رصد متابعو الائتلاف المصري لحقوق الإنسان والتنمية، مع دخول جولة الإعادة يومها الثاني والأخير في الدوائر الملغاة بقرار من الهيئة الوطنية للانتخابات، تحول المشهد الانتخابي بشكل واضح من مرحلة الحشد الكمي واستعراض القوة العددية إلى مرحلة الحسابات الدقيقة للعائد التصويتي وإدارة الفارق، في مؤشر يعكس اقتراب لحظة الحسم وتبلور موازين القوى على الأرض.
وأظهرت المتابعات الميدانية في عدد من الدوائر التنافسية والساخنة، من بينها دوائر أبو حمص، الفيوم، طهطا، أخميم، قوص، نجع حمادي، والفتح، أن حملات المرشحين أعادت ضبط استراتيجياتها مع تقدم ساعات اليوم الثاني، بالاعتماد على ما يمكن وصفه بـ«الحشد الانتقائي»، حيث انصب التركيز على ضمان نزول الكتل التصويتية المضمونة التي امتنعت أو ترددت في اليوم الأول، بدلًا من محاولة اجتذاب كتل جديدة واسعة يصعب حشدها في هذه المرحلة المتأخرة.
وسجل المتابعون بروزًا ملحوظًا لظاهرة «التصويت التحصيلي»، خاصة في الدوائر الريفية ومتعددة المقاعد، إذ اتجه قطاع من الناخبين إلى التصويت لصالح المرشح الأقرب للفوز وفق القراءة الواقعية لمؤشرات اليوم الأول، وليس بالضرورة المرشح الأكثر تفضيلًا سياسيًا أو عائليًا، وهو سلوك يعكس حالة من الإرهاق الانتخابي الناتج عن تكرار جولات الإعادة وتراجع الرغبة في المغامرة التصويتية.
ومع اقتراب موعد إغلاق لجان الاقتراع، رُصد تراجع نسبي في الكثافات العامة أمام بعض اللجان، قابله ارتفاع ملحوظ في فعالية التصويت داخلها، حيث فضل الناخبون أداء واجبهم الانتخابي بأقل كلفة زمنية ممكنة، في ظل فتور عام تجاه مظاهر الاستعراض والحشد الجماهيري، بما يؤكد انتقال الناخب من التفاعل الرمزي إلى السلوك العملي المباشر.
وعلى مستوى الانضباط العام، استمرت حالة الالتزام النسبي داخل محيط اللجان الانتخابية، مع غياب شبه كامل للدعاية المخالفة داخل نطاق المراكز، في مقابل استمرار أنماط الحشد غير المباشر في القرى والمربعات السكنية البعيدة عن المقار، دون رصد تدخل مباشر يؤثر على سير العملية التصويتية داخل اللجان.
تراجع حدة الاستقطاب والتوتر بين أنصار المرشحين
كما لوحظ تراجع حدة الاستقطاب والتوتر بين أنصار المرشحين مقارنة بالفترات المماثلة من اليوم الأول، وهو ما يشير إلى دخول القواعد الجهوية والعائلية مرحلة الفرز الذهني المبكر، بعد أن أصبحت اتجاهات الفوز والخسارة أكثر وضوحًا، الأمر الذي حدّ من فرص الاحتكاك دون أن ينهي المنافسة على الأصوات المتبقية.
وأكد الائتلاف المصري لحقوق الإنسان والتنمية أن الساعات الأخيرة من جولة الإعادة تمثل العامل الحاسم في عدد من الدوائر التي لا تزال مفتوحة على كل الاحتمالات، مشددًا على أن الفيصل الحقيقي في هذه المرحلة لن يكون حجم الحشد الظاهر أو كثافة المشهد الخارجي، بل قدرة كل مرشح على إدارة اللحظات الأخيرة بكفاءة تنظيمية وتحويل الشعبية الكامنة إلى أصوات فعلية داخل صناديق الاقتراع.

