يعتقد كثير من الناس أن الجفاف لا يصبح خطرًا إلا في أوقات المرض أو ارتفاع درجات الحرارة، غير أن تأثيرات نقص الماء تبدأ مبكرًا جدًا دون أن ينتبه إليها معظم الأفراد، فالاستهلاك اليومي الذي يقل عن خمسمئة مل من الماء يضع الجسم تحت عبء مستمر وإن بدا الإنسان في حالة جيدة ظاهريًا، ومع مرور الوقت تبدأ مستويات الطاقة والتركيز والهضم ووظائف الكلى في التأثر تدريجيًا، مما يؤكد أهمية فهم ما يحدث داخليًا عند انخفاض الترطيب لتكوين عادات بسيطة تحمي الصحة على المدى البعيد، وذلك وفقًا لما نشره موقع تايمز أوف انديا.
تأثير نقص الماء على الكلى ووظائفها الحيوية
الكلى من أكثر الأعضاء اعتمادًا على الماء لتصفية الفضلات وتنظيم التوازن الكيميائي في الجسم، وعندما يقل شرب الماء عن المعدل الضروري تضطر الكلى إلى العمل بجهد أكبر مما يضعها في حالة حماية مستمرة، فيزداد تركيز البول ويصبح داكنًا، ويرتفع هرمون الفازوبريسين الذى يشير إلى الجفاف المزمن، كما تتزايد احتمالية تكوين الحصوات نتيجة تراكم المعادن، وقد يبدأ الألبومين في الظهور داخل البول عند تراجع كفاءة الترشيح، ومع استمرار الجفاف على المدى الطويل يتأثر النسيج الكلوي وترتفع المخاطر المرتبطة بوظائفه.
تأثير الجفاف على الدماغ والدورة الدموية ومستوى النشاط
لا تتوقف آثار الجفاف عند الكلى وحدها، فالقلب والأوعية الدموية والدماغ تتفاعل سريعًا مع نقص السوائل، إذ ينخفض حجم الدم قليلًا فيضطر القلب إلى زيادة النبض للمحافظة على الدورة الدموية، ويقل وصول الأكسجين إلى المخ فينخفض التركيز وتتباطأ سرعة معالجة المعلومات، كما يصبح الصداع والانفعال ونقص الدافعية أكثر شيوعًا خلال اليوم، ويؤدى الجفاف الخفيف إلى إرهاق العضلات حتى أثناء الأنشطة اليومية البسيطة، بينما يفاقم الطقس الحار أو الرطب هذه الأعراض في وقت قصير.
تأثير الجفاف على الهضم والإشارات الهرمونية
يساهم الماء في تسهيل عملية الهضم وتنظيم الإشارات الهرمونية المسؤولة عن الجوع والشبع، وعند انخفاض استهلاكه تتباطأ حركة الجهاز الهضمي فتزداد فرصة الإصابة بالإمساك والانتفاخ، ويقل إفراز اللعاب فتتأثر المرحلة الأولى من الهضم، كما يؤثر ارتفاع هرمون الفازوبريسين على إدارة الجلوكوز داخل الجسم، ويبدأ الشخص في الخلط بين الجوع والعطش مما يزيد من تناول الطعام دون حاجة حقيقية، إضافة إلى أن بطء نقل المغذيات يؤثر على الطاقة والمزاج والأداء الأيضى على مدار اليوم.
العلامات طويلة المدى للجفاف المزمن
رغم أن الجفاف الخفيف قد يبدو غير مقلق في بدايته، إلا أنه مع مرور الوقت يترك آثارًا داخلية واضحة، إذ يصبح البول مركزًا بشكل دائم مما يعكس اضطراب توازن السوائل، وقد ترتفع نسبة الألبومين في البول كدليل على ضعف الترشيح، وتتراجع معدلات تصفية النفايات، كما تقل كفاءة الجسم في تنظيم حرارته فيرتفع احتمال الشعور بالسخونة بسرعة، ويصبح نقص الماء على المدى الطويل عاملًا رئيسيًا لزيادة خطر الإصابة بأمراض الكلى.
تأثير الترطيب الجيد على الحالة المزاجية والإنتاجية
يسهم الترطيب المنتظم في تحسين الأداء الذهني والمزاج العام، فمع حصول الدماغ على كميات كافية من الماء يتحسن التركيز وتستقر الحالة المزاجية، وتصبح مهام الذاكرة واتخاذ القرار أكثر سلاسة، كما يقل التعب العضلي والعصبي، ويشعر الشخص بمزيد من اليقظة خلال ساعات العمل أو الدراسة نتيجة كفاءة نقل الأكسجين والمغذيات.
عادات يومية بسيطة لتحسين الترطيب والحفاظ على الصحة
لا يحتاج تحسين مستوى الترطيب إلى تغييرات جذرية، بل يمكن لعادات صغيرة أن تصنع فارقًا كبيرًا، مثل شرب كوب ماء بعد الاستيقاظ مباشرة، والاحتفاظ بزجاجة ماء أثناء العمل أو الدراسة، واختيار الماء مع الوجبات بدلًا من المشروبات السكرية، وإضافة شرائح الفاكهة أو الليمون لجعل الماء أكثر قابلية للشرب، وتناول كميات صغيرة من الماء على مدار اليوم دون انتظار الشعور بالعطش، وزيادة الشرب في الجو الحار أو أثناء ممارسة التمارين أو عند قضاء وقت طويل في الأماكن المغلقة.