قالت دار الإفتاء، إن التحرش الجنسي بالأطفال كبيرة من كبائر الذنوب تنأى عنها كل الفطر السوية، وانتهاك صارخ للقيم الإنسانية في المجتمع، فهو قتل للطفولة، وانتهاك للبراءة، وهو -إلى كونه فعلًا فاحشًا- غدر وخيانة.
وأكدت دار الإفتاء، في فتوى لها، أنه على أولي الأمر أن يتصدوا لهذه الجريمة النكراء بكل حزم وحسم، وأن يأخذوا بقوة على يد كل من تُسَوِّل له نفسُه تلويثُ المجتمع بهذا الفعل المشين.
الاهتمام بالطفل منذ ولادته
ونبهت على أن الشريعة الإسلامية اهتمَّتِ بالطفل منذ ولادته، بل ومن قبل ولادته، وجعلت له حقوقًا، وعَمِلَتْ على حمايته والمحافظة عليه، والتحرُّش الجنسي بالأطفال يُعَدّ من أشنع الأفعال وأقبحها في نظر الشرع الشريف، وكبيرةً من كبائر الذنوب تنأى عنها كل الفطر السويَّة، وانتهاكًا صارخًا للقيم الإنسانية في المجتمع، فهو قتلٌ للطفولة، وانتهاكٌ للبراءة.
التحرش غدرٌ وخيانةٌ
وتابعت: وهو أيضًا -إلى كونه فعلًا فاحشًا- غدرٌ وخيانةٌ؛ لأن الصغير لا يَعِي ولا يَفهَم ما يَقعُ عليه، كما أنَّ أهل الصغير لا يَتَحَرَّزُون مِن تَركِهِ مع الكبار؛ لأن الأصل أنه غير مُشتَهًى، واشتهاؤه إنما هو على خلاف الفطرة السليمة، فلا يصدر هذا الفعل إلا عن ذوي النفوس المريضة والأهواء الدنيئة التي تَتَوجَّه همَّتُها إلى التلطُّخ والتدنُّس بأوحال الشهوات بطريقةٍ بهيميةٍ، وبلا ضابطٍ عقليٍّ أو إنسانيّ، ولا يفكر فيه -فضلًا عن ممارسته- إلا الشُّذاذُ الذين نُزِعَت الرحمةُ من قلوبهم.
عقوبة التحرش الوعيد الشديد
وواصلت: بالإضافة إلى أنه من أفعال الفحش والتفحُّش التي يُبغضُ اللهُ عزّ وجلّ صاحبَها، وصدر بشأنها الوعيد الشديد في الشرع الشريف؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيء»، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ».
وناشدت: من هنا، فإن على أُولِي الأمر أن يتصدوا لهذه الجريمة النَّكراء بكلِّ حزمٍ وحسمٍ، وأن يأخذوا بقوةٍ على يدِ كلِّ مَن تُسَوِّل له نفسُه تلويثُ المجتمع بهذا الفعل المُشِين.
بيان حرمة التحرش الجنسي بالأطفال
أفادت: بناءً عليه: فالتحرُّش الجنسي بالأطفال من الكبائر، ومن أشنع الأفعال وأقبحها في نظر الشرع الشريف، ولا يصدر هذا الفعل إلا عن ذوي النفوس المريضة والأهواء الدنيئة التي تَتَوجَّه همَّتُها إلى التلطُّخ والتدنُّس بأوحال الشهوات بطريقةٍ بهيميةٍ، وبلا ضابط عقليٍّ أو إنسانيّ.
ونوهت بأن هذه الأفعال هي من الفحش والتفحُّش الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ربه عز وجل بُغضَه لصاحبها، وصدر بشأنها الوعيد الشديد من الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فأخرج الترمذي في "سننه" والبخاري في "الأدب المفرد"، وابن حبان في "صحيحه"، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيء».
وأاستدلت بما أخرج الإمام أحمد في "مسنده"، وابن حبان في "صحيحه"، عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِنَّ اللهَ يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ».
