أعلنت سوريا رسميًا بدء العمل بعملة وطنية جديدة اعتبارًا من الأول من يناير 2026، في خطوة وصفت بأنها الأوسع على صعيد السياسة النقدية منذ سنوات، وتهدف إلى معالجة الانهيار الحاد في قيمة الليرة السورية، واحتواء الفوضى المتفاقمة في التداول النقدي، وسط أزمة سيولة غير مسبوقة.
وقال حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية إن الموعد المحدد سيكون بداية استبدال العملة الحالية بعملة جديدة، موضحًا أن التعليمات التنفيذية المنظمة لعملية الاستبدال ستصدر قريبًا، على أن يعقد مؤتمرًا صحفيًا الأحد المقبل لشرح الآليات والتفاصيل الفنية بشكل كامل.
وأكد أن المرسوم الرئاسي الخاص بإصدار العملة الجديدة منح المصرف المركزي صلاحيات واسعة لتحديد المهل الزمنية ومراكز التبديل داخل البلاد.
6 فئات نقدية
وكشف الحصرية أن العملة الجديدة ستتضمن ست فئات نقدية، مع حذف صفرين من جميع الفئات المتداولة، في محاولة لتبسيط التعاملات اليومية وتقليص الكتلة النقدية الضخمة المتداولة خارج الجهاز المصرفي.
وأشار إلى أن طباعة العملة ستتم عبر مصدرين أو ثلاثة لأسباب لوجستية وفنية، في تحول لافت عن المرحلة السابقة التي كانت تعتمد بشكل شبه حصري على روسيا في طباعة النقد، خاصة بعد لجوء نظام بشار الأسد إليها عقب تقدم الفصائل المعارضة إلى دمشق أواخر عام 2024.
وفي هذا السياق، كانت وكالة رويترز قد نقلت في مايو 2025 عن مسؤولين سوريين أن دمشق دخلت في مفاوضات متقدمة مع شركتين لطباعة العملة الجديدة، إحداهما إماراتية والأخرى ألمانية.
وتركزت المباحثات في الإمارات مع شركة “أومولات”، عقب زيارة أجراها محافظ مصرف سوريا المركزي ووزير المالية إلى أبوظبي، من دون صدور تأكيد رسمي من الشركة أو وزارة الخارجية الإماراتية آنذاك.
أما في ألمانيا، فقد أبدت شركتا “بوندسدروكراي” و“جيزيكه + ديفريِنت” اهتمامًا أوليًا، قبل أن تنفي الأولى وجود أي محادثات، بينما امتنعت الثانية عن التعليق.
من الاستقرار إلى الانهيار
يأتي إطلاق العملة الجديدة في ظل تاريخ طويل من التدهور النقدي. فقبل عام 2011، كان الدولار الأمريكي يعادل نحو 50 ليرة سورية فقط. لكن مع اندلاع الحرب، وفرض العقوبات الغربية، وتآكل موارد الدولة، دخلت الليرة في مسار انهيار متسارع، لتسجل مستويات قياسية قاربت 15 ألف ليرة مقابل الدولار قبل سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر 2025، قبل أن تستقر نسبيًا خلال الأسابيع الأخيرة عند حدود 10 إلى 11 ألف ليرة.
وقبيل الإعلان عن العملة الجديدة، أصدر مصرف سوريا المركزي بيانًا استنكر فيه رفض بعض المؤسسات المالية والتجارية استلام فئات نقدية مثل الألف والألفي ليرة، معتبرًا أن هذه الإجراءات “انفرادية وغير مصرح بها”. وأكد أن جميع الفئات المتداولة حاليًا لا تزال قانونية وتتمتع بقوة إبرائية كاملة، إلى حين صدور قرار رسمي معلن عبر وسائل الإعلام.