أطلق الجيش الباكستاني تصريحات مثيرة للجدل حول الهيكل التنظيمي لحركة "طالبان باكستان" (TTP)، حيث أعلن في بيان رسمي نقلته قناة "العربية" أن ما يقرب من 70% من عناصر الحركة هم مواطنون أفغان.
ويمثل هذا الإعلان تحولاً كبيراً في السردية الرسمية الباكستانية، إذ ينتقل من مجرد اتهام الحركة بالعمل انطلاقاً من الأراضي الأفغانية، إلى التأكيد على أن القوة البشرية الضاربة للتنظيم تعتمد بشكل أساسي على مقاتلين أجانب غير باكستانيين، مما يغير من طبيعة النزاع ووصفه.
تصعيد الضغوط على "كابل"
تأتي هذه الأرقام لتضع حكومة طالبان في أفغانستان أمام تحديات دبلوماسية وأمنية صعبة، حيث تصر إسلام آباد على أن كابل لا تقوم بما يكفي لمنع عبور المسلحين أو استخدام أراضيها كقواعد خلفية لشن هجمات داخل العمق الباكستاني. ويرى مراقبون أن إعلان نسبة الـ 70% يهدف إلى إحراج السلطات الأفغانية أمام المجتمع الدولي، وإثبات أن حركة طالبان باكستان لم تعد مجرد "تمرد محلي"، بل تحولت إلى منظمة عابرة للحدود تستقطب المقاتلين الأفغان تحت ذريعة الأيديولوجيا المشتركة.
الأبعاد الأمنية وتغيير تكتيكات المواجهة
على الصعيد الميداني، يرى الخبراء العسكريون أن وجود غالبية أفغانية داخل التنظيم يفسر "شراسة" العمليات الأخيرة وسهولة التسلل عبر الحدود الجبلية الوعرة.
ويشير الجيش الباكستاني إلى أن هذه التركيبة البشرية تمنح المسلحين ميزة التحرك بحرية بين البلدين، مما يصعب من مهمة ملاحقتهم عسكرياً. هذا الوضع قد يدفع الجيش الباكستاني إلى اتخاذ إجراءات حدودية أكثر صرامة، وربما القيام بعمليات استهداف نوعية داخل المناطق الحدودية للحد من تدفق هؤلاء المقاتلين.
أزمة ثقة متجذرة
ختاماً، تعمق هذه التصريحات من أزمة الثقة بين الجارين اللدودين، باكستان وأفغانستان. فبينما تنفي كابل رسمياً دعم أي أنشطة إرهابية ضد جيرانها، ترى إسلام آباد في "هوية المقاتلين الأفغان" دليلاً دامغاً على تورط عناصر من الجانب الآخر في زعزعة أمنها القومي.
إن بقاء هذه الملفات عالقة دون تنسيق أمني حقيقي ينذر باستمرار حالة الاستنزاف على الحدود، وقد يؤدي إلى تدهور العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين في المستقبل القريب.