شهدت كلية أصول الدين بجامعة مركز كاليكوت مساء أمس انعقاد محاضرة علمية متميزة بعنوان «منزلة علم الكلام بين العلوم الإسلامية»، حضرها عدد كبير من طلبة كلية أصول الدين وأساتذتها، في جوٍّ علمي مفعم بالحيوية والمناقشة العلمية الرصينة.
وقد افتتح المجلس رئيس الجامعة محمد الفيضي بكلمة بيّن فيها فوائد علم الكلام ومكانته في بناء الفكر الإسلامي المتزن، مؤكّدًا أن هذا العلم كان ولا يزال حصنًا منيعًا للعقيدة الإسلامية أمام شبهات المضلّين ومذاهب المنكرين.
ثم ألقى عميد كلية أصول الدين عبد الله الثقافي البلنوري كلمة الترحيب، رحّب فيها بالمحاضر والضيوف والطلبة، مبرزًا أن دراسة علم الكلام تمثّل ركيزة أساسية في تكوين شخصية العالم الواعي بعقيدته والمدافع عنها بالحجة والبرهان.
بعد ذلك قدّم المحاضر فضيلة الدكتور عبد الفتاح العواري عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر عرضًا علميًا تناول فيه منزلة علم الكلام بين العلوم الإسلامية، مشيرًا إلى أهميته في العصر الحديث، حيث تتجدّد الشبهات وتحتاج الأمة إلى من يردّها بالعلم الراسخ والفكر الرصين.
وأوضح أن علم الكلام هو العلم الذي يبحث في العقائد الدينية عن طريق الأدلة اليقينية، وأنه أول ما يجب على المكلّف هو النظر الموصل إلى معرفة الله تعالى، لأن معرفة الخالق أساس كل معرفة.
ثم تطرّق إلى وجه التسمية بعلم الكلام، مبينًا أن العلماء أطلقوا عليه هذا الاسم لأن أكثر مسائله تدور حول الكلام في التوحيد وصفات الله تعالى، فقيل فيه "الكلام في كذا وكذا"، كما يُسمّى أيضًا علم التوحيد لأنه يُعنى بإثبات وحدانية الله تعالى.
وأشار المحاضر إلى ما قاله الإمام الكرخي في تعريف علم الكلام، وإلى إسهامات العلامة السعد التفتازاني في تحرير مباحثه وتقريبها إلى الأذهان، مما جعله علمًا جامعًا بين النظر العقلي والنقل الشرعي.
وأشار إلي فوائد علم الكلام مبينا أن لعلم الكلام فوائد عظيمة، من أبرزها:
تحقيق التوحيد الخالص: إثبات وحدانية الله وتنزيهه عن الشرك والصفات البشرية.
والرد على الملاحدة وأهل الأهواء: تزويد المسلم بأدلة عقلية ونقلية للرد على الشبهات.
وتثبيت العقيدة بالعقل والنقل: الجمع بين النصوص الشرعية والمنطق العقلي.
وفهم صفات الله على وجه صحيح: توضيح معاني الصفات الإلهية دون تشبيه أو تعطيل.
وتمييز الحق من الباطل: كشف الانحرافات العقدية للفرق المخالفة.
و تقوية الإيمان: جعل الإيمان قائمًا على الفهم والتأمل لا على التقليد وحده.
والدفاع عن الشريعة الإسلامية: إعداد المسلم للرد على الفلاسفة والمشككين.
و تعميق التفكير المنطقي: تنمية القدرة على التحليل العقلي والنقاش الموضوعي.
و توضيح العلاقة بين العقل والوحي: بيان أن العقل السليم لا يعارض النص الصريح.
و التمهيد للعلوم الشرعية الأخرى: تسهيل فهم أصول الفقه والتفسير والحديث على قاعدة عقدية راسخة.
وفي ختام اللقاء، شكر عميد الكلية عبد الله الثقافي البلنوري المحاضر الكريم على هذه الإفادة العلمية، مؤكدًا أن مثل هذه الندوات تغرس في الطلبة حبَّ البحث والنظر العقلي، وتدفعهم إلى التعمّق في علوم العقيدة الإسلامية.