د. محسن البطران في حواره مع صدى البلد:
زيادة إيجارات أراضي الوقف من 13 إلى 45 ألف جنيه «صادمة» وتُهدد صغار المزارعين.
طالبنا بزيادة تدريجية للإيجارات بدلًا من قرارات مفاجئة تُرهق المزارعين.
تعديل قانون التعاونيات ضرورة ملحة لدعم الفلاح والقطاع الزراعي.
البنك الزراعي ابتعد عن دوره الأساسي كداعم للتنمية الزراعية خلال الفترة الأخيرة.
نعمل داخل اللجنة على إعادة البنك الزراعي لمساره في خدمة الفلاح.
تحقيق الاكتفاء الذاتي ركيزة أساسية للأمن الغذائي والأمن القومي.
الزراعات التعاقدية والمحاصيل التصديرية مفتاح لتعظيم العائد الزراعي.
أكد الدكتور محسن البطران، رئيس لجنة الزراعة والري بمجلس الشيوخ، أن حماية صغار المزارعين تمثل أولوية تشريعية لا يمكن التفريط فيها، محذرًا من أن الزيادات الكبيرة في إيجارات أراضي الوقف دون دراسة دقيقة ستنعكس سلبًا على الإنتاج الزراعي ومستوى معيشة الفلاح.
وأضاف البطران، في حوار خاص مع موقع صدى البلد، أن اللجنة تتحرك على عدة مسارات تشمل مراجعة سياسة إيجارات الأوقاف، وتعديل قانون التعاونيات، وإعادة البنك الزراعي لمساره الأصلي، إلى جانب دعم خطط الدولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الأمن الغذائي.
وإلى نص الحوار:
أبدًا حواري بملف زيادة إيجار أراضي الوقف.. هذا القرار أثار استياء كبير لدى قطاع عريض من المزارعين.. ماذا قدمتم فيه؟
بمجرد إصدار قرار بالزيادة الكبيرة في إيجارات أراضي الوقف، سارعنا بالتواصل مع المزارعين ورأينا رؤيتهم بشأن زيادة الإيجارات التي ارتفعت من حوالي 13 ألف جنيه إلى 45 ألف جنيه وهذه زيادات مهولة خاصة على صغار المزارعين الذين يستأجرون أقل من فدان.

هناك تحرك غير مدروس بالنسبة للتكلفة الإنتاجية، والتي يدخل فيها جزء منها الإيجار وجزء منها مستلزمات الإنتاج والزيادة التي تطرأ عليه.
هذه الزيادة الكبيرة في إيجارات الأراضي، معناها أن هناك أعباء كبيرة جدًا سوف تقع على عاتق المزارع خاصة الذي يستأجر مساحات قليلة من الأوقاف.
هل حدث تواصل بينكم وبين وزارة الأوقاف؟
بالفعل، قمنا بعمل دراسة وحاولنا بقدر الإمكان التواصل مع وزارة الأوقاف وعقدنا مع ممثلها اجتماعًا وسوف يكون هناك اجتماع آخر مع بداية العام الجديد.
عقدنا كذلك جلسة مع أعضاء اللجنة وجميعهم أجمعوا أن هناك تحريك للإيجارات بشكل غير عادي وهذا سوف ينعكس أثره بشكل سلبي على دخول المستأجرين من الأوقاف؛ ومن ثم سيكون هناك تأثير سلبي على مستوى معيشته. ومعظم النواب أكدوا على ضرورة أن يكون هناك زيادة تدريجية وليست مفاجئة.
ما قانونية تلك الزيادة؟
هناك قانون صدر من حوالي 20 عامًا استثنى أراضي الأوقاف من الزيادة المضطردة في الإيجارات وهذا القانون خط دفاع للمزارع ضد تلك الزيادة. لأن تحرير الإيجارات الزراعية بدأ في نهاية التسعينيات، وكان من المفترض أن تكون عقود الإيجار لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد. لكن القانون استثنى بعض المؤجرين، مثل أراضي وزارة الأوقاف والإصلاح الزراعي، مراعاة للظروف الاجتماعية لصغار المزارعين، لضمان استمرارهم في الزراعة دون تحميلهم أعباء مالية إضافية لكن حصلت الزيادة من الوزارة بهذا الشكل الكبير.

