قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

ما حكم توزيع الصدقات عند زيارة المقابر؟.. الإفتاء تجيب

ما حكم توزيع الصدقات عند زيارة المقابر؟
ما حكم توزيع الصدقات عند زيارة المقابر؟

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما حكم توزيع الصدقات عند زيارة المقابر؟

وأجابت دار الإفتاء عن السؤال قائلة: الصدقة عن الميِّت جائزة ومستحبة شرعًا ويصل ثوابها له، ولا حرج أيضًا في توزيع هذه الصدقات عند القبر أو في أي مكان يتوارد عليه المساكين والفقراء وذوو الحاجة؛ لأن الجواز يعمُّ جميع الأزمنة والأحوال والأماكن متى روعيت الضوابط والآداب، وليس ثمة دليلٍ شرعي يدل على تخصيص هذا الجواز، فقصره على زمن دون زمن، أو على حال دون حال، أو على مكان دون مكان يعدُّ تضييقًا لما وسَّعَه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ويجب الالتزام مع ذلك بآداب زيارة القبور من عدم رفع الصوت، وكذا مراعاة المعايير الصحية والطبية في توزيع الصدقات إن كانت طعامًا أو شرابًا، ونحو ذلك.


مشروعية الصدقة عن الميت ووصول ثوابها إليه
من المقرَّر شرعًا جواز الصدقة عن الميت ووصول ثوابها إليه؛ وقد وردت جملة من الأحاديث النبوية الشريفة تدلُّ على ذلك؛ منها: ما ورد عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: أنَّ رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ تَصَدَّقْ عَنْهَا» متفق عليه.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ سعد بن عبادة رضي الله عنه توفِّيت أمه وهو غائب عنها، فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ» أخرجه البخاري.

يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (5/ 390، ط. دار المعرفة): [وفي حديث الباب من الفوائد: جواز الصدقة عن الميت، وأن ذلك ينفعه بوصول ثواب الصدقة إليه ولا سيما إن كان من الولد، وهو مخصص لعموم قوله تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ [النجم: 39]] اهـ.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إِنَّ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا، وَلَمْ يُوصِ، فَهَلْ يُكَفِّرُ عَنْهُ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» أخرجه مسلم.


يقول الإمام النووي -عند شرحه للحديث- في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (11/ 84، ط. دار إحياء التراث العربي): [وفي هذا الحديث: جواز الصدقة عن الميت، واستحبابها، وأن ثوابها يصله وينفعه، وينفع المتصدق أيضًا، وهذا كله أجمع عليه المسلمون] اهـ.

وقد أجمع الفقهاء على جواز الصدقة عن الميت ووصول ثوابها للمتوفَّى ولم يُعرف بينهم خلاف فيه.

قال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (20/ 27، ط. أوقاف المغرب): [أمَّا الصدقة عن الميت فمجتمع على جوازها لا خلاف بين العلماء فيها] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع" (5/ 323، ط. دار الفكر): [أجمع المسلمون على أنَّ الصدقة عن الميِّت تنفعه وتصله] اهـ.

وقال الإمام الزيلعي في "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (2/ 83، ط. الأميرية): [الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره عند أهل السنة والجماعة؛ صلاة كان أو صوما أو حجًّا أو صدقة أو قراءة قرآن أو الأذكار، إلى غير ذلك من جميع أنواع البر، ويصل ذلك إلى الميت وينفعه] اهـ.

الرد على دعوى أن توزيع الصدقات عند زيارة المقابر بدعة
لا يستقيم وصف هذا الفعل بالبدعة؛ لكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يفعله، فترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمرٍ ما لا يدل على عدم جواز فعله، وهو ما استقرَّ عليه عمل المسلمين سلفًا وخلفًا.

وأمَّا الاحتجاج على فاعل ذلك بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» أخرجه مسلم، لوصف فعله بالبدعة؛ فهذا الحديث عام مخصوص، والمراد به غالب البدع ممَّا يخالف الكتاب أو السنة أو الإجماع، إذ ليست كل بدعة مذمومة؛ فقد قسَّم العلماء البدعة إلى خمسة أقسام: واجبة ومندوبة ومحرَّمة ومكروهة ومباحة. ينظر: "شرح النووي على مسلم" (6/ 154).

يقول الإمام البيهقي في "مناقب الشافعي" (1/ 469، ط. مكتبة دار التراث): [حدثنا الشافعي قال: المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما: ما أُحدث يخالف كتابًا أو سنة أو أثرًا أو إجماعًا، فهذه البدعة الضلالة. والثانية: ما أُحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا، وهذه محدثة غير مذمومة. وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان: "نعمت البدعة هذه"] اهـ.

وقال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي رضي الله عنه في "إحياء علوم الدين" (2/ 3، ط. دار المعرفة): [ليس كل ما أبدع منهيًّا، بل المنهي بدعة تضاد سنة ثابتة، وترفع أمرًا من الشرع مع بقاء علَّته] اهـ.