بالصور.. اليوم ذكرى بدء إنشاء الجامع الأزهر.. قصة مسجد شيعي تحول إلى جامعة للمذهب السني

- الجامع الأزهر يعد من أهم المساجد في مصر وأشهرها في العالم الإسلامي.
- بدأ حاملا راية المذهب الشيعي في العصر الفاطمي ثم تحول إلى منارة لتدريس المذهب السني.
- أول جامع أنشى في القاهرة التي اكتسبت لقب مدينة الألف مئذنة.. وهو أقدم أثر فاطمي قائم بمصر.
- سمي بالجامع الأزهر نسبة إلى فاطمة الزهراء والتي نسب الفاطميون أنفسهم ومسمى دولتهم إليها.
تحل اليوم الرابع من شهر أبريل ذكرى بدء إنشاء أول وأقدم مسجد شيعي بالقاهرة ، فالجامع الأزهر يعد من أهم المساجد في مصر وأشهرها في العالم الإسلامي، فهو بحق جامع وجامعة للعلوم الإسلامية ، بدأ حاملا راية المذهب الشيعي في العصر الفاطمي ثم تحول في العصر المملوكي إلى منارة لتدريس المذهب السني . فكان جامعة إسلامية منذ أكثر من ألف سنة .
يعود إنشاء الجامع الأزهر إلى العهد الفاطمي، حيث وضع جوهر الصقلي حجر الأساس، بأمر من الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، في 14 من رمضان سنة 359 هـ (971م )، وافتتح للصلاة لأول مرة في 7 من رمضان سنة 361 هـ. فهو بذلك أول جامع أنشى في مدينة القاهرة المدينة التي اكتسبت لقب مدينة الألف مئذنة ، وهو أقدم أثر فاطمي قائم بمصر.
وسمي بالجامع الأزهر نسبة إلى فاطمة الزهراء رضي الله عنها والتي نسب الفاطميون أنفسهم ومسمى دولتهم إليها. وقد كان الغرض من إنشائه في بداية الأمر الدعوة إلى المذهب الشيعي، ثم لم يلبث أن أصبح جامعة يتلقي فيها طلاب العلم مختلف العلوم الدينية والعقلية. ويرجع الفضل في إسباغ الصفة التعليمية علي الأزهر إلي الوزير يعقوب بن كلس ، حيث أشار علي الخليفة العزيز سنة 378 هـ بتحويله إلي معهد للدراسة، بعد أن كان مقصورا علي العبادات الدينية، ونشر الدعوة الشيعية.
وقد أقيمت الدراسة فعليا بالجامع الأزهر في أواخر عهد المعز لدين الله الفاطمي، عندما جلس قاضي القضاة أبو الحسن بن النعمان المغربي سنة 365 هـ (أكتوبر 975م), في أول حلقة علمية تعليمية، ثم توالت حلقات العلم بعد ذلك. وكانت حلقات التدريس هي طريقة وأساس الدراسة بالأزهر، حيث يجلس الأستاذ ليقرأ درسه أمام تلاميذه والمستمعين إليه الذين يتحلقون حوله، كذلك يجلس الفقهاء في المكان المخصص لهم من أروقة الجامع. ولا يتم الاعتراف بالأستاذ ليتولي التدريس إلا بعد أن يجيزه أساتذته ويستأذن من الخليفة. وقد تنوعت حلقات الدراسة بين الفقه، والحديث، والتفسير، واللغة، وغيرها من العلوم الشرعية.
ورغم تعطل إقامة الخطبة في الجامع الأزهر حوالي مائة عام منذ عهد صلاح الدين وبداية الدولة الأيوبية, إلا أن هناك دلائل تشير إلي استمرار الدروس به علي فترات متقطعة.
ويعتبر الجامع الأزهر ثاني أقدم جامعة قائمة بشكل مستمر في العالم الإسلامي بعد جامعة القرويين بتونس . وفي العصر الحديث تعد جامعة الأزهر أول جامعة قائمة في العالم الإسلامي لتدريس المذهب السني والشريعة الإسلامية والفقه والسيرة النبوية.
في العصر الأيوبي مر الجامع بمرحلة طويلة من الإهمال ، حيث اعتبره صلاح الدين الأيوبي والسلاطين الأيوبيون السنيين الذي أتو من بعده مؤسسة لنشر المذهب الشيعي الإسماعيلي ، فتجنبوا الاهتمام بالأزهر والصلاة به على مدى تاريخ حكمهم ، وقد تم إزالة مكانته باعتباره مسجد شيعي وحرمان رواتب للطلبة والمدرسين في مدرسة الجامع.
