تعد ذكرى استقرار رأس الإمام الحسين رضى الله عنه إلى مصر أحد أهم المناسبات الدينية التي ينتظرها محبو آل البيت من العام للآخر، حيث يحتفل كثيرون بسيدنا الحسين مرتين الأولى هي ذكرى مولده -رضي الله عنه-، والثانية بذكرى استقرار رأس سيدنا الحسين في مصر بعد أن جاء رأسه من عسقلان.
ويُقيم المصريون احتفالين بسيدنا الحسين بن علي رضي الله عنهما، الأول: بميلاده المُوافق 3 شعبان من العام الهجري، والثاني: في الأسبوع الأخير من شهر ربيع الآخر احتفالاً باستقرار رأس الحسين في مصر.
مولد الإمام الحسين
والإمام الحسين هو الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي أبو عبد الله ريحانة النبي ﷺ وشبهه من الصدر إلى ما أسفل منه ولما ولد أذن النبي ﷺ في أذنه وهو سيد شباب أهل الجنة وخامس أهل الكساء .
أمه السيدة فاطمة بنت رسول الله ﷺ سيدة نساء العالمين، وأبوه سيف الله الغالب سيدنا عليُّ بن أبي طالب رضى الله عنه.
ولد الإمام الحسين (أبو عبد الله) رضى الله عنه، في الثالث من شعبان سنة أربع من الهجرة، بعد نحو عام من ولادة أخيه الحسن رضى الله عنه، فعاش مع جده المصطفى ﷺ نيفًا وست سنوات .
عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : لما ولد الحسن سميته حربا فجاء رسول الله ﷺ فقال : " أروني ابني ما سميتموه " قلنا : حربا قال : " بل حسن " . فلما ولد الحسين سميته حربا فجاء النبي ﷺ فقال : " أروني ابني ما سميتموه " قلنا : حربا قال : " بل هو حسين " .
استشهاد الإمام الحسين
واستشهد الإمام الحسين، وله من العمر سبعة وخمسون عامًا، واستُشْهِدَ في يوم الجمعة أو السبت الموافق العاشر من المحرَّم في موقعة كربلاء بالعراق، عام إحدى وستين من الهجرة.
قتله حولي بن يزيد الأصبحي، واجتزَّ رأسه الشريفَ سنانُ بن أنس النخعي، وشمر بن ذي الجوشن، وسلب ما كان عليه إسحاق بن خويلد الخضرمي.
وقد شهد سيدنا الحسين مع والده واقعة (الجمل)، و(صِفِّينَ)، وحروب الخوارج وغيرها، كما شارك بعد وفاة أبيه في فتح أفريقيا وآسيا، كما سجَّله سادة المؤرخين.
ودفن جسده الطاهر بكربلاء بالعراق، أمَّا الرأس الشريف فقد طيف بها إرهابًا للناس حتى استقر أو حُفِظَ بعسقلان، من ثغور فلسطين على البحر المتوسط، ثم لما اشتعلت الحروب الصليبية، وخاف الخليفة الفاطمي على الرأس؛ فأذن وزيره (الصالح طلائع بن رزيك) فنقلها إلى مصر بالمشهد المعروف بها الآن، بتحقيق أعلم المؤرخين وأصدقهم .
استقرار رأس الحسين بمصر
يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء إنه قد استقرت بالقاهرة رأسه الشريف فنوّرتها، وباركتها، وحرستها إلى يوم الدين، فالحمد لله رب العالمين.
وقد تزوج سيدنا الحسين رضى الله عنه بعدد من النساء؛ رجاء كثرة النسل، لحفظ أثر البيت النبوي، كما فعل أبوه من قبل، وقد حَقَّقَ الله هذا الرجاء، فحفظ ميراث النبوة وعصبتها في نسل الحسن والحسين وزينب أخت الحسين، وفاطمة ابنته، رضي الله عن الجميع.
أمَّا أبناؤه، فهم:
عليٌّ الشهيد، أمُّه: برة بنت عروة بن مسعود الثقفي من أشرف بيوت العرب.
عليٌّ الأوسط (أو المثنى)، واشتهر بالإمام ، وعليٌّ الأصغر (أو المثلث)، واشتهر بزين العابدين السَّجَّادِ، وأمهما: الأميرة مشهر بانو بنت كسرى شاهنشاه ملك الفرس.
محمد، وعبد الله، وسكينة الكبرى، والصغرى، وأمهم: الرباب بنت امرئ القيس الكندية من ملوك العرب.
جعفر، وأمه: القضاعية.
فاطمة ،وزينب، وأمهما: أم إسحاق بنت طليحة بن عبد الله من كبار الصحابة.
ولكن نسل سيدنا الحسين رضى الله عنه كله كان من عليٍّ الأصغر (زين العابدين السجَّاد - لأنه كان كثير السجود -) فمن بنتيه: فاطمة وزينب ، وإن كانت ذرية فاطمة قليلة ونادرة.
وقد روى الحاكم وصححه عن الرسول ﷺ قال: «حُسَيْنٌ مِنِّي، وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ، اللهمَّ أَحِبَّ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاطِ، الحَسَنُ والحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ».
وروى ابن حِبَّانَ وابن سعد وأبو يعلى وابن عساكر عنه ﷺ أنه قال: «من سَرَّهُ أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة؛ فلينظر إلى الحسين بن عليٍّ رضى الله عنه».
أين استقرت رأس الإمام الحسين؟
وعن رأس الإمام الحسين رضى الله عنه، فقد تعددت المصادر واختلفت فى تواجدها فبين كربلاء بالعراق وأخرى فى دمشق وفلسطين والقاهرة، ليقول الأديب والمفكر عباس العقاد جملته الشهيرة "فأيّا كان الموضع الذى دفن به ذلك الرأس الشريف، فهو فى كل موضع أهل للتعظيم والتشريف"، بكتابه أبو الشهداء الحسين بن على.
واتفقت الأقوال فى مدفن جسد الحسين عليه السلام، وتعددت أيما تعدد فى موطن الرأس الشريف.
الرأى الأول: الرأس قد أعيد بعد فترة إلى كربلاء فدفن مع الجسد فيها.
الرأى الثانى: إنه أرسل إلى عمرو بن سعيد بن العاص وإلى يزيد على المدينة، فدفنه بالبقيع عند قبر أمه فاطمة الزهراء.
الرأى الثالث: إنه وجد بخزانة ليزيد بن معاوية بعد موته، فدِفن بدمشق عند باب الفراديس.
الرأى الرابع: أنه كان قد طيف به فى البلاد حتى وصل إلى عسقلان فدفنه أميرها هناك، وبقى بها حتى استولى عليها الإفرنج فى الحروب الصليبية.