كشفت مذكرات حديثة حصل عليها الادعاء الكوري الجنوبي عن واحدة من أخطر الأزمات السياسية والأمنية التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة، إذ تشير الوثائق إلى خطط مزعومة اتخذها الرئيس السابق يون سوك يول ومسؤولون دفاعيون كبار لاستفزاز الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون عبر عمليات سرية بطائرات مسيرة.
هذه المزاعم، التي خرجت إلى العلن بعد العثور على ملاحظات حساسة في هاتف مسؤول دفاعي رفيع، تظهر صورة صادمة لمحاولة خلق "وضع غير مستقر" قد يبرر إعلان الأحكام العرفية داخل كوريا الجنوبية.
وبحسب الادعاء، فإن الطائرات المسيرة التي اخترقت سماء بيونغ يانغ في أكتوبر الماضي لم تكن مجرد حوادث معزولة، بل جزء من خطة مدروسة لزعزعة النظام الكوري الشمالي عبر إلقاء منشورات معادية لنظام كيم جونغ أون.
وبحسب تقارير فقد أثارت هذه الخطوة غضب كيم يو جونغ، شقيقة الزعيم الكوري الشمالي، التي أصدرت بيانًا ناريًا، تلاه إعلان بيونغ يانغ قطع طرق وسكك حديدية باتجاه الجنوب.
لحظة فارقة
ورغم التصعيد، امتنعت كوريا الشمالية عن الرد عسكريًا، وهو ما اعتبره محللون لحظة فارقة منعت احتكاكًا كان يمكن أن يتحول إلى صراع مفتوح.
وتشير المذكرات التي نشرها الادعاء إلى أن كبار المسؤولين الأمنيين في حكومة يون ناقشوا تحديد مواقع حساسة داخل كوريا الشمالية لاستهدافها بالطائرات المسيرة، بما في ذلك العاصمة بيونغ يانغ، منشآت نووية، وحتى أماكن مرتبطة بالرمزية التاريخية لعائلة كيم. وجاء في إحدى الملاحظات التي يعود تاريخها إلى 18 أكتوبر أن المطلوب هو "استغلال فرصة العمر" عبر خلق توتر قد يؤدي إلى "أزمة أمن قومي" أو حتى "طوفان نوح"، في إشارة إلى أزمة شاملة لا يمكن احتواؤها.
كما تكشف وثائق أخرى أن الهدف النهائي كان دفع كوريا الشمالية إلى رد فعل عسكري، ما يمكن يون من إعلان الأحكام العرفية، وهو ما حدث لاحقا بالفعل في ديسمبر، قبل أن يتم إسقاط المرسوم من البرلمان خلال ساعات. ويواجه الرئيس السابق الآن سلسلة من القضايا، من ضمنها تهم تتعلق بالتمرد، في واحدة من أكثر المحاكمات إثارة للجدل في تاريخ البلاد السياسي.
وينفي يون ومحاموه تمامًا هذه الاتهامات، واصفين القضية بأنها "محاكمة منحازة" تتجاوز المنطق القانوني. لكن المدعين العامين يصرون على أن المذكرات التي عثروا عليها تقدّم أدلة دامغة على وجود مناقشات سرية وخطط فعلية لتنفيذ هذه العمليات.
لقاء بين ترامب وكيم جونغ أون
ولم تقتصر تداعيات الأزمة على الداخل الكوري فقط؛ إذ تزامنت مع أحاديث داخل الإدارة الأميركية حول احتمال ترتيب لقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي خلال زيارة مرتقبة لآسيا، رغم أن بيونغ يانغ كانت قد رفضت محاولات سابقة للتواصل.
وفي خضم كل ذلك، يرى محللون عسكريون أن كوريا الجنوبية نجت من تصعيد خطير كان يمكن أن يؤدي إلى مواجهة مباشرة بين القوتين النوويتين في المنطقة.
وأشار النائب والجنرال المتقاعد كيم بيونغ جو إلى أن رد فعل كوريا الشمالية "المتحفظ بشكل غير معتاد" هو ما منع انزلاق الوضع إلى حرب محلية.
هكذا تكشف المذكرات، التي خرجت من قلب المؤسسات الدفاعية الكورية، عن سيناريو صادم كان يمكن أن يعيد التوتر في شبه الجزيرة الكورية إلى أخطر مستوياته منذ عقود.