ونقلت قول الإمام النووي في "شرحه على مسلم" (15 /78، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال القاضي: أصل الفحش الزيادة والخروج عن الحد. قال الطبري: الفاحش البذيء، قال ابن عرفة: الفواحش عند العرب القبائح، قال الهروي: الفاحش ذو الفحش، والمتفحش الذي يتكلف الفحش ويتعمده لفساد حاله. قال: وقد يكون المتفحش الذي يأتي الفاحشة].
تكاتف الأسرة والمؤسسات
وكان مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، طالب بضرورة تكاتف الأسرة والمؤسسات التربوية والتعليمية والمجتمعية لحماية الأطفال من ظاهرة التحرش والاعتداءات الأخلاقية، مؤكدًا أن الأطفال أمانة في أعناق الكبار، وحمايتهم من الانتهاكات الجسدية والنفسية واجب ديني ووطني وإنساني لا يقبل التهاون أو التقصير.
آثار نفسية وجسدية عميقة
وذكر الأزهر في بيان سابق له، أن من أشد المخاطر التي تهدد براءة الأطفال وتشوّه طفولتهم، آفة التحرش والاعتداء من بعض ضعاف النفوس وفاقدي الضمير، لما تتركه من آثار نفسية وجسدية عميقة قد تلازم الطفل مدى حياته، داعيًا أولياء الأمور إلى الانتباه لهذه القضية البالغة الخطورة.
الوقاية تبدأ من البيت
ولفت إلى أن الوقاية تبدأ من البيت، حيث تقع على عاتق الآباء والأمهات مسؤولية غرس الثقة والأمان في نفوس أبنائهم، وتشجيعهم على التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم بحرية، مع تنمية وعيهم الديني والأخلاقي بأساليب مبسطة تتناسب مع أعمارهم، وتعليمهم خصوصيات الجسد وحقهم في حمايته.
أفكار مشبوهة وسلوكيات مرفوضة
وشدد على أهمية متابعة سلوكيات الأطفال وتغيراتهم المزاجية، والانتباه إلى تعاملهم في البيئة المدرسية والافتراضية، وخاصة عبر منصات التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية، التي قد تتسلل من خلالها أفكار مشبوهة وسلوكيات مرفوضة.
ووجه مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية رسالة خاصة للأمهات، بوصفهن الأقرب لأبنائهن والأقدر على ملاحظة التغيرات السلوكية والنفسية التي قد تشير إلى تعرض الطفل لمواقف غير سوية، مطالبًا الأمهات بالإنصات إلى أبنائهن بصبر واحتواء، دون تخويف أو توبيخ، مع التوجه الفوري إلى الجهات المختصة عند ثبوت أي انتهاك.
تدريب الكوادر التعليمية
ووجّه نداءه إلى المعلمين والمعلمات، مشددًا على أن دورهم لا يقل أهمية عن دور الأسرة، داعيًا إلى جعل المؤسسات التعليمية بيئة آمنة للأطفال، وتعزيز التواصل الفعال مع أولياء الأمور، وتدريب الكوادر التعليمية على كيفية التعامل مع حالات الإفصاح أو الاشتباه في تعرض الطفل للاعتداء، والتبليغ عنها بالطرق القانونية السليمة.
وأكد أن العدالة الناجزة والعقوبة القانونية الرادعة تمثل أسرع الوسائل لردع مرتكبي هذه الجرائم ومنع تكرارها، لا سيما إذا تعلّق الأمر بانتهاك حرمة الطفولة وتشويه فطرتها النقية.
حماية الأطفال من التحرش
واختتم بالتأكيد على أن حماية الأطفال من التحرش ليست مجرد نداء عابر، بل هي مسيرة أخلاقية متواصلة، ومسؤولية مشتركة تتطلب يقظة دائمة وتعاونًا حقيقيًّا بين الأسرة، والمدرسة، والمجتمع، والدولة، وذلك لضمان بيئة آمنة ينشأ فيها أطفالنا بثقة وكرامة ووعي بحقوقهم وحقوق غيرهم.




