامي رئيس الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، أن الشركات المصرية تمتلك المعدات والكوادر القادرة على تنفيذ الإعمار، مشيرا إلى أن "الدمار في غزة ضخم، حيث يُقدر الركام بنحو 50 مليون طن، ما يتطلب تخطيطًا جديدًا للمدينة وتوفير مواد لوجستية هائلة قبل بدء التنفيذ".
وأضاف سامي أن تمويل الإعمار سيكون دوليًا بمشاركة مانحين من مؤسسات مالية كبرى مثل البنك الأوروبي والبنك الآسيوي والبنك الدولي، مؤكدًا أن الأعمال ستُطرح عبر مناقصات دولية تشارك فيها الشركات المصرية إلى جانب شركات من دول مانحة.
وقال: "الشركات المصرية مؤهلة تمامًا للمنافسة دوليًا، لكن الإعمار سيكون وفق اشتراطات التمويل الدولي، ومن خلال شراكات مصرية – إقليمية – دولية، وليس بجهود مصرية منفردة".
وأكد أن مصر تملك فرصة ذهبية لتحويل العريش ورفح إلى مناطق لوجستية دولية لتوريد مواد البناء والخرسانة وحديد التسليح للشركات العاملة في الإعمار، مما يتيح لمصر دورًا محوريًا اقتصاديًا حتى في حال تنفيذ الإعمار بأيدٍ متعددة الجنسيات.
وقال المهندس كمال شاروبيم عضو لجنة إعادة إعمار غزة بنقابة المهندسين، إن النقابة أعدت خطة متكاملة تتضمن مرحلتين: الأولى، مرحلة عاجلة تشمل توفير مساكن مؤقتة ومياه وكهرباء للأهالي المتضررين قبل حلول فصل الشتاء.. والثانية، مرحلة طويلة الأجل تتضمن إعادة تخطيط شامل لغزة، لتتحول إلى مدينة حديثة مبنية على أسس علمية وتكنولوجية متطورة.
وأشار شاروبيم إلى أن "المكاتب الاستشارية المصرية على استعداد للتضحية بجزء من أرباحها، وبعضها سيعمل بالتكلفة فقط دعمًا للشعب الفلسطيني"، مؤكدًا أن الإعمار "ليس مشروعًا اقتصاديًا فحسب، بل مهمة قومية وإنسانية.
وذكر أنه في إحصائيات رسمية معلنة سابقا، أن نسبة إزالة حطام المباني التي تم تدميرها بالكامل تبلغ 44% من المباني التي كانت قائمة في القطاع، وأن مساحات الأراضي الضخمة المطلوبة لتجمعات الإيواء المؤقت كبيرة الحجم ستحاول تجنب التعدي على الملكيات الخاصة لسكان القطاع والتي تصل إلى 65 % تقريبًا من إجمالي مساحة القطاع، وأن حوالي 85% من المباني تأثرت بالقصف – بمستويات مختلفة، وعدد المساكن المتضررة تجاوز 77%.
وأضاف أن عدد السكان نحو 2.2 مليون نسمة، بينهم 350 ألف يقيمون في مساكن متضررة وعدد السكان المقيمين مع أقاربهم حوالي 200,000 نسمة، مشددًا على أن إعادة التقدير واردة في إطار التعامل المباشر مع المعطيات والأوضاع المختلفة على الأرض..كما قدرت تكلفة إعادة إعمار غزة بنحو 57 مليار دولار خلال عشر سنوات، منها 20 مليار دولار مطلوبة خلال السنوات الثلاث الأولى فقط.