لابد أن يكون هناك مراعاة لمن يستأجر مساحات صغيرة على عكس من يستأجر مساحات كبيرة “المستثمرين” لأن تأثير الارتفاع سيكون قوي على مستوى دخول المزارعين الصغار.
ما رؤيتكم كلجنة لزيادة إيجار أراضي الوقف؟
نحن لسنا ضد الزيادة لكن يجب أن تكون معقولة وتتناسب مع زيادة أسعار النواتج النهائية لأن معروف المزارع لا يزرع محاصيل تصديرية ولكن يزرع محاصيل استراتيجية أو تقليدية وبالتالي الارتفاع في أسعار مثل هذه المحاصيل أقل بكثير من الارتفاع الذي طرأ على مستلزمات الإنتاج وكذلك الارتفاع المهول الذي طرأ على الإيجار.
نؤكد مرة أخرى أننا لسنا ضد الزيادة، لأننا نعلم أن وزارة الأوقاف تعمل على زيادة مداخلها لإنفاقها أيضًا على أوحه الخير لكن لابد أن يكون هناك جانب اقتصادي وآخر اجتماعي عند اتخاذ القرار.
اللجنة أمامها خلال دور الانعقاد الأول لمجلس الشيوخ ملفات عديدة على رأسها قانون التعاونيات الذي أعلنت الحكومة نيتها إدخال تعديلات عليه.. ما رؤيتكم بشأن هذا القانون؟
القانون لم يأت من الحكومة أو مجلس النواب حتى الآن، لكن بمجرد وصوله، سوف تناقش اللجنة تلك التعديلات وتقدم دراسة بشأنها خلال عملها. تعديل قانون التعاونيات يمثل ضرورة ملحة لدعم الفلاح والقطاع الزراعي، مضيفًا أن الهدف الأساس من تلك التعديلات هو أن تعود التعاونيات للدور الذي أنشئت من أجله.

والهدف الذي أنشئت من أجله التعاونيات هو إعطاء صغار المزارعين القوة في التفاوض والقوة في تسويق محاصيلهم وتوزيع الأسمدة بشكل عادل يراعي أحوال المزارعين.
لكن للأسف هذا الكلام ليس موجود حاليًا.. كل تركيز التعاونيات على الأمور التجارية والمتعلقة بالأسمدة ...لذلك نرى ضرورة تعديل هذا القانون خاصة لصغار المزارعين.
كنت رئيسًا سابقًا للبنك الزراعي.. هل ترى أن البنك يقوم بدوره؟.. وإذا كان ذلك غير قائم.. فما السبب في ذلك؟
البنك الزراعي خرج في الآونة الأخيرة عن كونه بنك داعم للتنمية الزراعية والقطاع الزراعي. ونحن في اللجنة نضع ضمن أولويتنا أن يعود البنك لهدفه الأساسي الذي تأسس من أجله وهو دعم التنمية للقطاع الزراعي سواء المزارعين في الأراضي القديمة أو للمستثمريين.
البنك الزراعي مهم جدًا لإقراض المزارعين مع التأكيد والعمل على ضرورة ألا يتغير المسار الأساسى والهدف الذى أنشئ من خلاله البنك.
ترى أن تحقيق الاكتفاء الذاتي غاية قصوة.. كيف تدعم الحكومة من وجهة نظركم هذا الملف؟
هناك مجموعة من الأمور يجب التركيز عليها والدفع بها، لأنها تساعد الزراعة المصرية في تسريع وتيرة معدلات النمو في جانب الإنتاج بهدف رفع نسب الإكتفاء الذاتي من الحاصلات وفي نفس الوقت تحقيق لهدف يطلق عليه “الأمن الغذائي” وهو جزء من أمن مصر القومي.

من هذه الأمور والتي ستعمل عليها اللجنة، هي دراسة ملف التوسع الأفقي الذي أنجزت فيه مصر خطوات جرئية وقوية جدًا ضمن المشروعات القومية الكبرى على مدار العقد السابق.
كذلك الأمر بالنسبة للزراعات التعقادية فهي مهمة جدا وسنبدأ بدراستها ونقوم بعمل مناقشات فيها. ومن هنا ندعو إلى طرح فكرة الاستفادة من الميزة النسبية لبعض المحاصيل لأنه قد لا نستطيع تحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل، لكن يمكننا زراعة محاصيل تصديرية تدر عملة أجنبية تمكننا من استيراد ما نحتاجه.

كما سندعو إلى معالجة بعض الأمور مثل إلغاء الدورة الزراعية لأنها كان لها آثار سلبية كبيرة على القطاع.