قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

خطيب الأزهر: تصحيح علاقتنا مع الله يحقق لنا الفلاح والنجاح في كل أمور حياتنا

 أ.د إبراهيم الهدهد
أ.د إبراهيم الهدهد

ألقى خطبة الجمعة اليوم بـ الجامع الأزهر أ.د إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق ودار موضوعها حول "استحضار معية الله عزَّ وجلَّ".

 وأوضح أنَّ المقصودَ من إيجاد الخَلق عبادةُ الخالق سبحانه وتعالى، وكلما زادت معرفة العبد بربه، زاد إيمانه، وابتعد عن معصيته ومخالفة أمره. ومعية الله نوعان، الأولى: معية عامَّة؛ لجميع الخلق، والثانية معية خاصَّة؛ فهي معيته تعالى لرسله وأنبيائه والصالحين من عباده، بالنصر والتأييد، والمحبة والتوفيق، والهداية والإرشاد، والحفظ والرعاية، والتسديد والإعانة.

 وأبان أن المعية العامة أشار إليها القرآن الكريم، قال تعالى: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ»، وهذه المعية هي معية رقابة ورعاية وهذا لكل الخلق عامة. 


وأضاف خطيب الجامع الأزهر أن المحسنين من عباد الله، والمجاهدين في سبيل الله يقول القرآن الكريم في حقهم: «إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ». ومرتبة الإحسان هي أعلى مراتب التدين كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان، وقال صلى الله عليه وسلم في الإحسان: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"، وهذا هو النوع الثاني من المعية، وهي معية المناصرة وموالاة الله له..\

وبين أنه لا سبيل أمام العبد إلا أن نعيش في معية الله، ويتحقق ذلك بالصلاح والتقوى والإحسان، أما حينما نكون على غير ذلك؛ فتكون معنا معية الله رقابة وإحاطة، وتحذير ووعيد، والقرب من الله هو قرب إجابة، يقول تعالي: «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ»، لم يقل المولى جلَّ وعلا: وإذا سألك الناس، ولا إذا سألك المسلمون، فالطريق إلى إجابة دعوتك هو طريق واحد هو أن تكون عبداً لله حقاً، وألا تكون لغيره مسترقاً.


وأكمل: أن الآية الكريمة أعلنت عن السبيل وعما يترتب على هذا السبيل، فإذا أخذت هذا اللقب وحظيت بهذه الحظوة بالقرب من الله، وقتها يجيب الله دعائك حتى لا يقول قائل: "إنا ندعو فلا يستجاب لنا" فهل حققتم العبودية حتى يتحقق لكم الجواب؟ فالقول واضح معلن وإذا سألك عبادي عني فإني قريب، هل أنت تريد الثواب؟ إذا كنت تريد الثواب، فلابد أن تكون عبداً لله، فإن أقرب ما يكون العبد لربه وهو ساجد، أي أقرب لتحصيل الثواب ولجواب الدعاء. وحينما تريد أن يكون الله قريب منك، فذلك يكون في جوف الليل.


ولفت إلى أن مقتضيات هذه المعية والرقابة، واستحضار معية الله في نوعيها: معية المراقبة والإحاطة، ومعية العون والنصرة هو أن تستحي من الله تبارك وتعالى، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته، وهم أفضل جيل عرفته البشرية، (استحيوا من الله حق الحياء، قال الصحابة: يا رسول الله إنا نستحي من الله)، ومعنى هذا أن النبي المصطفى يعلم الصحابة والأمة كيف يكون الحياء للمؤمن الذي يعتقد أن الله يراقبه ويطلع عليه ويراه، والذي يطلب من الله أن ينصره ويعينه، فإن مقتضى الاعتقاد الصحيح في معية الله لك أن تكون على حد الحياء الذي رسمه الله تبارك وتعالى

 وتابع: أن الحياء الفطري يشترك فيه كثير من خلق الله وليس بالضرورة أن يكون هو الحياء التعبدي، أما الحياء التعبدي وهو أن يحفظ العقل وما وعى، يقول نعالي: ﴿أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَىٰ﴾ لذلك  الحياء التعبدي هو عبادة عالية القدر.


وذكر خطيب الجامع الأزهر أن صور الحياء التعبدي كثيرة  منها ألا تدخل بطنك حرام أبداً، وألا تبذر في طعام، وأن تعيش بالله ولله فكله حياء تعبدي يترتب على أنك تؤمن أن الله يطلع عليك ويراك، لكن تفعل الحرام وتأكل الحرام وتظن أن الله لا يطلع عليك ويراك، ثم تقول إنا نستحي من الله حق الحياء، فالحياء الفطري الذي فُطر عليه الأدميون ليس عبادة، وإنما هي فطرة طبيعية، لكن الحياء التعبدي إذا فعلته؛ تكون قد استحييت من الله حق الحياء، ولو التزم الناس منهج الإسلام في الحياء لصلحت حياتهم، وخاصة في الزمن الذي ظهرت فيه الكثير من الفتن بسبب التكنولوجيا التي انتشرت في أيدي الناس، فأصبح اختبار الحياء اختبارًا صعبًا. 


وشدد خطيب الجامع الأزهر على ضرورة الرجوع والعودة إلى الله عزَّ وجلَّ، وتصحيح علاقاتنا مع الله، وأن نستحضر عظمته في كل شيء قال عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾، فلا نريد أن نستخف برقابة الله علينا ولا برقابة الله لنا، نحن نريد أن نحظى بمعية الموالاة والنصرة بمعية الله ناصراً ومعيناً لنا، ولا طريق إلى ذلك إلا بالتقوى والصلاح والإحسان، وهو أعلى مراتب التدين، وقتها سنجد الله معنا وسيصلح الله أحوالنا، فلنعد إلى الله ونراجع أنفسنا، ونطهر عقولنا وقلوبنا لأن الله يطلع علينا ويرانا، لو التزمنا ذلك لما تداعت علينا الامم ولعبت بنا، ولحقق الله لنا الفلاح والنجاح في كل أمور حياتنا.