شارك الدكتور محمود الهواري، الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، في اللقاء الأسبوعي لـ ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة، الذي جاء هذا الأسبوع بعنوان: «"ثقافة الشورى.. رؤية إسلامية»، في إطار المشاركات النوعية لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف في الفعاليات العلمية والتثقيفية التي تستهدف تعزيز الوعي بالقيم الإسلامية الأصيلة وبتوجيهات من الأمين العام د. محمد الجندي.
وأكد «الهواري» خلال كلمته، أن مبدأ الشورى يمثل قيمة حضارية وإنسانية عظيمة في الفكر الإسلامي، مشيرًا إلى أنه من أهم مقومات تميز الأمة الإسلامية وقوتها، إذ تستمد الشورى مشروعيتها من القرآن الكريم والسنة النبوية، باعتبارها أساسًا للوحدة والتماسك، وضمانةً للخيرية التي وصف الله بها هذه الأمة في قوله تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ).
وأوضح الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني بالمجمع، أن وجود سورة كاملة في القرآن تحمل اسم "الشورى" يؤكد مكانة هذا المبدأ في بناء الأمة، كما أن الله تعالى أمر نبيَّه صلى الله عليه وسلم بممارستها رغم كمال عقله ورجاحة رأيه، في قوله تعالي: "وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ".
وبيّن أن الشورى ليست رفاهية فكرية أو مظهرًا شكليًا، بل ضرورة حضارية تضمن استثمار العقول والمواهب، وتجعل المشاركة في الرأي والعمل منهجًا للمجتمعات المتحضرة، مضيفًا أن غياب الشورى يمثل ذنبًا حضاريًا وإهدارًا للطاقات الفكرية.
كما أشار «الهواري» إلى أن الشورى في الإسلام جاءت في موضعين محوريين في القرآن الكريم؛ أحدهما في وصف النبي صلى الله عليه وسلم، والآخر في صفات المؤمنين، حيث جمعها الله بين فريضتين عظيمتين هما الصلاة والإنفاق، تأكيدًا على مركزيتها في الحياة الإسلامية.
وأكد الأمين المساعد أن جوهر الإسلام هو تحرير الإنسان من كل تبعية سوى لله سبحانه وتعالى، ومن هنا جاءت الشورى لترسيخ احترام الإنسان وضمان حريته وإظهار مواهبه، مشددًا على أن الشورى والحوار يمثلان معًا أحد أبرز معالم العظمة في تاريخ الأمة الإسلامية.
وفي ختام كلمته، أوضح الدكتور الهواري أن الشورى ليست شعاراتٍ ترفع، بل تطبيق عملي تبناه النبي صلى الله عليه وسلم وحوله إلى منهج حياة وممارسة مؤسسية، داعيًا إلى استعادة هذا المسار الحضاري في واقعنا المعاصر، لأنه – على حد تعبيره – "سر تفرد الأمة الإسلامية وقوتها بين الأمم"، مستشهدًا بقول الشاعر: رأي الجماعة لا تشقى البلاد به رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها.

