يشهد بعض الأشخاص بعد تجاوز سن الخمسين تراجعًا تدريجيًا في الذاكرة وهو جزء طبيعي من مسار الحياة لكن حدّته تختلف باختلاف العوامل الفردية فبينما يحافظ البعض على قدرته على التركيز واستحضار التفاصيل لفترات طويلة يعاني آخرون من نسيان متكرر وصعوبة تذكر الأسماء والمواعيد ومواقع الأشياء اليومية، وذلك وفقًا لما نشره موقع Harvard Health Publishing.
مرونة الدماغ وقدرته على التجدّد
التغيرات المرتبطة بالتقدم في العمر لا تعني بالضرورة ضعف الذاكرة بل يمكن التعامل معها عبر تغيير نمط الحياة ودعم الدماغ بالمحفزات اللازمة إذ تؤكد الأبحاث أنّ المرونة العصبية تبقى فعّالة حتى في المراحل المتقدمة ما يجعل الذاكرة قابلة للتدريب تمامًا مثل العضلات.
أسباب تراجع الذاكرة مع التقدم في العمر
ينتج هذا التراجع عن عوامل متعددة أبرزها انخفاض تدفق الدم إلى الدماغ مع العمر وتراجع إنتاج بعض النواقل العصبية المسؤولة عن التركيز بالإضافة إلى تأثير التوتر وقلة النوم وسوء التغذية كما تسهم الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم في إضعاف القدرات الذهنية إذا لم تُضبط جيدًا وتشير الدراسات إلى أنّ الدماغ يتكيف باستمرار مع نمط الحياة سواء كان نشطًا أم ساكنًا وأنّ الحفاظ على التحفيز الذهني والبدني يبطئ من تراجع الذاكرة بوضوح.
الحركة ودورها في تنشيط الدماغ
يسهم النشاط البدني المنتظم حتى لو اقتصر على المشي نصف ساعة يوميًا في تنشيط الدورة الدموية ورفع مستويات الأوكسجين الواصلة إلى الدماغ مما يعزز نمو خلايا عصبية جديدة ويحافظ على الترابط بين المراكز المسؤولة عن الذاكرة كما تساعد التمارين على خفض مستويات التوتر الذي يعد من أكثر العوامل إرباكًا للتركيز.
النوم المنتظم أساس التركيز
النوم مرحلة حيوية يعيد فيها الدماغ تنظيم المعلومات وتخزينها في الذاكرة طويلة الأمد ولذلك فإن نقص النوم يؤدي إلى تشويش الذهن وصعوبة استرجاع الأحداث ويساعد الالتزام بمواعيد نوم ثابتة والابتعاد عن الشاشات قبل ساعة من النوم وتجنب الكافيين ليلًا على تحسين جودة النوم ودعم صحة الدماغ.
الغذاء الداعم للقدرات الذهنية
تلعب التغذية المتوازنة الغنية بأحماض أوميغا 3 ومضادات الأكسدة دورًا مهمًا في حماية الخلايا العصبية وتشمل هذه العناصر الأسماك الدهنية والمكسرات والتوت والخضراوات الورقية كما يُنصح بالحد من السكريات المكررة والدهون المشبعة التي ترفع الالتهاب وتؤثر سلبًا في الأوعية الدموية الدماغية بالإضافة إلى أهمية شرب الماء للحفاظ على صفاء الذهن وتحسين الإشارات العصبية.
تدريب الذاكرة وتعزيز الروابط العصبية
يعتبر تحفيز الدماغ بالأنشطة الذهنية مثل الألعاب العقلية وتعلم اللغات وحل الكلمات المتقاطعة والقراءة المنتظمة وسيلة فعّالة لبناء وصلات عصبية جديدة تحمي من الضعف المرتبط بالعمر كما يسهم التواصل الاجتماعي في تنشيط مراكز الذاكرة والعاطفة بينما تؤدي العزلة الطويلة إلى خمول ذهني ملحوظ.
التوازن النفسي ودوره في حماية الذاكرة
يرتبط التوتر المزمن بارتفاع هرمون الكورتيزول الذي يضعف المراكز المسؤولة عن الحفظ ولذلك تساعد تقنيات الاسترخاء مثل التأمل والتنفس العميق واليوجا على استعادة التوازن الداخلي وتعزيز صفاء الذهن واستمرارية الانتباه.

