بعـد إنجـاز فيلمـه الطويل الأول Fiasco، الذي شكّل رحلة شخصية عميقة، يعود المخرج نيكولا خوري لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي بفيلمه الجديد “ثريا حبي”، الذي يعرض ضمن المسابقة الدولية خلال الدورة الـ 46، تلك التجربة التي فتحت داخله حاجة للبقاء قريبًا من القصص التي تتيح مساحة للهشاشة والتأمل والتحوّل.
يقول المخرج عن فيلمه “ثريا حبي”: أصبح الحوار بيننا كمساحة مشتركة يمكن فيها لمواضيع الحبّ والفقد والعزلة أن تنكشف ببساطة وصدق وهدوء، الفيلم يتناول الحزن، نعم، لكنه أيضًا يتأمل في القوة الكامنة في استعادة الضوء الداخلي، قصة ثريا تتجاوز الشخصي اليوم، ففي لبنان — كما في أماكن كثيرة من العالم — لم يعد هناك متسع للحِداد، ولا للتمهّل، ولا لفهم ما فُقد.
ويضيف نيكولا خوري: انبثق “ثريا حبي” من تواصل عميق وغير متوقّع، عندما تواصلت مع ثريا للمرة الأولى، لم يكن بيننا لقاء تقليدي أو مقابلة، بل حوار بطيء ومتدرّج، تبادل بين جيلين، عبر الشاشات والذكريات.
معًا، طرحنا أسئلة لا تبحث عن إجابات نهائية: كيف نحمل الغياب؟
كيف نتذكّر أنفسنا بعد سنوات من العيش في ظلّ الآخرين؟
تمّت كتابة هذا الفيلم في غرفة المونتاج، حيث أصبحت عملية المونتاج مساحة للإصغاء العميق — ليس فقط إلى صوت ثريا، بل إلى الصمت الذي يملأ المسافات بين الكلمات، وكانت عملية صناعة الفيلم طويلة وغامرة، رحلة بين الأرشيف الشخصي، والمكالمات المسجّلة، والرسائل القديمة، واللقطات السينمائية المتفرقة.
عن ثريا بغدادي
وُلــدت ثريــا بغــدادي في بيــروت لأب لبناني وأم نمســاوية، ونشــأت بين جنــوب لبنــان وفيينــا فــي بيئــة متعدّدة الثقافــات، ما جعلهــا تتقن أربع لغات وتمزج مبكّرًا بين إرثها الشرقي والغربي.
درست الباليه والرقص الحديث قبل انضمامها إلى فرقة كركلا عام 1975، حيث شاركت في جولات عالمية قدّمت خلالها عروضًا على أهم المسارح من دمشق وبغداد وقرطاج، إلى لندن (Sadler’s Wells)، ونيويورك (Carnegie Hall)، وباريس (Théâtre des Champs-Élysées)، ومونتريال، وموسكو، وريو دي جانيرو وغيرها.
في عام 1982 شاركت في مهرجان كان السينمائي بفيلم «حروب صغيرة» من إخراج مارون بغدادي، الذي أدّت فيه الدور الرئيسي.
تخرّجت في العام التالي كمهندسة داخلية من كلية الفنون الجميلة في جامعة الكسليك بلبنان.
بعد انتقالها إلى باريس عام 1984، واصلت مسيرتها في الرقص الحديث مع بيتر غوس، ثم أسست عام 1989 مركز الرقصات الشرقية (Centre de Danses Orientales)، الذي جمع راقصين وموسيقيين من الشرق والغرب في فضاء للتبادل الفني والثقافي من خلال ورش عمل وعروض مع فرقة Cie & Bûrak.
في عام 1996 تابعت دراستها في العلاج الفاشيوثيرابي والتربية الإدراكية (Fasciatherapy & Perceptive Pedagogy)، لتُطلقا لاحقًا مفهوم العلاج بالحركة الشرقية (Movement Oriental Therapy)، وفي عام 2013، عادت إلى التمثيل، مستأنفةً رحلتها الإبداعية التي تمزج بين الجسد والذاكرة والفن.