تواصل مصر تحقيق خطوات متسارعة في مشروع محطة الضبعة النووية، الذي يمثل أحد أهم المشروعات الاستراتيجية في تاريخ الدولة الحديثة، سواء على مستوى إنتاج الطاقة النظيفة أو تطوير الشراكة مع روسيا ونقل التكنولوجيا النووية، وخلال الساعات الماضية حظي المشروع باهتمام واسع في الإعلام الروسي والمصري، بالتزامن مع تطورات إنشائية بارزة في المفاعل الأول.
متابعة روسية واسعة لوضع هيكل الاحتواء بالمفاعل الأول
شهدت موسكو اهتمامًا إعلاميا لافتا مع بدء تركيب هيكل الاحتواء الخاص بوحدة المفاعل الأولى بمحطة الضبعة، حيث خصصت وسائل الإعلام الروسية الرسمية والمستقلة تغطيات موسعة للحدث منذ ساعات الصباح الأولى.
واعتبرت وسائل الإعلام الروسية أن الضبعة تمثل محورا رئيسيا في تطوير العلاقات بين القاهرة وموسكو، ودفع التعاون الثنائي إلى مستويات غير مسبوقة، مستندة إلى الشراكة الاستراتيجية بين البلدين والتعاون الوثيق على مستوى قيادة الدولتين.
كما أشارت التغطيات الروسية إلى أن المحطة تمنح البلدين مكاسب اقتصادية وتكنولوجية واسعة، تضع المشروع في مقدمة الإنجازات المشتركة بين الجانبين خلال السنوات الأخيرة.
دور مصري في تنفيذ المشروع
أوضحت المحافل الروسية المصاحبة لتغطية الحدث أن العمل داخل المحطة يعتمد في أكثر من نصفه على كوادر مصرية، في إطار سياسة رفع نسبة المشاركة المحلية في تنفيذ الأعمال، وتعزيز قدرة مصر على امتلاك الخبرة اللازمة لإدارة وتشغيل محطاتها النووية مستقبلا.
المفاعل من الجيل الثالث المصمم للسلامة القصوى
من الناحية الفنية، يجري تنفيذ المحطة باستخدام أحد أحدث نماذج المفاعلات النووية في العالم من الجيل الثالث المتطور، الذي يتميز بأنظمة أمان متعددة تمنع تكرار أي حوادث مماثلة لتشيرنوبيل أو الحوادث التي شهدتها بعض الدول في السابق.
وتتضمن أنظمة الأمان ثمانية مصادر طوارئ للكهرباء، إضافة إلى "وعاء انصهار قلب المفاعل" المخصص لاحتواء المواد النووية في حال وقوع أي حادث شديد، بما يمنع انتشار الإشعاعات في البيئة المحيطة.
تكلفة تشغيل منخفضة مقارنة بالطاقة التقليدية
كما يؤكد خبراء الطاقة أن المفاعلات النووية تعد من أقل مصادر الطاقة تكلفة على المدى الطويل، حيث تتراوح تكلفة الوقود النووي للمحطة سنويًا بين 20 و30 مليون دولار، مقارنة بما يقارب مليار دولار سنويًا إذا تم الاعتماد على النفط أو الغاز الطبيعي لإنتاج نفس القدرة من الكهرباء.
تصاعد نسبة المكون المحلي وتدريب الكوادر المصرية
تشير التقديرات إلى أن نسبة المشاركة المصرية في أعمال الإنشاء بالمحطة وصلت إلى حوالي 25% حتى الآن، ومن المتوقع ارتفاعها إلى 40% خلال الفترة المقبلة، على أن تتجاوز هذه النسبة نصف حجم العمالة والخبرة الهندسية في المشروعات النووية المستقبلية.
ويسهم المشروع بفعالية في تدريب وتأهيل كوادر وطنية في مجالات الهندسة النووية والتصميم والإنشاء والتشغيل، بما يمهد لمرحلة جديدة من توطين التكنولوجيا النووية في مصر.
نقلة استراتيجية في قطاع الطاقة
يمثل مشروع الضبعة النووية نقلة استراتيجية في مسار بناء قدرات مصر في قطاع الطاقة الحديثة، ويعكس تطور العلاقات المصرية الروسية في مجال يعد من أكثر المجالات دقة وأهمية على مستوى السياسات الاقتصادية والأمنية والتكنولوجية. وبالتزامن مع التقدم الإنشائي الملحوظ، تستعد مصر خلال سنوات قليلة لاستخدام الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء بكفاءة عالية وتكلفة منخفضة، مع امتلاك بنية بشرية قادرة على إدارة وتطوير هذا القطاع مستقبلاً.