وفي عصر سلاطين المماليك ، بلغ الاهتمام بالجامع الأزهر ذروته ، فتم تحويله إلى مدرسة للمذهب السني وصارت تلقى به الدروس ، وعكست عمارة الجامع مدى اهتمام سلاطين المماليك به ، وكان ذلك بمنزلة العصر الذهبي للأزهر. إذ قام العديد من السلاطين بأعمال توسعات وتجديدات للجامع.
كان بناء الجامع في البداية خلال العصر الفاطمي على مساحة 85 متر × 69 متر، ويتوسطه فناء أوسط . وكانت ظلة القبلة من 5 أروقة فقط ، واستخدم في بناء السقف أعمدة رخامية أعيد استخدامها بعد نزعها من منشئات قديمة مهجورة ترجع لعصور مختلفة، وتظهر زخارف تيجان الأعمدة فنون عصور مختلفة من العمارة العباسية والقبطية والبيزنطية.
وقد أضيفت زيادات على ساحة الصلاة بالمسجد خلال عصر الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله ، كما زين الفناء الداخلي بزخارف من الجص ، أضيفت عليها كتابات من النصوص القرآنية خلال فترة لاحقة من العصر الفاطمي. وفي عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله تم تركيب باب خشبي جديد ومحراب خشبي جديد .
وفي العصر المملوكي تم بناء قبة ومئذنة لتغطية المدرسة الأقبغاوية، التي تحتوي على قبر أمير أقبغا عبد الواحد. وتعود تسمية المدرسة الأقبغاوية لمؤسسها، أقبغا عبد الواحد، لتكون مسجدا قائمة بذاته ومدرسة، وقد أصبحت المدرسة متكاملة مع بقية المسجد،. وقد تم تجديد مدخل المدرسة وجدار القبلة والفسيفساء والمحراب في الفترة العثمانية.
كما بنيت المدرسة الجوهرية في العصر المملوكي والتي تحتوي على قبر الأمير جوهر القنقبائي، الذي كان يشغل منصب الخازندار (المشرف على خزائن الأموال السلطانية) أثناء حكم السلطان المملوكي الأشرف سيف الدين برسباي، وكانت أرضية المدرسة من الرخام، والجدران تصطف مع الخزائن، وتم تزيين المطعمة مع خشب الأبنوس والعاج والصدف، وتم تغطية حجرة قبر بواسطة قبة صغيرة مزخرفة.
كما شهد الجامع الأزهر إضافة جديدة في العصر المملوكي ، حيث تم بناء المدرسة الطيبرسية، التي تحتوي على قبر الأمير علاء الدين طيبرس، وقد بنيت أصلا لتعمل كمسجد مكمل للأزهر ، ومنذ ذلك الحين تم دمجها مع بقية المسجد لتدريس المذاهب المالكية والشافعية في هذه المدرسة ، وتستخدم المدرسة الآن للاحتفاظ بالمخطوطات التراثية الخاصة بمكتبة جامعة الأزهر الشريف. وقد أعيد بناء المدرسة بالكامل في عهد عبد الرحمن كتخدا، ولم يتبقى سوى الجدار الجنوبي الشرقي والمحراب القطع الوحيدة الأصلية الباقية من عهد الأمير علاء الدين طيبرس.
ومن أبرز الإضافات خلال العصر العثماني مئذنة كتخدا التي بنيت أعلى المدرسة الأقبغاوية.
ويضم الجامع مئذنة قايتباي التي بنيت في عام 1483، على شكل عمود أسطواني . ويعتقد أن المئذنة أقيمت في منطقة من مئذنة الطوب الفاطمية في عهد سابق، التي أعيد بناؤها عدة مرات. والثانية هي مئذنة الغوري ، التي بنيت المئذنة مزدوجة الرؤوس في عام 1509 في عهد قنصوة الغوري.
وفي العصر العثماني طرأت على الجامع عدة تجديدات وتوسعات ، كان أبرزها إضافات وترميمات عبد الرحمن كتخدا الذي ضاعف تقريبا حجم المسجد،وأضاف ثلاث بوابات و عدة أروقة. ومن أهم الأبواب التي أضافها للجامع ، باب المزينين ، هو أكبر وأهم الأبواب الثمانية للجامع الأزهر وهو المدخل الرئيسي للجامع , وسمي بهذا الاسم نسبة للمزينين الذين كانوا يجلسون أمامه من أجل حلق رؤوس الطلاب .
لا يزال الأزهر إلى اليوم مؤسسة لها تأثير عميق في المجتمع المصري ورمزاً من رموز مصر الإسلامية. ويعد منصب شيخ الأزهر هو أعلى مركز في هيكل إدارة الجامع ،وقد كان النظام المتبع أن ينتخب من بين كبار العلماء، وقد أنشئ منصب شيخ الجامع الأزهر في عهد الحكم العثماني ليتولى رئاسة علمائه، ويشرف على شئونه الإدارية، ويحافظ على الأمن والنظام بالأزهر.