ألقى أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، كلمة خلال مشاركته في أعمال “قمة الذكاء الاصطناعي نحو المستقبل”، المنعقدة في تونس يومي 1 - 2 ديسمبر الجاري، تحت شعار “من مجتمع المعلومات إلى مجتمع الذكاء”، بحضور نخبة من قيادات المنظمات الدولية والخبراء وصناع القرار في مجال التكنولوجيا الرقمية.
واستهلّ الأمين العام كلمته بتوجيه التحية إلى دورين بوجدان مارتن، الأمين العام للاتحاد الدولي للاتصالات، وسفيان الهميسي وزير الاتصالات التونسي، وتوفيق جلاصي المدير العام المساعد بقطاع الاتصال والمعلومات في اليونسكو، وسيلفيا سولف مدير الأجندة الرقمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالبنك الدولي، ولاسانا كوني الرئيس المدير العام لسمارت إفريقيا، ومحمد بن عمر المدير العام للمنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات، إضافة إلى الحضور من الخبراء والمتخصصين.
وعبر أبو الغيط عن سعادته بالمشاركة في هذا اللقاء الدولي الذي يجمع نخبة من الباحثين والخبراء لبحث مستقبل الذكاء الاصطناعي وكيفية توظيفه كأداة استراتيجية لدعم التنمية المستدامة في العالم، خاصة في المنطقة العربية، في مرحلة يشهد فيها العالم تحولاً جذرياً تقوده التقنيات الذكية التي أصبحت ركناً أساسياً في مسار التنمية.
تحديات استخدام الذكاء الاصطناعي
ووجّه الأمين العام الشكر للجمهورية التونسية على حسن تنظيم واستضافة فعاليات القمة، مثمناً دور المنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات في دعم التعاون العربي في المجال الرقمي.
وأشار أبو الغيط إلى أن شعار القمة “من مجتمع المعلومات إلى مجتمع الذكاء” يجسّد التحوّل الكبير الذي تقف البشرية على أعتابه، حيث يشمل الذكاء الاصطناعي الشامل (AGI) مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والعسكرية والطبية والتكنولوجية، مضيفاً أن الوصول إلى هذا النوع من الذكاء يعني قدرة غير مسبوقة على حل المشكلات ومضاعفة حجم الاقتصاد العالمي عبر خفض التكاليف.
وأوضح أن العالم لا يعرف بدقة الزمن المتبقي لتحقيق هذا الاختراق الذي يعتبره البعض “آخر اختراع بشري”، إذ ستتولى أنظمة الذكاء الاصطناعي لاحقاً مهمة الابتكار نفسها. لكنه شدد على أن المستقبل يحمل بقدر ما يحمله من فرص، مخاطر كبيرة تستدعي اليقظة.
ولفت الأمين العام إلى أن أكبر التحديات يتمثل في سباق التسلح المحموم بين القوى الكبرى والشركات العملاقة للاستحواذ على ريادة الذكاء الاصطناعي، وهو سباق ضخم في حجم الاستثمارات إلى حد قد يهدد بحدوث “فقاعة” إذا لم تحقق هذه الشركات عوائد سريعة.
وتساءل أبو الغيط عن الضوابط التي ستتحكم في هذه القوة الهائلة التي تملكها أنظمة الذكاء الاصطناعي:
من يضع قواعد تشغيلها؟ كيف نضمن أن تكون في خدمة البشرية جمعاء؟ كيف نأمن القرارات التي يتخذها حفنة من قادة الشركات تحت ضغط المنافسة؟ وكيف نضمن توزيعاً عادلاً لثمار هذه التكنولوجيا؟
كما حذر من الانعكاسات الاجتماعية الناتجة عن فقدان الوظائف لصالح الأنظمة الذكية، وما قد يترتب على ذلك من اضطرابات اجتماعية خطيرة، إضافة إلى المخاطر العسكرية المحتملة إذا تطورت أسلحة ذاتية التشغيل قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بحياة آلاف البشر.
في المقابل، أكد أبو الغيط أن الذكاء الاصطناعي يقدم آفاقاً واسعة في مجالات التعليم والصحة وصناعة الأدوية ومكافحة الأمراض، مشيراً إلى أن التكنولوجيا تظل أداة محايدة، ويحدد البشر وحدهم كيفية توظيفها إما لتحقيق الخير أو التسبب بالضرر.
ورغم محدودية عدد الدول المسيطرة على قطاع الذكاء الاصطناعي عالمياً، قال الأمين العام إن أمام الدول العربية فرصة حقيقية لإيجاد مكان مؤثر لها، مشيداً بالشراكات التي أقامتها بعض الدول العربية، خصوصاً في الخليج، مع الشركات الكبرى، بما يعزز حضورها في استثمارات الذكاء الاصطناعي والبنى التحتية الرقمية، ومنها مراكز البيانات العملاقة الجاري إنشاؤها.
ودعا أبو الغيط إلى أن تواكب الدول العربية هذا التطور بمعرفة دقيقة، وبناء قدرات بشرية مؤهلة في مجالات البرمجة والتكنولوجيا الرقمية، وتنفيذ برامج تدريب تحويلي واسعة لمواجهة التحولات السريعة المتوقعة في سوق العمل.
وأشار إلى أن جامعة الدول العربية تولي اهتماماً متزايداً بالذكاء الاصطناعي، إيماناً بقدرة المنطقة على تحقيق نقلة نوعية في هذا المجال، مستفيدة من الإمكانات الهائلة التي تمتلكها ولم تُستغل بالشكل الأمثل بعد.
واختتم بالقول إن هذا الاهتمام تجسد في سلسلة من الخطوات المهمة خلال العام الحالي، أبرزها اعتماد مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات “الاستراتيجية العربية للذكاء الاصطناعي” مطلع العام، بهدف توحيد وتعزيز الجهود العربية في هذا المجال الحيوي.